الحرب تسلب أحلام أطفال غزة بالتعليم وتخوُّف من تفشي الأمية - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

غزة- مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يزداد القطاع التعليمي تدهورا، حيث أُغلقت المدارس، وتوقف التعليم التقليدي، ويواجه الأطفال تحديات هائلة في متابعة دراستهم بسبب انقطاع الإنترنت، وقلة الموارد.

وتكشف شهادات الأطفال وأولياء أمورهم عن تراجع كبير في مستويات التعليم، وغياب الفرص التي كانت متاحة في السابق، وفي ظل الظروف الصعبة يبرز قلق الأهالي من تفشي الأمية ومن تأثير الحرب على الأجيال القادمة.

وحين بدأت إسرائيل حربها على القطاع، لم يكن قد مضى على العام الدراسي سوى شهر فقط، قبل أن تُغلق المدارس مجددا، وحتى الآن.

ورغم تخصيص وزارة التربية والتعليم الفلسطينية منصات إلكترونية لاستئناف التعليم، فإن ظروف الحرب واستمرار عمليات النزوح، وانقطاع الإنترنت أو ضعفه، جعلها غير مجدية لغالبية السكان.

- يوشك أيمن قاسم على إنهاء الصف السادس لكنه فعليا لم يتمكن فعليا من دراسة الصفين
الطفل أيمن قاسم التحق بالصف السادس لكنه فعليا لم يدرس هذا الصف والذي سبقه (الجزيرة)

ترفيع تلقائي

واضطرت الوزارة إلى ترفيع الطلاب "تلقائيا" عن العام الدراسي (2023-2024)، باستثناء طلبة الثانوية العامة، ويبدو أن الأمر سيتكرر للعام الحالي نظرا لاستمرار الحرب.

وفي 26 أبريل/نيسان الماضي أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) بدء الفصل الدراسي الثاني، "إلكترونيا"، وهو ما اعتبره أولياء الأمور "غير مفيد"، في ظل الحرب.

ويقول الطفل أيمن قاسم (11 عاما) "كنت أقرأ وأكتب جيدا، وكنت أفهم الحساب والجغرافيا والدين وغيرها، الآن نسيت كل شيء تقريبا".

ويوشك أيمن على إنهاء الصف السادس، لكنه فعليا لم يتمكن فعليا من دراسة الصفين "الخامس والسادس".

إعلان

ويضيف للجزيرة نت "نحن الآن لا نعيش حياة أطفال، نقضي يومنا في جمع الحطب للطبخ أو بيع البضائع في السوق، لمساعدة أهلنا في المصروف، اشتقت كثيرا للمدرسة وللكتب وللمعلمين".

ولم يتمكن الطفل أيمن من التعلم عبر الإنترنت خلال الحرب، ويردف "التعليم الإلكتروني صعب جدا، ولا يوجد كهرباء والإنترنت مقطوع، والهاتف (الذكي) مُكلف وغير متوفر".

ورغم قساوة الظروف، فلا يزال أيمن يحتفظ بحلم "بسيط" يراوده، وهو "العودة للمدرسة والالتحاق بالجامعة لأصير صحفيا، فأنا أحب هذه المهنة".

جهود تُبذل

ورسميا، يدرس الطفل أحمد الدحدوح في الصف السابع، لكنه لم يتلقَ أي تعليم فعلي منذ عامين، ويقول للجزيرة نت "كنت أذهب للمدرسة مع أصحابي، وأعرف القراءة والكتابة، لكني أشعر أني نسيت كل شيء الآن، فلا وجود لمدارس، وأنا أساعد أبي ببيع الماء".

وبحسرة تواصل والدة أحمد ما بدأ به نجلها، وتقول "هناك تراجع كبير في مستوى تعلم الأولاد، والأهالي غير قادرين على المتابعة بشكل فعَّال بسبب الحرب".

وتضيف للجزيرة نت "صحيح أن هناك مراكز تعليمية، لكني لا أرسل أبنائي، خوفا عليهم وهم في الطريق، أو حتى داخل المدرسة، فإسرائيل تقصف كل شيء".

وتدرك الوالدة جيدا خطورة الانقطاع عن التدريس، وتقول "المنهاج المدرسي مترابط ومتسلسل، والانقطاع عنه كارثي، واختصار المناهج أيضا كارثي، وهذا الوضع مستمر منذ عامين، وسيؤدي حتما إلى تفشي الأمية وضعف عام في جميع المهارات التعليمية، من الحساب إلى القراءة والعلوم".

ورغم وجود منصات تعليم إلكترونية رسمية، فإن الواقع لا يتيح مجالا للاستفادة منها، كما تقول. وتضيف موضحة "نعيش في خيام، وليس في منزل يتوافر فيه الإنترنت، المقطوع أصلا عن مناطق كثيرة، فكيف سندرّس أولادنا؟".

ومع ذلك، لا تتخلى أم الطفل دحدوح عن محاولاتها البسيطة للحفاظ على ما تبقى من معرفة لدى أطفالها، وتحاول الاستدراك بشكل ذاتي، فتدرسهم بنفسها وتعدُّ نماذج أسئلة لتبقي على نشاطهم وذاكرتهم حيَّة".

إعلان

بين الحلم والذكريات

وبصوت يخالطه الحنين والأسى، يتحدث الطفل ماهر زقوت (14 عاما)، الذي كان قد تم ترفيعه إلى الصف التاسع، عن حُلمٍ توقف قسرا مع بدء الحرب، وعن أيام دراسية جميلة تبددت وسط القصف والدمار.

يقول ماهر "كنت أعرف القراءة والكتابة، وأُدرّس أخي الصغير، لكن الآن توقف كل شيء، فلا توجد مدارس، ومستواي التعليمي تراجع كثيرا، ونحن بانتظار توقف الحرب".

الطفل ماهر زقوت: أيام المدرسة كانت حلوة.. لكن الآن الوضع مرعب، نخاف من الموت والقصف
الطفل ماهر زقوت استذكر أيام الدراسة والآن يخشى القصف (الجزيرة)

ولم تحرم الحرب ماهر من التعليم فقط، بل سلبته أدواته الأساسية، حيث دُمّرت مدرسته واحترقت كتبه داخل منزله الذي قصفه الاحتلال، ويرجع في ذاكرته إلى أيام خلت حين كانت أمه تعطيه المصروف اليومي و"السندويتش"، قبل ذهابه للمدرسة صباحا، وحينما كان له أصحاب يلعب ويلهو معهم في الطريق.

ويكمل ماهر "كانت أياما حلوة، لكن الآن الوضع مرعب، ونخاف من الموت والقصف، ونقضي وقتنا في العمل، في تعبئة المياه ومساعدة الأهل".

وفقد ماهر غالبية أصحابه بسبب الحرب التي قتلت بعضهم وتسببت بنزوح آخرين، ويقول "كثير من أصحابي استشهدوا، أحدهم من عائلة المصري والآخر من آل العمري، واثنان أصيبا أيضا".

البديل صعب

وفي أحد زوايا المخيمات المزدحمة في غزة، يجلس محمد نعيم (11 عاما)، ليتحدث عما طرأ على حياته بعد اندلاع الحرب، وتحوله من طالب مجتهد ومتفوق في صفه إلى طفل نازح يقضي يومه في جمع الحطب وتعبئة المياه.

يقول للجزيرة نت "ما زلت أقرأ وأكتب، لكن ليس مثل السابق، في الصف الرابع درسنا شهرا واحدا فقط، ثم بدأت الحرب، وتم ترفيعي إلى الخامس، لكن لم أدرس شيئا حتى الآن".

ويضيف "نحن الآن في الشوارع، نساعد أهلنا بجمع الحطب وتعبئة الماء، وحتى في إعداد الخبز وطهي الطعام".

ولا يعتبر الطفل محمد التعليم الإلكتروني بديلا مجديا في ظل الظروف الصعبة، ويقول إنه درس عبر بطاقات اتصال بالإنترنت، ويصل سعر الواحدة لـ2 شيكل (الدولار= 3.6 شواكل)، ولكنها "لا تكفي حتى لفتح فيديو الدرس، وتنتهي بسرعة".

محمود عوض: نحاول قدر الإمكان تدريس أولادنا في البيت، لكن لا نستطيع تعويض المدرسة والمعلمين
محمود عوض يدرس أبناءه قدر الإمكان في البيت لكن هذا لا يعوض المدرسة والمعلمين (الجزيرة)

أما الأب محمود عوض، الوالد لطفلين في المرحلة الابتدائية، فيرى أن الوضع التعليمي في غزة يتدهور بشكل غير مسبوق، ويتمنى، كما يقول للجزيرة نت، أن يتحسن الحال وتتوفر ظروف أفضل للدراسة، ويضيف "الواقع الحالي صعب جدا في ظل غياب المدارس والكتب، ولا الإنترنت يُمكّننا من التدريس عن بُعد".

إعلان

ورغم هذه التحديات، لا يتوانى عوض عن بذل الجهد، محاولا سد الفجوة التعليمية بكل ما أتيح له من وسائل، ويقول "نحاول قدر الإمكان تدريسهم في البيت، ونطبع لهم ما يلزم من مواد من المكتبات، ونعمل لتوصيل المعلومة لهم، لكن بلا شك للمعلم دور مختلف لا يمكن تعويضه".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق