دمشق- تشهد مدينة صحنايا غربي العاصمة السورية دمشق اشتباكات مسلحة خفيفة ومتوسطة بين فصائل محلية ومسلحين مجهولين تمركزوا في إحدى الأبنية بمنطقة "أشرفية صحنايا" منذ ليل أمس الثلاثاء، وأدت الاشتباكات لقتل اثنين من الفصائل المحلية، على الأقل، وعدد غير معروف من الجرحى.
وتحدثت الأنباء بداية، عن هجوم على الحواجز المشتركة للأمن العام والفصائل المحليّة، قبل أن تشتد الاشتباكات وتطلق المناشدات للأمن العام بالتدخل وحماية المنطقة من المهاجمين.
وجاء الاشتباك لاحقا للتوترات التي شهدها ريف دمشق في مدينة جرمانا أمس الأوّل، على خلفية انتشار تسجيل صوتي مسيء إلى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- نسب إلى أحد أبناء الطائفة الدرزية، وأدى لموجة غضب بين السوريين، وصدرت بيانات للتهدئة ورفض المحتوى المتداول.
"خارجون عن القانون"
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) صباح اليوم الأربعاء، عن مصدرٍ أمني أن مجموعات "خارجة عن القانون" من أشرفية صحنايا هاجمت حاجزا تابعا لإدارة الأمن العام مساء أمس، وأصابت 3 عناصر، وانتشرت -بالتزامن مع ذلك- مجموعات أخرى بين الأراضي الزراعية وأطلقت النار على آليات المدنيين والأمن العام على الطرق، وأسفرت عن وقوع 6 قتلى وجرح آخرين.
إعلان
من جهتها، أكدّت وزارة الداخلية السورية أنها لن تتوانى في الضرب بيد من حديد في مواجهة من يسعى لزعزعة أمن سوريا واستهداف أبنائها، بينما أعلنت وزارة الصحة ارتفاع عدد الضحايا إلى 11 من المدنيين والأمن العام.
ووفقا لمدير العلاقات العامة في وزارة الإعلام علي الرفاعي، فإن رتلا مسلحا حاول التوجه من أشرفية صحنايا إلى جرمانا وأوقفه حاجز أمني ما أدّى لاشتباك مسلح.
وبعد التهدئة -أضاف الرفاعي- تجدّدت الاشتباكات بمهاجمة "خارجين عن القانون" حواجز الأمن العام في منطقة الأشرفية، واستخدمت أسلحة رشاشات خفيفة وقذائف "آر بي جي"، كما اعتلى المهاجمون الأبنية واستهدفوا العناصر الأمنية، ما أسفر عن مقتل 5 من عناصر الأمن العام.
وتابع، كما أدى إطلاق نار استهدف مركبة قادمة من درعا، فجر اليوم، لاستشهاد 6 من ركّابها، مشيرا إلى أن قوات الأمن العام تقوم بالانتشار وتعزيز إجراءاتها حاليا لضمان استقرار وحماية المدنيين.
حظر التجوال
تعد صحنايا إحدى مدن الغوطة الغربية في دمشق التي تضم مواطنين من الطائفتين الدرزية والمسيحية، واستقبلت خلال سنين الثورة عددا كبيرا من المهجّرين من المناطق المحيطة مثل داريا وسبينة واليرموك، ويزيد عدد سكانها -حسب تقديرات غير رسمية- على مليون ونصف المليون، من خلفيات متنوعة اثنية ودينية.
ووقعت بدايات التوتر بالتزامن مع أحداث جرمانا، أمس، وفُرض حظر التجوال في صحنايا وأشرفيّتها، ثم ألغي بعد ساعات قليلة بسبب استقرار الوضع. وشاب المدينة بعض التوتر، من دون تسجيل أي حالات لإغلاق المحال والفعاليات باستثناء المدارس، في حين أعلن حظر تجوال منذ ليل أمس ويستمر حتى مساء اليوم الأربعاء.
ولا يوجد في صحنايا أي مستشفى، إذ يقع أقربها عند أوتوستراد درعا، باستثناء مراكز طبيّة، بعضها لا يمكن الوصول له بسبب خطر القنص، بينما يستمر تعطيل المدارس وإغلاق المدينة من كافة المداخل، ولا يزال الطيران المُسيَّر يحوم فوق المنطقة منذ يومين.
إعلان
من جانبه، روى مصدر للجزيرة نت -لم يكشف هويته- ما جرى قائلا "بعد أحداث جرمانا حصلت ارتدادات في صحنايا، لكن كان هناك تدخل أمني وتنسيق بين غرفة عمليات صحنايا ورجال الكرامة فيها وفي الأشرفية، بمشاركة وفد من مدينة داريا والأمن العام، وتم الاتفاق على تحييد المنطقة".
وأضاف المصدر أن مدينة داريا منعت وصول أي مجموعة من جهتها، وأغلق الأمن العام الطريق القادم من بلدة جديدة عرطوز، لكن الخرق وقع من "أوتوستراد درعا"، وهي جهة الهجوم من منطقة القوس (مدخل المدينة) إلى البنك العربي (الأبنية العالية التي انتشرت عليها المجموعة المسلحة المجهولة) وفي هذه المنطقة سقط أول قتيل بإطلاق نار من سيارة، حسب المصدر.
من العشائر
وكشف المتحدّث أن الاشتباكات تجدّدت ليلا واستمرت حتى الصباح، حيث "اختفى" حضور الأمن العام، بعد أن كان يفرض سيطرته، كما لا تزال داريا تقوم بدور "إيجابي" وتمنع اقتحام المنطقة.
ولا تزال المجموعة المسلحة "مجهولة" -حسب المصدر- الذي قال إنه "يمكن الاستنتاج من الفيديوهات المنتشرة أنّهم من خلفية عشائرية، وحتى الآن لم نتمكن من معرفتهم أو الوصول إلى وساطة، وهم يرفضون أي تهدئة، والأمور خارج السيطرة".
وكانت الإدارة المدنية لمدينة داريا أوصت بعدم تنظيم أي مظاهرات داخل المدينة حفاظا على أمن وسلامة الجميع، مع تذكير بأن نصرة النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- هو اتباع سنته ونشر قيمه السامية بالحكمة والسكينة.
وسارت على خطاها معرّفات أساسية مثل تنسيقية حيّ الميدان. في حين وجّه شيخ قراء بلاد الشام كريّم راجح، كلمة مسجّلة دعا فيها لنصرة الرسول الكريم "بالعقل والروح".
وحسب مصدر مطلع فإن التهدئة في المنطقة بدأت ظهر اليوم الأربعاء، بانسحاب المجموعة المهاجمة، مع استمرار الطيران المسيّر، من دون وضوح معالم الاتفاق الذي لم يصمد كثيرا قبل تجدّد أصوات الاشتباك بوتيرةٍ أخفّ.
إعلان
وفي هذه الأثناء، أعلنت جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم الأربعاء -في بيان أصدره- أنه شن هجوما تحذيريا على مجموعة وصفها بـ"المتطرفة"، كانت تستعد لمهاجمة الأقلية الدرزية في بلدة صحنايا السورية بريف دمشق.
وأدى ذلك لوقوع إصابات بصفوف الأمن، في حين أكدت وزارة الداخلية السورية تعرض المدينة لهجومين إسرائيليين منذ صباح اليوم. وقال مراسل الجزيرة في سوريا إن طائرتين مسيرتين إسرائيليتين تحومان فوق سماء المنطقة.
0 تعليق