غيورا آيلاند ضابط إسرائيلي سابق، ترقى في الرتب العسكرية والمناصب، حتى أصبح الرئيس الرابع لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وعمل لاحقا باحثا في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب.
يحل آيلاند ضيفا رئيسيا في وسائل الإعلام الإسرائيلية للحديث عن قضايا الأمن القومي والشؤون الإستراتيجية، وشارك في معظم حروب إسرائيل، واشتهر بهندسته لـ"خطة الجنرالات" لتهجير سكان محافظة شمال غزة إبان حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع، والتي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
المولد والنشأة
ولد غيورا آيلاند في 22 أبريل/نيسان 1952، في كفار هس، وهي مستوطنة أسسها مهاجرون يهود في وسط إسرائيل.
كان والده رؤوفين آيلاند مزارعا، ويعود أصله إلى دولة المجر، وقد وصل إلى فلسطين عام 1940 ضمن موجات الهجرة المنظمة التي بدأتها المنظمات الصهيونية في عهد الانتداب البريطاني.
شغل والده منصب الرئيس التنفيذي للعديد من الشركات الإسرائيلية، أبرزها شركة "تنوفا" للتصدير، كما كان رئيسا تنفيذيا لوزارة الزراعة الإسرائيلية.
الدراسة والتكوين
عام 1966 التحق غيورا آيلاند بمدرسة "روبين" الثانوية في مسقط رأسه، والتي أطلق عليها لاحقا "مركز بن غوريون التعليمي".
وفي عام 1967 سافر مع عائلته إلى كراكاس عاصمة فنزويلا حيث عين والده منسقا للمساعدات الزراعية الإسرائيلية في أميركا الجنوبية، لكن الابن عاد بعد فترة وجيزة إلى إسرائيل وحده، وحصل على البكالوريوس في الاقتصاد والماجستير في إدارة الأعمال من جامعة بار إيلان.
إعلان
نشأ غيورا آيلاند وترعرع على ممارسة الرياضة، ما أهله للفوز بالميدالية الفضية في سباق 800 متر، والميدالية البرونزية في سباق 1500 متر في بطولة الشباب الإسرائيلية.
المسار العسكري
بدأ مسيرته العسكرية في أغسطس/آب 1970 وتطوع في لواء المظليين التابع للجيش الإسرائيلي، وعين لاحقا في الكتيبة "890" في اللواء نفسه، وخضع لتدريبات مكثفة وأنشطة عملياتية، وخاض دورة قائد سرية مشاة ودورة ضابط مشاة.
في أبريل/نيسان 1972، خاض دورة في الحرب بالأسلحة الصغيرة، وخدم مساعدا لقائد سرية بقيادة قائد أركان الجيش الإسرائيلي السابق شاؤول موفاز. وفي أغسطس/آب من العام نفسه، عُيّن قائد فصيل في الكتيبة 890.
شارك في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، إذ كان ضمن الجنود الذين شاركوا في معركة المزرعة الصينية التي نشبت بين القوات المصرية والإسرائيلية في 15 أكتوبر/تشرين الأول 1973 في الضفة الشرقية لقناة السويس.

كما شارك في حرب الاستنزاف في سوريا -التي أعقبت حرب 1973– وكان ضابط عمليات في الكتيبة 890، وفي عام 1974 عُيّن قائد سرية مسارات في الكتيبة نفسها، فقائد سرية الدعم.
شارك في عملية "عنتيبي" لتحرير رهائن إسرائيليين في أوغندا في يوليو/تموز 1976، ثم خدم قائدا لسرية في دورة ضباط المشاة في الكتيبة الأولى. وفي يوليو 1977، عين نائبا لقائد الكتيبة 890 وقاتل فيها أثناء عملية الليطاني، التي شنتها إسرائيل على جنوب لبنان عام 1978.
بين عامي 1980 و1981، تولى قيادة تدريب لواء المظليين، وشارك في الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.
بين عامي 1982 و1984، تولى قيادة كتيبة المظليين في لواء ناحال، وبعدها خاض دورة مشاة متقدمة في ولاية جورجيا بالولايات المتحدة الأميركية ثم عاد إلى إسرائيل ضابطا مظليا في قيادة المشاة والضباط المظليين.
إعلان
عام 1986، رقي إلى رتبة مقدم وعين مدربا في دورة قادة السرايا، وقائدا للواء المظليين الاحتياطي.
عام 1990 تولى قيادة فرقة المشاة الأولى مدة عامين، ثم تولى قيادة لواء غفعاتي عام 1992، وبعدها بعام عمل رئيسا لهيئة المشاة والمظلات برتبة عميد، ثم رئيس قسم العمليات في هيئة الأركان العامة.
في ديسمبر/كانون الأول 1999، تولى رئاسة فرع العمليات في الجيش الإسرائيلي برتبة لواء، وأشرف أثناء رئاسته الفرع على التخطيط الشامل ومراقبة العمليات البرية والبحرية والجوية للجيش الإسرائيلي.
قاد التعاون العملياتي والتدريبي للجيش الإسرائيلي مع الجيوش الأجنبية، كما تولى مسؤولية التخطيط وتنفيذ الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في مايو/أيار2000، وعمل على مراجعة العقيدة العسكرية المعمول بها في الحدود الشمالية لإسرائيل، فضلا عن مشاركته في التصدي للانتفاضة الفلسطينية الثانية.
في عام 2001 تولى رئاسة قسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي، وهو قسم يتولى التخطيط للتنظيم والموازنة والاستثمارات والطوارئ والاستعداد والتدريب والمشتريات، فضلا عن تنظيم وهيكلة الجيش، وتنسيق موقفه من القوانين المقترحة في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) والاتفاقيات الدولية وخطط السياسات.
كان له دور بارز في زيادة مشاركة الجيش الإسرائيلي في الحياة السياسية، ورافق وزير الخارجية وقتها شمعون بيريز في جولات المفاوضات مع الفلسطينيين، كما مثل الجيش في المحادثات مع المسؤولين الأميركيين وغيرهم.
وفي نهاية فترة عمله رئيسا لقسم التخطيط بالجيش الإسرائيلي عام 2003، أعلن آيلاند تقاعده من العمل العسكري.
رئاسة مجلس الأمن القومي
في عام 2003 عرض عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها أرييل شارون منصب الملحق العسكري الإسرائيلي في واشنطن، لكنه رفض.
تولى رئاسة مجلس الأمن القومي الإسرائيلي في يناير/كانون الثاني 2004، وأصبح الرئيس الرابع للمجلس، وفي تلك الفترة نسج علاقات مميزة مع شارون على عكس أسلافه ديفيد إيفري، وعوزي ديان، وإفرايم هاليفي.
إعلان
بعد توليه المنصب شارك آيلاند مع شارون في وضع الجدول الزمني واللمسات الأخيرة على خطة فك الارتباط عن قطاع غزة، والتي نفذت في سبتمبر/أيلول 2005، وأجب عليه ذلك انتقادات الإعلام الإسرائيلي لدوره في صنع القرار السياسي والأمني.
أثناء رئاسته المجلس أعد تقييمات إستراتيجية لرئاسة الوزراء الإسرائيلية بشأن قضايا الأمن والشؤون الخارجية المركزية، كالعلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، والبرنامج النووي الإيراني، والتهديدات الأمنية التي تواجه إسرائيل من سوريا ولبنان، والحوار الإستراتيجي مع الولايات المتحدة، والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
في الأول من يونيو/حزيران 2006، قدم استقالته من رئاسة المجلس، وخلفه إيلان مزراحي، نائب الرئيس السابق للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد)، وبرر استقالته بأنه "استنفد قدرته على التأثير في عملية صنع القرار السياسي والأمني في إسرائيل".
شركات ولجان
بعد أسر المقاومة الفلسطينية الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط يوم 25 يونيو/حزيران 2006، كُلف بالتحقيق في حيثيات العملية، كما عمل باحثا في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، وشغل منصب رئيس اللجنة الإسرائيلية لمكافحة التهديدات السيبرانية.
قاد تحقيقا رسميا بشأن هجوم الجيش الإسرائيلي على سفينة "مافي مرمرة"، التي شاركت في رحلة أسطول الحرية إلى غزة عام 2010، وخلص في تقريره -الذي بلغ 150 صفحة- إلى أن أخطاء كبيرة وقعت على مستويات قيادية مختلفة أثناء عملية اعتراض الأسطول.
عام 2006 عين رئيسا مؤقتا لشركة "إس دي إس" الخاصة بالمعدات الدفاعية، وعام 2010 عين مستشارا للشؤون الإدارية والمالية لشركة "جيفوت أولام" المحدودة لاستكشاف النفط، وفي 2014 تولى رئاسة الشركة مدة قصيرة.
أسس غيورا آيلاند شركة استشارات بمدينة القدس المحتلة تحمل اسمه، وهي متخصصة في تقديم الاستشارات في الصناعات العسكرية والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والطب، فضلا عن تقديم مشورات سياسية وأمنية، وتقديم الدعم للمتقاضين في المحاكم الإسرائيلية والدولية، بما فيها التحكيم الدولي.

أبرز الرؤى والمواقف
في دراسة نشرها مركز "دادو" للدراسات العسكرية التابع للجيش الإسرائيلي، انتقد غيورا آيلاند دور هيئة الأركان العامة في حرب 1973 وقال، إنها أخطأت في فهم الواقع، وفي الاستعداد للحرب، وانتقد أداءها في الساعات الـ48 الأولى للقتال.
إعلان
طرح غيورا آيلاند عام 2000 خطة بديلة، قال إنها تهدف إلى حل الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، تشمل "عملية التفافية" لتبادل أراض مع مصر والأردن. وقال إنه عرض خطته على مسؤولين فلسطينيين وأبدوا اهتماما بها.
وأطلق على الخطة اسم "البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين"، ونشرت في مركز بيغن- السادات للدراسات الإستراتيجية، وتنطلق من افتراض أن حل القضية الفلسطينية ليس مسؤولية إسرائيل وحدها، بل تقع على عاتق الدول العربية.
وفشلت خطة آيلاند وقتها، لأنها جاءت عقب تعثر مفاوضات "كامب ديفيد" للسلام، واندلاع انتفاضة الأقصى.
وانتقد آيلاند خطة فك الارتباط عن غزة، وقال في مقابلة لصحيفة "هآرتس" نشرت يوم 4 يونيو/حزيران 2006 إن "شارون أمهله فترة أربعة أشهر فقط لبلورة الخطة"، وقال إنها "لم تساهم في حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني"، وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية عندما قررت تنفيذ الخطة "لم تفكر خطوتين إلى الأمام".
واعتبر آيلاند في المقابلة نفسها أن "حل الدولتين غير قابل للتطبيق بما يضمن الاستقرار في المنطقة، ولذلك فإن جميع القرارات الإستراتيجية التي اتخذتها إسرائيل بخصوص القضية الفلسطينية، منذ معاهدة السلام مع مصر وحتى فك الارتباط، كانت خاطئة".
دعا في ديسمبر/كانون الأول 2007، الحكومة الإسرائيلية إلى بدء مفاوضات مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وقال في الدعوة التي نشرتها صحيفة يديعوت أحرنوت "يمكن لإسرائيل التوصل إلى تسوية مع الحركة، بما فيها وقف متبادل للأعمال العدائية".
قال في سبتمبر/أيلول 2014 إن إسرائيل ساهمت في تصعيد الانتفاضة الفلسطينية بمواصلتها عمليات الاغتيال بحق الفلسطينيين.
علق غيورا آيلاند على قضية "قطر غيت"، إنه "يتفهم وجهة نظر قطر، لأن كل دولة بما فيها إسرائيل تحاول تجنيد عناصرها داخل أنظمة الطرف الآخر، وهكذا دأبت أجهزة الاستخبارات على العمل".
إعلان
في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة -التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023- قال آيلاند في تصريحات صحفية، إن "الأوبئة المنتشرة بغزة ستقرب النصر وتقلل الخسائر في صفوف الجنود الإسرائيليين".
كما قال إن "غزة تشبه إلى حد كبير ألمانيا أثناء الحرب العالمية الثانية، إذ كان كل السكان تقريبا يدعمون الزعيم وأيديولوجيته".
خطة الجنرالات
في سبتمبر/أيلول 2024، اقترح غيورا آيلاند ما عرفت بـ"خطة الجنرالات"، والتي دعا فيها إلى إجلاء سكان محافظة شمال قطاع غزة وإعلانها منطقة عسكرية مغلقة وفرض الحصار عليها، بما فيها منع الحركة ومنع إدخال الغذاء والوقود والمياه إلى السكان. وقد حظيت خطته بدعم العشرات من الضباط المتقاعدين في الجيش الإسرائيلي.
وتتألف الخطة من مرحلتين، وفق ما أعلنه منتدى الضباط والمقاتلين في الاحتياط: الأولى تهجير السكان المتبقين حينها في شمال القطاع، والثانية إعلانه منطقة عسكرية، على أن تعمم التجربة لاحقا على كامل أنحاء القطاع.
كما قضت الخطة بتحويل المنطقة الواقعة شمال محور نتساريم إلى منطقة عسكرية مغلقة وإرغام نحو 300 ألف فلسطيني في شمال القطاع على النزوح في مدة لا تتجاوز أسبوعا، والقضاء على أي وجود للمقاومة الفلسطينية هناك.
قبيل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والذي أعلن عنه في 15 يناير/كانون الثاني 2025 من العاصمة القطرية الدوحة، انتقد آيلاند في مقالته نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في الحرب، مشيرا إلى أن الضغط العسكري وحده لم يكن كافيا لتحقيق أهداف إسرائيل.
وعدد آيلاند جملة أخطاء وقعت فيها إسرائيل وهي:
تبني الرواية الأميركية التي تساوي بين حماس وتنظيم الدولة الإسلامية، وقال، إن حماس ليست مجرد "تنظيم إرهابي فرض نفسه على سكان غزة"، بل هي "دولة غزة" التي أعلنت الحرب على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. فشل إسرائيل في استغلال نقاط ضعف حماس، واختيارها إستراتيجيات تقليدية تركز على الضغط العسكري فقط، وعدم أخذها في الاعتبار أن حماس أعدت نفسها لمدة 15 عاما لمواجهة هذا النوع من الضغوط. فشل إسرائيل في وضع خطة سياسية واضحة بشأن مستقبل غزة بعد الحرب، وقال إنها بحاجة إلى إعادة تقييم إستراتيجياتها العسكرية والسياسية في الحروب القادمة "بالتفكير العميق في الوسائل الاقتصادية والسياسية التي يمكن أن تؤدي إلى انهيار النظام المعادي وتحقيق الأهداف الأمنية والسياسية على الأمد البعيد".إعلان
مؤلفاته
لغيورا آيلاند إصدارات قدم فيها رؤيته إلى بعض الأحداث التي شهدتها إسرائيل وعلى رأسها حرب السيوف الحديدية، ومنها:
فوق ساحة المعركة: أصدره في مارس/آذار 2025 وحلل فيه أسباب الفشل الإستراتيجي لصناع القرار في إسرائيل في إدارة الحرب. سيوف صدئة: صدر في فبراير/شباط 2025، وتحدث فيه عن الدروس العسكرية من أحداث أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة. نقاط الضعف المتأصلة في الذكاء: صدر في أكتوبر/تشرين الأول 2024، وتحدث فيه عن الإخفاقات الاستخبارية الإسرائيلية في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 وكذا في عملية طوفان الأقصى. الخسارة بموجب القانون: صدر في سبتمبر/أيلول 2024، وتحدث فيه عن الأخطاء التي ارتكبتها إسرائيل في العام الأول من عدوانها على قطاع غزة. سرطان البروستاتا: صدر في مايو/أيار 2019، وتحدث فيه عن إصابته بسرطان البروستاتا، وقدم في الكتاب نصائح للمصابين بالمرض. نحن لا ننام في الليل: صدر في مايو/أيار 2018، ونشر فيه سيرته الذاتية وقصته مع سرطان البروستاتا.المصدر : الجزيرة + وكالات + الصحافة الإسرائيلية
0 تعليق