يعرف اختصارا بـ"آي بي سي"، وهو مبادرة عالمية مبتكرة متعددة الأطراف، وإطار تحليلي عالمي يستخدم لتصنيف حدة وشدة انعدام الأمن الغذائي الحاد والمزمن وسوء التغذية بطريقة منهجية وموحّدة وفقا للمعايير المعترف بها دوليا، ووصفه برنامج الأغذية العالمي بـ"مقياس ريختر للجوع".
تهدف المبادرة إلى تعزيز تحليل الأمن الغذائي والتغذية للتوجيه نحو قرارات دقيقة وفعالة في الأزمات الغذائية، ويعتمد على منظمات عالمية ووكالات أممية وهيئات تنموية وإنسانية تعمل بشكل مشترك على تطوير وتطبيق هذا الإطار عالميا وإقليميا ومحليا.
تأسيس وإطلاق المؤشر
تأسس "إطار التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" عام 2004 على يد وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) من أجل تقييم الوضع الغذائي في الصومال آنذاك.
وكانت معدلات سوء التغذية تتجاوز 30%، وترتفع الوفيات إلى أكثر من حالتين لكل 10 آلاف شخص يوميا، وهو ما اعتبره الخبراء تحذيرا عاجلا من كارثة إنسانية تتطلب استجابة فورية وشاملة لإنقاذ الأرواح.
وجاء التأسيس أيضا نتيجة الحاجة الماسة عالميا لاستجابة طارئة إلى إطار موحّد لتحليل وتصنيف شدة انعدام الأمن الغذائي، خاصة في الأوضاع المعقدة الناتجة عن النزاعات والكوارث في دول عدة حول العالم.

إدارة التصنيف
يدار التصنيف على المستوى الوطني، عبر مجموعات العمل التقنية التي تشكل أساس هيكل الحوكمة للتصنيف، وهي من تتولى تنفيذ العمل، أما على المستوى العالمي، فتديره اللجنة التوجيهية العالمية التي تضم مسؤولين كبارا يمثلون 19 منظمة شريكة ومؤسسة دولية هي:
إعلان
أكشن أغانست هنغر. كير إنترناشيونال. اللجنة الدائمة بين الحكومات لمكافحة التصحر في الساحل. "منظمة الفاو. شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة. الكتلة العالمية للأمن الغذائي. الكتلة العالمية للتغذية. المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية. السلطة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية المعروفة بإيغاد. المركز المشترك للبحث، التابع للمفوضية الأوروبية. لجنة أوكسفام للإغاثة من المجاعة. مجتمع التنمية في جنوب أفريقيا. أنقذوا الأطفال. نظام التكامل في أميركا الوسطى. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف). البنك الدولي. برنامج الأغذية العالمي. منظمة الصحة العالمية.
مقاييس "آي بي سي"
يوفر تصنيف "آي بي سي" مقياسا موحدا لتصنيف شدة وحجم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية الحاد، مما يسهم في تعزيز دقة وشفافية وملاءمة تحليلات الأمن الغذائي والتغذية -وقابليتها للمقارنة- لصناع القرار.
وهناك بروتوكولات رئيسية يعتمد عليها التصنيف في جمع البيانات وتحديد المعايير، وهي المقاييس الثلاثة التالية:
التصنيف المرحلي المتكامل لانعدام الأمن الغذائي الحاد. التصنيف المرحلي المتكامل لانعدام الأمن الغذائي المزمن. التصنيف المرحلي المتكامل لسوء التغذية الحاد.المجاعة: مؤشرات المجاعة
وينقسم التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في المناطق المستهدفة إلى 5 درجات، وهي:
المرحلة الأولى: آمنة غذائياوفي هذه المرحلة تكون الأسر قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية بشكل كاف دون الحاجة إلى استخدام أساليب تأقلم طارئة، ولا توجد مؤشرات تدعو للقلق بشأن التغذية أو الوفيات، إذ يعد الوضع مستقرا من الناحية الغذائية، ولا يحتاج إلى تدخل إنساني.
المرحلة الثانية: تحت الضغطوفيه تكون الأسر قادرة على تأمين الطعام، لكنها تبدأ بمواجهة صعوبات في تلبية احتياجات أساسية أخرى مثل التعليم أو الصحة. وتضطر بعض الأسر في هذه المرحلة إلى اتباع أساليب تأقلم تؤثر على مواردها على المدى البعيد، مما يعرضها إلى خطر كبير إذا استمرت الظروف في التدهور.
إعلان
المرحلة الثالثة: أزمةوتبدأ الأسر في مواجهة فجوات واضحة في استهلاك الغذاء، وقد لا تحصل على الحد الأدنى من احتياجاتها اليومية. وتُجبر بعضها على اتخاذ قرارات صعبة مثل بيع ممتلكاتها أو تقليل كمية ونوعية الطعام بشكل كبير. وتبدأ مؤشرات سوء التغذية في الارتفاع، ويصبح التدخل الإنساني ضروريا لتفادي المزيد من التدهور.
المرحلة الرابعة: طوارئيصبح الوضع أكثر خطورة، وتعاني الأسر من نقص حاد في الغذاء، وتظهر مؤشرات واضحة على تدهور الحالة الصحية مثل ارتفاع سوء التغذية وزيادة عدد الوفيات، وتكون الوسائل المعتادة للتأقلم غير فعالة، ويكون التدخل الفوري الواسع أمرا ضروريا للحفاظ على حياة الناس.
المرحلة الخامسة: كارثة أو مجاعةفي هذه المرحلة تصل المجتمعات إلى حالة الانهيار التام ولا تستطيع الحصول على الغذاء، علما أن أكثر من خُمس سكان العالم يعانون من نقص حاد في الغذاء.
محطات في تصنيف الأمن الغذائي
الصومال 2011أعلنت وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة، بالتعاون مع شبكة الإنذار المبكر المجاعة في الصومال وأجزاء من جنوبها في 20 يوليو/تموز 2011.
وشملت المناطق المتضررة كلا من منطقتي "بلعد" و"عدالة" في محافظة شبيلي الوسطى، ومخيم النازحين في ممر "أفغوي" ومخيمات النازحين في العاصمة مقديشو.
وكان نحو 490 ألف شخص في البلاد يعانون من مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي، نتيجة الصراعات والجفاف وضعف هطول الأمطار.
جنوب السودان 2017أُعلنت المجاعة في أجزاء من جنوب السودان في 20 فبراير/شباط 2017، إذ واجه ما يقرب من 80 ألف شخص ظروف المجاعة (المرحلة الخامسة من التصنيف الدولي) في أجزاء من ولاية الوحدة الواقعة في الجزء الأوسط الشمالي من البلاد، مع تصنيف مليون شخص آخرين في حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة من التصنيف الدولي).
بحلول ذلك الوقت، كانت 3 سنوات من الحرب الأهلية قد دمرت سبل العيش، إلى جانب الاقتصاد المتعثر وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
إعلان
كما أن ولاية الوحدة، التي تقع على الحدود مع السودان، كانت مركزا لأعنف المعارك، مما أجبر عشرات الآلاف من الأشخاص على الفرار من منازلهم.
جنوب السودان 2020في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 توصلت لجنة مراجعة المجاعة إلى أن وحدات إدارية في ولاية "جونقلي"، أبرزها "بيبور" و"ليكوانغولي" و"فيرتيث" كانت تمر بظروف غذائية سيئة.
وتأثرت منطقة بيبور بشكل كبير بالعنف والفيضانات التي دمّرت المنازل والبنية التحتية وضيقت سبل العيش، وتسببت في نزوح واسع وعرقلت الوصول إلى الخدمات الإنسانية.
السودان 2024في يوليو/تموز 2024، أعلنت لجنة المراجعة أن المجاعة كانت سائدة في مخيم زمزم للنازحين، الذي يقع جنوب مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور.
كما عبرت اللجنة عن قلقها بشأن أوضاع النازحين في مناطق أخرى ضمن محيط الفاشر، وقالت إن تلك المناطق يحتمل أن تعاني من الظروف نفسها.
وأشارت اللجنة إلى أن التصاعد المستمر في أعمال العنف بالسودان على مدار أكثر من 15 شهرا، تسبب في تعطيل الجهود الإنسانية بشكل كبير، وهو ما أدى إلى تفاقم الوضع وزيادة تعرض هذه الفئات للمجاعة.
0 تعليق