كشف تقرير جديد أن كبار منتجي البلاستيك دافعوا عن "إعادة التدوير المتقدمة" كحل لأزمة النفايات البلاستيكية على الرغم من علمهم لسنوات أن هذا ليس حلا ممكنا من الناحية الفنية أو الاقتصادية.
وحسب التقرير الصادر عن مركز سلامة المناخ (CCI) تظهر الوثائق الداخلية والبيانات السابقة أن الشركات كانت على دراية بالتكاليف المرتفعة والتلوث والعيوب والمشاكل التكنولوجية لتقنية التدوير لعقود من الزمن، ولكنها استمرت في الدفع بسردية الابتكار.
ويشير مصطلح إعادة التدوير المتقدم، المعروف أيضا بإعادة التدوير الكيميائي، إلى مجموعة متنوعة من العمليات المستخدمة لتفكيك البلاستيك إلى جزيئاته المكونة. وقد روّجت الصناعة لهذه التقنيات بشكل متزايد، مع تزايد القلق العام بشأن الآثار البيئية والصحية لتلوث البلاستيك.
وقال ديفيس ألين، الباحث الاستقصائي ومؤلف التقرير: "تصوّر الشركات الأمر على أنه رائع، وأنه أمرٌ ينبغي علينا السعي لتحقيقه. لكنهم كانوا يدركون المشاكل والقيود"، ويضيف أن "النظام البيئي للمعلومات حول إعادة التدوير المتقدمة تهيمن عليه الصناعة نفسها بشكل كامل".
وتعد إعادة تدوير البلاستيك عملية كيميائية معقدة. فلكل نوع من البلاستيك خصائصه الفريدة، تنشأ مشاكل في التوافق، مما يجعل إعادة التدوير مكلفة وغير فعالة، كما ورد في التقرير.
إعلان
وغالبا ما تكون جودة البلاستيك المعاد تدويره منخفضة جدا بحيث لا يمكن إعادة استخدامه في منتجات مماثلة، لكن هذا لم يمنع "صناعة البلاستيك" من الترويج لإعادة التدوير كحل منذ ثمانينيات القرن الماضي.
ويشير التقرير أيضا إلى مشكلة أخرى لا تعالجها "صناعة البلاستيك" علنا في كثير من الأحيان، وهي التلوث الناتج عن عمليات إعادة التدوير المتقدمة.
فرغم تصنيفها لأسلوب إعادة التدوير المتقدمة كحلٍ صديق للبيئة، يشير التقرير إلى أن هذه العمليات تُصدر ملوثات سامة تُسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويقول التقرير كذلك إن شركات صناعة البلاستيك تعترف بهذه الحقيقة داخليا، مشيرا إلى تقرير صدر عام 2024 عن شركة الاستشارات "رولاند بيرغر" والذي تناول البصمة الكربونية "الكبيرة" لإعادة التدوير المتقدمة.
كما حصل ذلك -وفق التقرير- خلال عرض تقديمي للصناعة عام 2023 من شركة الهندسة "إيه إم آي كونسيلتينغ" والذي ذكر فيه أن التأثيرات البيئية للتكنولوجيات "يجب أن تؤخذ على محمل الجد".
شكوك ومخاوف
يحذر ناشطون بيئيون من أن وعود تقنيات إعادة التدوير الجديدة تحاكي تلك التي قُدّمت قبل 30 عاما. ولا تزال قصة هذه الصناعة على حالها، إذ تحثّ المجتمع على إعادة التدوير بدلا من معالجة السبب الجذري لتلوث البلاستيك.
من جهته، فنّد المجلس الكيميائي الأميركي ادعاءات التقرير، مُعتبرا إياها قديمة ومجادلا بأن جهودا حقيقية تبذل لتحسين إعادة التدوير وجعل البلاستيك أكثر استدامة.
وقال ماثيو كاستنر، المتحدث باسم المجلس الكيميائي الأميركي -وهي أكبر مجموعة تجارية كيميائية في الولايات المتحدة- والتي تمثل منتجي البلاستيك: "يبدو أن الجماعات الناشطة التي تدعي أن إعادة التدوير المتقدمة "ليست حقيقية" تتجاهل العلم والابتكار والنتائج القابلة للقياس.
إعلان
وأضاف -وفق ما ورد في صحيفة غارديان البريطانية- أن "التقارير المبنية على بيانات انتقائية وأجندات مناهضة للبلاستيك لا تفعل شيئا لتعزيز التقدم البيئي الحقيقي".
لكن التقرير يقول إن أحد المستشارين في مؤتمر عقد عام 2023 برعاية مجموعة التجارة التابعة للمجلس الكيميائي الأميركي قال إن "مخاوف منتقدي الصناعة مبررة في كثير من الحالات".
تشير التقديرات إلى أن إنتاج البلاستيك العالمي قد يتضاعف 3 مرات بحلول عام 2050. وتشمل هذه الزيادة المواد ذات الاستخدام الواحد، والتغليف، والمنسوجات، وغيرها، مما يُؤدي إلى موجة عارمة من النفايات البلاستيكية، وإن كانت سامة.
وفي ظل هذه الشكوك حول جدوى التدوير ومدى صداقته للبيئة أو اعتباره حلا جذريا يقول الخبراء إنه ينبغي أن ينتقل التركيز من إعادة التدوير إلى إستراتيجية أكثر شمولية تقوم على:
– التقليل من إنتاج البلاستيك ومنح الأولوية لخيارات التغليف المستدامة والقابلة للتحلل والكمية الكبيرة.
-إعادة الاستخدام وإطالة عمر المنتجات والإصلاح والترميم.
-إعادة التدوير، ولكن دون الاعتماد عليها وحدها كحل.
وحسب الخبراء فإنه إلى أن تُطبّق الحكومات لوائح صارمة، وتتوقف الصناعات عن إغراق السوق بمنتجات غير قابلة لإعادة التدوير، سيظل البلاستيك خطرا محدقا على البيئة والمناخ والبشر.
0 تعليق