أكد ملحق الدفاع في السفارة البريطانية لدى البلاد، العقيد الركن البحري نيل ماريوت، أن التعاون البحري بين المملكة المتحدة والكويت يُعد ركيزة أساسية في الشراكة الدفاعية المتينة التي تجمع البلدين، مشيداً في الوقت نفسه بـ «المعايير الاحترافية العالية» التي يتمتع بها ضباط القوة البحرية الكويتية. وأوضح العقيد ماريوت، في حوار خاص أجرته معه «الجريدة» بمناسبة الذكرى الثمانين لـ «يوم النصر في أوروبا»، أن التعاون البحري يشهد نمواً مستمراً، حيث زارت 3 سفن بريطانية الموانئ الكويتية خلال عام واحد فقط، وهو ما يعكس عمق العلاقات بين البحريتين، والرغبة المشتركة في تعزيز القدرات التشغيلية المشتركة. وأشار إلى أن التدريبات البحرية المشتركة تسهم في تعزيز الفهم المتبادل والجاهزية العملياتية، وتمنح الطرفين قدرة أفضل على مواجهة التحديات والتهديدات المشتركة. وقال: «نحن فخورون بشراكتنا مع القوة البحرية الكويتية، ونراها نموذجاً بناءً للتعاون الدفاعي الذي يعزز أمن الخليج والمنطقة بأسرها»... وفيما يلي نص الحوار.
• في الثامن من مايو، حلّت الذكرى الـ 80 ليوم النصر في أوروبا، ما أهمية هذا اليوم بالنسبة للمملكة المتحدة والعالم؟
- يوم النصر في أوروبا يمثل نهاية الحرب العالمية الثانية في القارة الأوروبية. إنه لحظة للتأمل واستذكار شجاعة وتضحيات الملايين من الرجال والنساء الذين فقدوا حياتهم دفاعاً عن الحريات التي ننعم بها اليوم.
كما أنه فرصة للتفكير في أهمية التكاتف وقدرتنا على العمل المشترك لحماية هذه الحريات مستقبلاً، وهو أيضا تذكير لنا بألا نأخذ السلام والحرية كأمر مسلم به، خصوصا في ظل استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا ودخولها عامها الرابع، إلى جانب النزاع المستمر في غزة، لذا يجب أن نظل متّحدين كحلفاء للدفاع عن السلام والحرية حول العالم.
الشراكة مع الكويت
• ما الدور الذي أدتته العلاقات الدفاعية والأمنية في تشكيل شراكة المملكة المتحدة مع الكويت؟ وما آفاق تطويرها مستقبلاً؟
- العلاقات الدفاعية والأمنية كانت ولا تزال في صميم العلاقة بين المملكة المتحدة والكويت لأكثر من قرن، لاسيما خلال حرب تحرير الكويت عام 1991 وما تلاها من دعم بريطاني لتطوير القوات المسلحة الكويتية.
واليوم، نواصل هذا الدعم من خلال تعزيز التعليم العسكري وتأهيل الضباط، إلى جانب تحديث قواتنا المسلحة عبر شراكات استراتيجية ومبادرات لبناء القدرات، وتمثل شراكتنا مع الكويت نموذجا بنّاء لتعزيز أمن المنطقة.
تعاون دفاعي قيد التنفيذ بعد أن تحدد الكويت «القدرات» التي ترغب في الحصول عليها من لندن
• ما الجديد في مسار التعاون الدفاعي بين البلدين؟
- في أغسطس الماضي، تم الاتفاق على آلية للتعاون في مجال التجهيز العسكري بين الحكومتين، تتيح للكويت التعاقد مباشرة مع الصناعات الدفاعية البريطانية للحصول على القدرات التي ترغب فيها، وقد أصبح هذا الإطار جاهزاً للتنفيذ فور تحديد الجانب الكويتي لمتطلباته.
مناورات بحرية
• ما أهداف الزيارات المتكررة لسفن البحرية الملكية البريطانية إلى المياه الكويتية؟ وكيف تُسهم في تعزيز التعاون البحري؟
- بصفتي ضابطا بحريا، يُسعدني دائما أن أرى سفن البحرية الملكية ترسو في الكويت. الزيارة الأخيرة الأسبوع الماضي كانت الثالثة التي أنظمها منذ تولي مهامي كملحق للدفاع.
وهذه الزيارات مهمة لتعزيز علاقاتنا العسكرية وتحقيق الجاهزية المشتركة في مواجهة التهديدات البحرية، كما أنها تعكس التزام المملكة المتحدة بأمن المنطقة وشراكتها مع الكويت.
خلال هذه الزيارات، نُجري تدريبات بحرية مشتركة تشمل مناورات تكتيكية وتدريبات «سلامة الأرواح في البحر» (SOLAS). وقد عبّر قائد السفينة الأخيرة عن إعجابه الشديد بالاحترافية العالية التي أظهرها البحّارة الكويتيون، مشيراً إلى سهولة العمل معهم.
وعند الرسو، نفتح أبواب السفن للبحّارة الكويتيين لزيارتها، في حين ينزل البحّارة البريطانيون إلى الشاطئ للمشاركة في أنشطة رياضية والتعرّف على ثقافة الكويت.
ماريوت: آلية للتعاون في مجال التجهيز العسكري بين حكومتي البلدين
التمارين المشتركة
• ما أهمية التدريبات والتمارين المشتركة مثل «تمرين الدرع الحديدي 2» و»تمرين محارب الصحراء 8»؟
- التدريبات المشتركة ضرورية لتحقيق القدرة التشغيلية المتبادلة. إذا استدعت الحاجة أن يعمل الجيشان معاً، فيجب أن يكونا قادرين على تنفيذ المهام بسرعة وكفاءة.
تمرين «الدرع الحديدي» العام الماضي و«محارب الصحراء» هذا العام يتيحان لوحدات من الجيش البريطاني التدرب في الكويت جنباً إلى جنب مع القوات الكويتية. معظم الجنود البريطانيين المشاركين يأتون من إدنبرة، وهم من الشباب والسيدات الذين لم يغادروا المملكة المتحدة من قبل، ولم يسبق لهم التدريب في بيئة صحراوية، ما يُشكل تحديًا لهم.
الهدف هو فهم آليات عمل الجيش الكويتي وتعزيز التعاون، حيث شملت هذه التمارين استخدام الطائرات المسيّرة في المناطق المبنية التكتيكية، ما يُعزز قدرة الجانبين على تنفيذ المهام المشتركة عند الحاجة، ومثل هذه التمارين تُقوي الشراكة وتُعزز أمن واستقرار المنطقة.
• تزايد عدد الضباط الكويتيين الذين يتلقون تعليمهم العسكري في المملكة المتحدة... ما أهمية هذا التعاون لكم؟ وكيف يسهم في تطوير الكوادر الكويتية؟
-بعد مرور عامي الأول كملحق الدفاع في الكويت، أدركت أن التعليم العسكري يُعد أحد أعمدة العلاقة الثنائية القوية بين البلدين، والمملكة المتحدة ملتزمة بدعم تدريب القوات المسلحة الكويتية وقياداتها المستقبلية.
حاليًا، يشارك أكثر من 100 ضابط كويتي سنويا في دورات عسكرية مهنية في المملكة المتحدة، ومن المتوقع أن تزور نحو 30 بعثة تدريبية بريطانية الكويت هذا العام لتقديم الدعم في مجالات مثل العقيدة العسكرية، والعمليات في المناطق المبنية وإدارة الأزمات.
كما يدرّس عدد كبير من الضباط البريطانيين في دورة القيادة والأركان بكلية مبارك العبدالله للقيادة والأركان المشتركة، ويسهم اعتماد العقيدة البريطانية في هذه الدورات في تسهيل التعاون المستقبلي.
100 ضابط كويتي يشاركون في دورات عسكرية بالمملكة سنوياً
• كيف تقيّم أداء القوات البحرية الكويتية؟
- قائد السفينة البريطانية التي أبحرت مؤخراً مع القوات البحرية الكويتية أشاد كثيراً بمستوى الاحترافية التي تتمتع بها القوة البحرية الكويتية، وهذه ليست المرة الأولى التي نسمع فيها إشادة مماثلة خلال الأنشطة المشتركة في البحر.
ماريوت بدأ خدمته عام 1991 وسيختتمها في الكويت
يُعرف الملحق العسكري والدفاعي البريطاني بنفسه قائلا: «اسمي نيل ماريوت، وأشغل حاليا رتبة كابتن في البحرية الملكية».
وأضاف: «التحقت بالبحرية عام 1991 بهدف أن أصبح غواصا متخصصا في إزالة الألغام، وحققت هذا الهدف في 1995»، مستطرداً: «واصلت خدمتي لاكتساب المزيد من الخبرة في السفن والمهمات حول العالم. قضيت نحو 20 عاما في مهام عملياتية، ثم انتقلت للعمل في مجال التعاون الدفاعي خلال الـ13 أو 14 سنة الماضية».
وأشار إلى أن أول مهمة له في هذا المجال كانت في باريس، حيث التحق بدورة قيادة وأركان في «كلية الحرب»، ثم عمل مستشاراً للسياسات والاستراتيجيات لرئيس البحرية الفرنسية لمدة عامين، مردفا: بعد ذلك، شغل منصب الملحق البحري والجوي في كندا مدة أربع سنوات، ثم انتقل إلى لندن، ومن هناك جاء إلى الكويت كملحق دفاعي.
ماريوت: من المتوقع أن تزور نحو 30 بعثة تدريبية بريطانية الكويت هذا العام
وتابع: «كنت سعيدا جدا بالقدوم إلى الكويت، التي قد تكون آخر محطة في مسيرتي بالبحرية الملكية».
ولفت إلى أنه «في عام 2008، كنت رئيس أركان وحدة مكافحة الألغام، حيث عملنا على إزالة الألغام من المياه الإقليمية الكويتية، والتي كانت لاتزال موجودة منذ الصراعات مع العراق».
وأردف: «لقد كانت مسيرتي المهنية غنية ومتنوعة، فقد قدتُ قيادة سفينتين، كما ترأست سرباً لمكافحة الألغام في البحرين عام 2013، ومع أن النهاية باتت قريبة، فإنني سعيد بأنها ستكون هنا في الكويت، هذا البلد الجميل».
والد ماريوت عمل بالكويت عام 1976 ويتمنى أن يعمل ابنه فيها
قال ماريوت: «أول وظيفة لوالدي في الخارج كانت هنا في الكويت عام 1976». وتابع: «لم يكن والدي عسكرياً، بل كان مهندساً ساهم في بناء الموانئ والطرق في الكويت خلال السبعينيات».
وعن إمكانية أن نرى ابنه يسير على خطاه ويعمل في الكويت، قال: «سيكون ذلك أمرا رائعا، فهو يحب زيارة الكويت ويستمتع بطقسها، وآمل أن يكون مستقبله هنا».
0 تعليق