عاجل

الهيدروجين العُماني ممر أخضر يعبر البحار إلى قلب أوروبا - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

مسقط – في خطوة تعيد رسم خريطة الطاقة المتجددة عالميا وقّعت سلطنة عمان منتصف الشهر الماضي اتفاقية إستراتيجية مع مملكة هولندا لإنشاء أول ممر تجاري عالمي لتصدير الهيدروجين الأخضر المسال، انطلاقا من ميناء الدقم العُماني إلى ميناء أمستردام الهولندي، ثم إلى مراكز صناعية ألمانية كبرى، ومنها إلى باقي الدول الأوروبية.

ويمثل هذا المشروع الطموح نقلة نوعية في علاقات الطاقة الدولية، وتجسيدا عمليا لرؤية سلطنة عمان نحو الريادة في الاقتصاد الأخضر عالميا، وفق مراقبين.

معالم المشروع

وجاء توقيع الاتفاقية خلال الزيارة الرسمية التي أجراها السلطان هيثم بن طارق إلى أوروبا، وتحديدا إلى مملكة هولندا، مستهدفا تأسيس ممر مباشر لنقل الهيدروجين الأخضر المسال بما يتوافق مع معايير الاتحاد الأوروبي (آر إف إن بي أو).

وتبلورت هذه المبادرة عبر شراكة إستراتيجية جمعت بين القطاعين العام والخاص في سلطنة عمان، إلى جانب كبرى الشركات الأوروبية المتخصصة في مجال الطاقة والنقل.

وتشمل قائمة المشاركين من سلطنة عمان شركة "هايدروم" المنسقة الوطنية لإستراتيجية الهيدروجين الأخضر، ومجموعة "أوكيو" المطورة الرئيسية لمحطة التسييل والتخزين، وميناء الدقم، في حين تشمل الجهات الأوروبية شركات مثل "إيكولوغ ورويال فوباك" وميناء أمستردام ومراكز "آر إف إن بي أو" التابعة للاتحاد الأوروبي للوقود المتجدد.

أول ممر تجاري لتصدير الهيدروجين المسال في العالم (وكالة الأنباء العمانية)
الاتفاقية مع هولندا تأسس ممر لنقل الهيدروجين الأخضر المسال بما يتوافق مع معايير الاتحاد الأوروبي (وكالة الأنباء العمانية)

من الإنتاج إلى التوزيع

الإنتاج: يجري تطويره في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم عبر مشاريع طاقة متجددة واسعة النطاق. النقل: يتم بواسطة سفن متخصصة مجهزة بتقنيات متقدمة لنقل الهيدروجين في صورته المسالة، وتقوم بتطويرها شركة "إيكولوغ". التحويل: يحوّل الهيدروجين من حالته السائلة إلى الغازية في ميناء أمستردام. التوزيع: يُنقل عبر شبكات الغاز والسكك الحديدية والممرات المائية إلى مراكز الاستهلاك الأوروبية.

إعلان

وتخطط سلطنة عمان لتصدير أول شحنة من الهيدروجين الأخضر في عام 2029 تزامنا مع اكتمال البنية الأساسية للمشروع على ضفتي الممر.

ووصف وزير الطاقة والمعادن المهندس سالم بن ناصر العوفي المشروع بكونه "نقطة تحول إستراتيجية لبناء اقتصاد قائم على الهيدروجين"، مؤكدا أن سلطنة عمان تسعى إلى تحقيق تكامل بين الإنتاج والتصدير.

بدورها، قالت وزيرة المناخ والنمو الأخضر في مملكة هولندا صوفي هيرمانز إن هذه الاتفاقية تمثل محطة مهمة في مسيرة التعاون بين سلطنة عمان ومملكة هولندا في مجالات الطاقة النظيفة، إذ يسهم هذا المشروع في ربط إنتاج الهيدروجين الأخضر العُماني بالأسواق الأوروبية، مما يدعم التوجهات الإستراتيجية نحو تنويع مصادر الطاقة وتعزيز أمنها على المدى البعيد.

وأكدت هيرمانز أن قطاع الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان يشهد تطورا ملحوظا وفق منهج سليم، مما يجعله من بين القطاعات ذات الإطار التنظيمي الذي يثبت يوما بعد يوم استمرار جاذبيته لاستقطاب الاستثمارات وتكوين الشراكات على مستوى العالم.

وذكرت أنه تم منح عقود لتنفيذ مشاريع الهيدروجين الأخضر لتحالفات تضم 22 شركة عالمية بدأت في تنفيذ الأعمال التطويرية في محافظتي الوسطى وظفار بسلطنة عمان.

من جهتها، اعتبرت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) سلطنة عمان نموذجا ملهما للتنمية المستدامة في الخليج، مشيدة برؤية السلطنة الطموحة للتحول الطاقي.

بوابة عُمان إلى مستقبل الطاقة النظيفة

ويمثل هذا المشروع تتويجا لجهود سلطنة عمان المتواصلة في التحول نحو الاقتصاد الأخضر ضمن إطار "رؤية عُمان 2040" التي تركز على التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، وفق مراقبين.

وأطلقت سلطنة عمان عددا من المبادرات لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر، كان أبرزها تأسيس شركة "هايدروم" في عام 2022، كمؤسسة وطنية معنية بتخطيط وتنفيذ إستراتيجية الهيدروجين الأخضر، وطرحها لجولات استثمارية كبرى في عام 2023 جذبت تحالفات دولية للعمل في عُمان.

إعلان

وتسعى "هايدروم" إلى تخصيص أكثر من 50 ألف كيلومتر مربع من الأراضي لمشاريع الهيدروجين، مما يضع سلطنة عمان في مقدمة الدول عالميا من حيث حجم الأراضي المخصصة لهذا القطاع الحيوي.

وقال المحلل الاقتصادي العُماني خلفان الطوقي، للجزيرة نت، إن سلطنة عُمان تسير بخطى واثقة نحو الريادة العالمية في صناعة الهيدروجين الأخضر، مشيرًا إلى أن "مجرد التقدّم والتموضع المبكر في هذه التقنية الواعدة يضع عُمان على خارطة الطاقة العالمية، ليس فقط كمنتِج بل كمركز استراتيجي وملتقى لوجستي لصناعة الهيدروجين".

وأضاف الطوقي أن ما يميز الدور العُماني المرتقب لا يقتصر على تصدير الهيدروجين المنتج محليًا، بل يتعدّاه إلى لعب دور الممرّ الحيوي للهيدروجين القادم من دول أخرى، "وهو ما يمنح السلطنة ميزة تنافسية نادرة في مجالات البنية التحتية والطاقة والخدمات".

وأكد أن هذه الخطوة تُعد نقلة اقتصادية نوعية، إذ من المتوقع أن "تُوفّر مصدر دخل مستدامًا للخزينة العامة، وتُسهم بشكل مباشر في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي".

وأكد الطوقي على أن المشروع لا يعني فقط تصدير الطاقة، بل يشكّل منصة لتحولات أكبر، من بينها "نقل التكنولوجيا، وفتح مسارات توظيف جديدة للعمانيين، وتطوير تخصصات علمية وفنية متقدمة، إلى جانب برامج تدريب وتأهيل وطني تُهيّئ الكفاءات المحلية للاندماج في مستقبل الطاقة العالمي".

طاقة الهيدروجين: مواد جديدة تخزن الطاقة النظيفة وتنقلها
المشروع يمثل تتويجا لجهود سلطنة عمان المتواصلة في التحول نحو الاقتصاد الأخضر (شترستوك)

آفاق واعدة

وبحسب التقرير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة بعنوان "الهيدروجين المتجدد من عُمان"، فإن الاستثمارات المتوقعة في قطاع الهيدروجين قد تتجاوز 140 مليار دولار بحلول عام 2050، في حين يتوقع أن يصل حجم الإنتاج السنوي إلى 3.75 ملايين طن، أي ما يعادل 8% من حجم السوق العالمية المستهدفة.

إعلان

وتسير سلطنة عمان بخطى واثقة نحو تطوير البنية التحتية الملائمة، من خطوط أنابيب ومحطات تسييل وتخزين، إلى موانئ تصدير متقدمة مثل ميناء الدقم الذي يتمتع بموقع إستراتيجي يربط الأسواق الآسيوية بالأوروبية.

ولم يقتصر الطموح على اتفاقية واحدة، بل أعلنت السلطنة في وقت سابق عن سلسلة من المبادرات الإضافية، منها:

توقيع العديد من اتفاقيات الامتياز لمشاريع الهيدروجين الأخضر بالتعاون مع شركاء من أوروبا وآسيا. تطوير منصة رقمية وطنية (غد) تنظم عمليات الإنتاج والتصدير وتربط المستثمرين محليا ودوليا.

وتسعى سلطنة عُمان إلى تحويل المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم إلى مركز عالمي لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر عبر تطوير بنية صناعية متكاملة تشمل:

تصنيع المعدات والتقنيات المرتبطة بالهيدروجين. إنتاج الأمونيا والميثانول الأخضرين. إنشاء مراكز أبحاث وتطوير متقدمة لدعم الابتكار المحلي.

وتأمل السلطنة أن تسهم هذه المشروعات في توفير آلاف فرص العمل، وتعزيز سلاسل التوريد المحلية والعالمية، وترسيخ موقعها كمركز إقليمي للطاقة النظيفة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق