دير رافات قرية فلسطينية مهجرة من قضاء القدس وتقع على بعد 25 كيلومترا من مدينة القدس. اجتاحها الجيش الإسرائيلي يومي 17 و18 يوليو/تموز 1948، في أثناء المرحلة الثانية من عملية داني، التي نفذها الاحتلال آنذاك.
وتذكر المصادر الإسرائيلية أن القرية سقطت في قبضة وحدات من لواء هرئيل في نهاية العملية.
الموقع
تقع قرية رافات في أقصى الغرب من قضاء القدس، وتوجد على بعد 25 كيلومترا من مدينة القدس، وهي إحدى قرى وادي الصرار وقريبة من منطقة باب الوادي، على حدود قضاء الرملة.
تقع القرية على سفح جبل من نهاية سلسلة جبال القدس الغربية، وتربطها بالقرى المجاورة طرق غير معبدة، خصوصا قرى صرعة وإشوع وخربة اسم الله ودير أبان، ومتوسط ارتفاع أراضيها عن سطح البحر 300 متر تقريبا.
تحدها من الشمال قرى قضاء الرملة، وهي خربة اسم الله وبيت جيز وخربة بيت فار، ومن الشمال الغربي خربة بيت فار ومن الجنوب الغربي قرية البريج ومن الجنوب قرية دير أبان ومن الشرق قرية صرعة.
أُسست مدرسة مشتركة عام 1944 لقرى إشوع وعرتوف وعسلين وصرعة، وكان يطلق عليها اسم مدرسة إشوع الأميرية، وكان أبناء دير رافات يدرسون فيها حتى الصف السابع.

السكان
كانت دير رافات قرية صغيرة في أواخر عهد الدولة العثمانية، وكان عدد سكانها 35 نسمة وبيوتها المعمورة 12.
وفي عام 1931 وصل عدد أهالي رافات إلى 320 نسمة، منهم الخوارنة والرهبان وعمال الدير، ومنهم 252 مسلمون و68 مسيحيون، وكان للأهالي 69 بيتا معمورا.
إعلان
وفي عام النكبة 1948، قُدر عددهم بـ499 نسمة، وفي عام 1998 قدر عددهم بـ522 نسمة.
وفي عام 1961، كان عدد من بقي في دير رافات 10 نسمات، وهم الخوارنة والرهبان في الدير.
وبلغ مجموع اللاجئين من القرية -وفقا لتقديرات سنة 2008- 4142 نسمة.
التسمية
يعتقد أن سبب تسمية قرية دير رافات بهذا الاسم هو أنها قامت على أنقاض مدينة يرفئيل الكنعانية (بمعنى الله يشفي).
وكما يدل القسم الأول من اسمها "دير"، فقد كان يوجد مكانها دير بيزنطي قديم، وبعد ذلك سكن المسلمون القرية.
التاريخ
في عام 1927 اشترت بطريركية اللاتين الكاثوليك جزءا من أراضي القرية وبنت الدير اللاتيني بعد الزلزال القوي الذي وقع في فلسطين عام 1927.
وكان اللاتين مهتمين بالموقع تكريما لمريم عليها السلام، إذ يعتقدون أنها حمت أرض فلسطين من كوارث مماثلة من قبل.
ولهذا السبب فإن الاسم الرسمي للكنيسة الموجودة في الدير هو "سيدتنا ملكة فلسطين"، وبعد ذلك هجّرت القرية ولم يتم تهجير "دير اللاتين"، واستأجرت الكنيسة الكاثوليكية من إسرائيل المنازل المتبقية في القرية.
في منتصف القرن الـ19، تعرضت القرية لضائقة اقتصادية أمام الحكومة التركية، وأخيرا تم بيع جزء من أراضيها إلى البطريركية اللاتينية، وكانت الصفقة مشروطة بألا تمارس الكنيسة أي نشاط تبشيري فيها، وأن يقتصر نشاطها على التعليم فقط.

مجمع دير رافات
صمم المباني في مجمع الدير الراهب البينديكتيني والمهندس المعماري الأب موريزيو جيزلر، ووضع الكنيسة في وسط المجمع، كما تم إنشاء دار للأيتام ومدرسة ومبنى للدير.
كُتبت كلمات "السلام عليك يا مريم" على جدران المدخل بـ343 لغة مختلفة، وكتبها الفنان المقدسي مبارك سعيد.
وتقوم على الدير راهبات بيت لحم (على غرار الدير في بيت جمال)، ويتفرغن لرعاية الأطفال الأيتام والعائلات المحتاجة، وكلهن فرنسيات أو من بلدان ناطقة بالفرنسية.
إعلان
وفي مجمع الدير أيضا بيت ضيافة للحجاج المسيحيين في المجمع، وبه تمثال برونزي للسيدة مريم عليها السلام صنعه فنان إيطالي، ويبلغ ارتفاعه نحو 2.5 متر، واستوحاه من تمثال في دير راهبات القديسة دوروثي بمدينة فيتشنزا شمال إيطاليا.
الخلاف بين الأهالي والدير
في بدايات 1880، تنازل أهالي رافات عن كل قريتهم للدير خوفا من دفع الضريبة الزراعية. وكان الدير يدفع تلك الضريبة إلى الدولة العثمانية، وبقيت الحال كذلك حتى فترة الانتداب البريطاني.
بعد ذلك أصبح أهالي القرية يزرعون الأراضي ويدفعون للدير الثلث، ثم وقع الخلاف بعد أن حاول مسؤولو الدير الذين يتبعون البطريركية اللاتينية الاستيلاء على الأراضي مدعين أنها ملك له، وأن الأهالي مجرد مزارعين يعملون بالأجر.
وتفاقم الوضع حتى وصل الأمر برئيس الدير حد التعدي على أملاك الأوقاف وأجّر المسجد، وتعطلت الشعائر، وانتهت القضية في المحاكم وقضت لصالح الأهالي عام 1936.
واستمرت قضايا أخرى أمام القضاء في الشأن نفسه حتى عام النكبة، تولاها المجلس الإسلامي الأعلى في القدس.
الاقتصاد
كان الاعتماد الأساسي لاقتصاد القرية على الزراعة، خاصة أن أراضي رافات كبيرة وواسعة، ففيها السهل الواسع وفيها الجبل، وكانت مساحة الأرض المزروعة فيها عام 1945 نحو 10 آلاف و779 دونما، ومساحة الأرض جميعها 13 ألفا و242 دونما (الدونم يعادل ألف متر مربع).
وتتمتع قرية دير رافات بمناخ ذي جو معتدل صيفا وممطر شتاء، وأراضيها ذات تربة خصبة، الأمر الذي جعلها وجهة مفضلة لكثير من المزارعين في القرى المجاورة للعمل فيها.
وتزخر القرية كذلك بثروة حيوانية، إذ كان فيها قبل النكبة أكثر من 10 أسر تملك قطعانا من الأغنام، يفوق تعداد بعضها 200 رأس، وكان لمسؤولي الدير قطيع وصل إلى 150 رأسا.
واحترف أهالي القرية أيضا رعي الأبقار والجمال، وكان لديهم خيل وبغال وحمير، واهتموا بتربية الطيور مثل الدجاج والحمام.
إعلان
معالم القرية
توجد في قرية دير رافات كثير من الآثار الرومانية، مثل المباني والأساسات والبيوت القديمة الرومانية، إضافة إلى معاصر ومغارات كثيرة، مثل مغارة جبل الرأس ومغارة الجبعية ومغارة الحاج حسن وغيرها.
وكانت القرية تضم مسجدا واحدا يعرف بمسجد الحاج حسن.
احتلال القرية وتهجير سكانها
سقطت القرية في قبضة وحدات من لواء هرئيل في أثناء المرحلة الثانية من عملية داني، التي نفذها الجيش الإسرائيلي.
ويفيد المؤرخ الإسرائيلي بني موريس بأن الذين تخلفوا في جوار القرية غادروها مع اقتراب طوابير هرئيل وبداية قصف مدافع الهاون على القرية، ويضيف أن الذين مكثوا في القرية ما لبثوا أن أُجبروا على الرحيل.
في سنة 1954، أنشئت مستوطنة غفعات شيمش على أراضي القرية، غربي موقعها مباشرة.
بعد التهجير
أصبح موقع القرية بعد تهجير كل سكانها مغطى بركام الحجارة والمصاطب، التي يختلط حطامها بأنقاض المنازل.
ويشاهد نبات الصبار في الطرف الشمالي الغربي للقرية، وقد استأجر نفر من قبيلة الصانع، وهي من بدو النقب، رقعة من أراضي القرية من دير اللاتين، مالك أراضي القرية، وضربوا فيها بعض الخيام.
ويعلو تمثال العذراء مريم واجهة الدير، الذي يبعد كيلومترين إلى الغرب من القرية، كما يغطي القرميد بعض أجزاء مبنى الدير.
وفي الركن الجنوبي من القرية، مقبرة ينتصب فيها قبر كبير وحيد، وفي ركنها الغربي يوجد بستان زيتون.
ويعيش أهالي قرية دير رافات في مخيمات اللجوء، خصوصا مخيم الدهيشة والعروب والقرى المجاورة وفي مخيمات الخليل وبيت لحم والأردن.
0 تعليق