هررإثيوبيا– عندما نشأ عبد الله علي شريف في شرق إثيوبيا، لم يتحدث والداه قط عن تاريخ مدينته.
يتذكر الرجل ذو الوجه الطيب البالغ من العمر 75 عامًا وهو يتكئ على فراش رقيق على أرضية منزله في مدينة هرر القديمة المسورة: "عندما سألت والديّ عن تاريخنا، أخبراني أنه ليس لدينا تاريخ". تصطف رفوف من أشرطة الكاسيت المغبرة على الجدران وتتناثر الصحف القديمة على الأرض.
يتوقف الأب لـ5 أبناء والجد لـ17 حفيدًا ليمضغ بعض أوراق القات (نبات منبه يمضغ تقليديًا في المنطقة) وهو يشرح: "كان آباؤنا خائفين من تعليمنا ثقافتنا أو تاريخنا".
![A woman walks through one of the narrow streets of Harar’s old walled city [Jaclynn Ashly/Al Jazeera]](https://alkhabarkw.com/content/uploads/2025/08/20/e1455e4c14.jpg)
نظرة خاطفة من نافذة
لقرون، كانت هرر، بمنازلها الطينية الملونة وشوارعها الضيقة المرصوفة بالحصى، مركزًا للعلم الإسلامي وموطنًا لثقافة مخطوطات مزدهرة أنتجت مصاحف ونصوصًا قانونية وكتب أدعية باللغتين العربية والعجمية (أبجدية عربية معدلة تستخدم لكتابة اللغات الأفريقية الأصلية).
تتربع المدينة على هضبة تطل على الصحاري والسافانا التي تربط الأراضي المنخفضة الساحلية والمرتفعات الوسطى في إثيوبيا والصومال، وفي القرن السادس عشر، أصبحت هرر عاصمة لـ"سلطنة عدل"، التي سيطرت في أوجها على أجزاء كبيرة مما يُعرف اليوم بالصومال وإثيوبيا وجيبوتي وإريتريا.
كان يحكمها حكام مسلمون أقوياء، وكانت تقع على طول طرق التجارة التي تعبر البحر الأحمر لتربط القرن الأفريقي بشبه الجزيرة العربية وما وراءها.
ثم في عام 1887، هُزم جيش هرر على يد قوات منليك الثاني (إمبراطور إثيوبيا)، وضُمت المدينة قسرًا إلى إمبراطورية مسيحية.
تميزت العقود التالية بقمع الدولة والتمييز الاجتماعي وتآكل ثقافة المدينة ومؤسساتها الإسلامية.
استُبدلت لافتات الشوارع العربية بأخرى أمهرية (اللغة الرسمية في إثيوبيا)، وحُوِّل أكبر مسجد في هرر إلى كنيسة أرثوذكسية إثيوبية، وهُدمت العديد من المراكز التعليمية الإسلامية. فُرضت قيود صارمة على الممارسات الدينية والتعليم – التي كانت يومًا جزءًا أساسيًا من هوية هرر.
إعلان
على هذه الخلفية نشأ شريف.
يوضح قائلا وهو يضرب معصميه ببعضهما البعض محاكيًا الأصفاد: "تعلمنا منذ الصغر أننا إذا عبرنا عن ثقافتنا أو تحدثنا بصراحة عن تاريخنا، فقد ينتهي بنا المطاف في السجون".
![When Sherif was growing up in Harar, he knew that expressing his culture could get him sent to prison [Jaclynn Ashly/Al Jazeera]](https://alkhabarkw.com/content/uploads/2025/08/20/78ffdf12d9.jpg)
ثم في عام 1991، تم تطبيق الفدرالية العرقية، التي نظمت وعرّفت الولايات الإقليمية الفدرالية على أساس عرقي، في جميع أنحاء البلاد، مما سمح بحرية دينية وثقافية جديدة. أصبح شعب الهرر ينتمي الآن إلى إقليم هرري، وعاصمته هرر.
منذ ذلك الحين، انطلق شريف في مهمة: استكشاف الهوية الثقافية لمدينته من خلال جمع القطع الأثرية، من أشرطة الكاسيت الموسيقية القديمة إلى العملات المعدنية المسكوكة، والأهم من ذلك، المخطوطات.
بعد سنوات من البحث المضني والتنقل من منزل إلى منزل، جمع ما يكفي من المقتنيات لافتتاح أول متحف خاص في إثيوبيا، متحف عبد الله شريف، قبل 14 عامًا على أمل إعادة ربط أهل هرر بتاريخهم. أصبحت مجموعة المئات من المخطوطات القديمة شغفه الخاص.
يقول: "كل كتاب أجده، أشعر وكأنني أختلس النظر من نافذة إلى ثقافة جميلة وغنية كادت أن تُنسى".
للحفاظ على هذه المخطوطات، قام شريف أيضًا بإحياء التقليد القديم لتجليد الكتب. من خلال تتبع آخر الهرريين الذين لديهم معرفة بهذا الفن، أعاد إلى الحياة ممارسة كانت قد اندثرت.
![The Medhane Alem church in the central Faras Magala market was once Harar’s largest mosque, but was turned into an Ethiopian Orthodox Church after Menelik II conquered the city [Jaclynn Ashly/Al Jazeera]](https://alkhabarkw.com/content/uploads/2025/08/20/b9157733b8.jpg)
مدينة المخطوطات
يقول نور الدين أمان، الأستاذ المساعد في فقه اللغة بجامعة أديس أبابا، إن إنتاج المخطوطات -كوسيلة لمشاركة المعرفة الدينية والحفاظ عليها- كان جانبًا مهمًا من ثقافة هرر.
يُعتقد أن صناعة المخطوطات قد ظهرت في المدينة في القرن الثالث عشر، عندما قيل إن عالمًا إسلاميًا، يُعرف بالعامية باسم الشيخ أبادير، جاء مما يُعرف اليوم بالمملكة العربية السعودية واستقر في المنطقة مع حوالي 400 من أتباعه.
وفقًا لسناء ميرزا، الباحثة في معهد الفنون الجميلة بجامعة نيويورك والمتخصصة في الفن الإسلامي، تأثرت الخطوط الهررية بالأساليب الهندية الغوجاراتية (Gujarati) واليمنية والمملوكية المصرية.
يشرح أحمد زكريا، الخبير في التاريخ الإسلامي والهرري: "كانت العلاقة الهندية الأفريقية عميقة جدًا". "كان هناك ارتباط قوي بين الهند وأفريقيا لقرون قبل وصول البريطانيين".
تستخدم بعض المصاحف الموجودة في هرر خطا نسخيا فريدا يُقال إنه تم تطويره في منطقة بيهار بشمال الهند في القرن الرابع عشر ونادرًا ما يُرى خارج الهند.
طور صناع المخطوطات أسلوبهم الخاص الذي دمج الإبداع المحلي والتأثيرات الخارجية.
داخل العائلات، كانت المخطوطات تعتبر إرثًا مقدسًا ينتقل عبر الأجيال. يقول زكريا إن كل منزل هرري كان يحتوي على مخطوطتين أو 3 على الأقل، غالبًا القرآن، أو الأحاديث، أو نصوص دينية أخرى.
وفقًا لأمان، فإن الإنتاج المنظم للمخطوطات جعل المدينة فريدة من نوعها. كان يُطلب من الحرفيين الحصول على إذن من عالم إسلامي محلي -شخص ينحدر من نسل الشيخ أبادير أو أحد أتباعه- لإنتاج كل مخطوطة دينية. ثم، قبل التداول، كانوا بحاجة إلى موافقة الأمير (emir) الحاكم. ومع ذلك، كان النساخ المتفرغون نادرين. يقول زكريا: "كان معظمهم مزارعين وينتجون المخطوطات في أوقات فراغهم".
إعلان
نمت هرر أيضًا لتصبح مركزًا لتجليد الكتب، حيث كان الحرفيون يصنعون أغلفة جلدية لحماية المخطوطات، وكان الناس يسافرون إلى المدينة لتعلم الحرفة.
![The main gate into Harar Jugol, the old walled city, with a portrait of Abd Allah ash-Shakur, the last Emir of Harar who led the defence of the city against the forces of Menelik II [Jaclynn Ashly/Al Jazeera]](https://alkhabarkw.com/content/uploads/2025/08/20/c3f8c189b1.jpg)
مجتمعنا كان خائفا جدا
عندما تم ضم هرر إلى الإمبراطورية الإثيوبية، أُغلقت مراكز التعليم، التي كانت مسؤولة عن إنتاج المخطوطات، أو دُمرت. بدون مخطوطات جديدة، اختفى فن تجليد الكتب. في غضون ذلك، أُغلقت المدارس الدينية، وأُجبر الأطفال على الالتحاق بالمدارس الحكومية التي تدرس باللغة الأمهرية فقط.
وُلد شريف في عائلة مسلمة من الطبقة المتوسطة عام 1950. نشأ خلال عهد الإمبراطور هيلا سيلاسي ، الذي حكم إثيوبيا من 1930 إلى 1974 وتصاعد في عهده قمع المسلمين.
في الأربعينيات، اتحدت النخب الهررية مع جيرانهم الصوماليين داخل إثيوبيا لتنظيم تمرد، مطالبين بانضمام هرر إلى الصومال. عندما علم سيلاسي بذلك، نشر آلاف الجنود في هرر. تلت ذلك اعتقالات جماعية، مما أدى إلى سجن العشرات من الهرريين لسنوات دون تهمة أو محاكمة. صادرت قوات سيلاسي ممتلكات ومتعلقات -بما في ذلك مخطوطات عزيزة- للسكان الذين يُعتقد أنهم من مؤيدي التمرد. فر ما يقدر بنحو 10 آلاف هرري إلى مدن إثيوبية أخرى أو الصومال ودول الشرق الأوسط.
بينما يقول شريف إنه نشأ وهو يعلم أنه هرري، لم يكن يعرف ماذا يعني ذلك خارج كونه مسلمًا ويتحدث اللغة الهررية. خوفًا من قمع الدولة، أُجبرت العائلات الهررية على إخفاء تاريخها عن أطفالها. ولكن كمراهق، لم يعد شريف قادرًا على قمع فضوله بشأن هويته.
في المدرسة الثانوية، يتذكر أنه سأل معلمه عما إذا كانت المدينة قد حظيت بقادة مسلمين.
يروي قائلا: "أجاب المعلم بأنه لم يكن لدينا قادة خارج القادة المسيحيين الإثيوبيين. بعد ذلك، بدأ الطلاب الآخرون [المسيحيون] يسخرون مني لعدم وجود تاريخ لي".
يتابع: "لقد تعلمت أن هيلا سيلاسي كان ملكنا، وأنه كان هناك بلد واحد، وتاريخ واحد، ولغة واحدة، وثقافة واحدة".
"كان مجتمعنا خائفًا جدًا من الدولة بحيث لم يتحدّ هذا أو يعلمنا تاريخنا الحقيقي. لقد خافوا أن نغضب من ذلك ونقاتل ضد الدولة".
في عام 1974، عندما كان شريف في العشرينيات من عمره، أطاح الديرغ (Derg – مجموعة عسكرية ماركسية لينينية) بسيلاسي.
قمعت المجموعة بوحشية أي معارضة. قُتل نصف مليون إثيوبي وأُصيب الآلاف بالشلل نتيجة التعذيب.
عندما اندلعت حرب أوغادين في 1977-1978، بمحاولة الصومال ضم إقليم أوغادين الإثيوبي الذي يسكنه صوماليون عرقيًا، اتهم الديرغ الهرريين بالتعاون ونفذ مذابح للمدنيين في الأحياء الهررية بأديس أبابا.
في منطقتهم، كان الهرريون لا يزالون طبقة مالكة للأراضي، وتم تجريد الكثيرين تمامًا من سبل عيشهم حيث سعى الديرغ للقضاء على الملكية الخاصة للأراضي. تم تجنيد الشباب الهرري -مثل الشباب من جميع المجتمعات- قسرًا في الجيش. عندما ظهرت حركة مقاومة مناهضة للديرغ في هرر، زاد القمع، بينما انتقل المزيد من الهرريين إلى الخارج هربًا منه.
اليوم، يشكل الهرريون أقلية في منطقتهم، ويعيش عدد أكبر منهم في الخارج مقارنة بمن يعيشون في هرر.
![An old manuscript that Sherif and his employee Elias Bule are restoring [Jaclynn Ashly/Al Jazeera]](https://alkhabarkw.com/content/uploads/2025/08/20/6c3c9ebaae.jpg)
أجزاء مفقودة من نفسي
مثل العديد من العائلات الهررية، عندما تخرج شريف من المدرسة الثانوية، بدأ والداه في تعليمه حقيقة هويته.
أصيب بالذهول لاكتشافه أن ما تعلمه في المدرسة كان كذبة. يقول شريف وهو يتنهد بصوت عالٍ ويلقي بساق قات خالية من الأوراق جانبًا: "طوال حياتي، عانيت من أزمة هوية حادة". "لطالما شعرت أن هناك أجزاءً من نفسي مفقودة – ولم أستطع الشعور بالسلام حتى وجدتها".
إعلان
بعد المدرسة الثانوية، بدأ شريف دراسة العلوم في أديس أبابا، لكنه تركها في غضون عام عندما اكتشف أن المرأة التي أحبها، والتي كانت صديقته آنذاك، كانت عائلتها تجبرها على الزواج من رجل آخر في هرر. يقول بابتسامة خجولة واسعة: "لم يكن هناك شيء في حياتي أهم بالنسبة لي منها". عاد إلى المنزل ليتزوج هذه المرأة، سعيدة توفيق -وهي اليوم أكثر مؤيديه حماسًا- وبدأ العمل في شركة العائلة.
لم يحدث ذلك حتى عام 1991، عندما أطاحت الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية (EPRDF)، بقيادة جبهة تحرير شعب تيغراي (TPLF)، بالديرغ وطبقت نظام الفدرالية العرقية المصمم لتعزيز حقوق الأقليات العرقية والدينية، عندها وجد الهرريون، إلى جانب مجموعات أخرى مختلفة، أنفسهم فجأة يتمتعون بحرية تطوير ثقافاتهم وتاريخهم والتعبير عنهما.
يشرح شريف، ونبرة صوته ترتفع بحدة وهو يضرب رأسه: "أصبحت مجنونًا لفهم تاريخي". "لقد جننت حقًا".
مستغلا هذه الفرصة، بدأ شريف في جمع مئات أشرطة الكاسيت القديمة للموسيقى الهررية التقليدية. لكنه سرعان ما أدرك أن التاريخ الذي يبحث عنه موجود في المخطوطات القديمة التي لا تزال مملوكة للعديد من العائلات في هرر. من خلال هذه المخطوطات الدينية والقانونية، تمكن شريف من إلقاء نظرة على الحياة الفكرية الغنية لأسلافه.
يشرح قائلا: "كل مخطوطة وجدتها أضافت قطعة مفقودة إلى اللغز".
على مر القرون، طورت العائلات ممارسة للحفاظ على المخطوطات ونقلها إلى الجيل التالي، كما يوضح أمان.
![A book cover being restored at Sherif’s museum workshop [Jaclynn Ashly/Al Jazeera]](https://alkhabarkw.com/content/uploads/2025/08/20/b09135d3b4.jpg)
كانت المخطوطات تُورث أو تُعطى في مناسبات حياتية هامة، مثل حفلات الزفاف، أو ولادة طفل، أو خلال الاحتفالات الدينية. كما قدمها العلماء والزعماء الدينيون للطلاب كعربون تقدير، "مما عزز بيئة لتبادل المعرفة وتنقل المخطوطات"، كما يقول أمان.
كان الناس يحتفظون بالمخطوطات ملفوفة في القماش ويكشفون عنها فقط في المناسبات الخاصة.
في البداية، قام شريف، الذي كان في الـ40 من عمره عندما بدأ مشروعه، بشراء المخطوطات. "في نهاية المطاف، عندما رأى المجتمع أهمية ما كنت أفعله لتراثنا، بدؤوا في التبرع لي بالمخطوطات والقطع الأثرية الأخرى".
لكن شريف وجد أن أغلفة وتجليد العديد من المخطوطات التي حصل عليها كانت في حالة فوضى.
كان آخر مجلّد كتب في هرر هو كبير علي شيخ، وهو مدرس قرآن محلي تعلم الحرفة من الشيوخ وحافظ على التقليد حيًا حتى وفاته عام 1993. مات معه فن تجليد الكتب الهرري القديم. لكن شريف تمكن من تعلم العملية التقليدية من عدد قليل من طلاب علي السابقين. كما ذهب للتدريب في أديس أبابا والمغرب.
يقول شريف: "إذا لم تجلد الكتب، فسوف تفقدها". "جمع المخطوطات عديم الفائدة إذا لم تعمل أيضًا على ترميمها والحفاظ عليها. إذا فقدت صفحة واحدة فقط، يمكنك أن تفقد الكتاب بأكمله. الأشياء الجميلة تحتاج إلى الحماية والتغطية".
استغرق الأمر من شريف عامين من الممارسة لإتقان الفن. يعتبر الآن واحدًا من أفضل مجلدي الكتب في أفريقيا، كما يقول زكريا.
التزم شريف بصرامة بالطريقة الهررية التقليدية لتجليد الكتب باستخدام أختام زخرفية قديمة تم استردادها من جميع أنحاء هرر -والتي يتم عرضها أيضًا في متحفه- لكبس الزخارف على الأغلفة الأمامية والخلفية، بالطريقة التي فعلها أسلافه.
![A view of Sherif’s museum, in the old residence of Haile Selassie’s father, once governor of Harar [Jaclynn Ashly/Al Jazeera]](https://alkhabarkw.com/content/uploads/2025/08/20/29e3bb09d8.jpg)
ضمان حياة التاريخ
في عام 1998، افتتح شريف متحفه الخاص في منزله. ولكن، في عام 2007، بعد عام من إدراج مدينة هرر القديمة بهندستها المعمارية الفريدة كموقع للتراث العالمي لليونسكو، وفرت الحكومة الإقليمية لشريف المقر السابق المكون من طابقين لراس ماكونين وولد ميكائيل، والد هيلا سيلاسي الذي شغل منصب حاكم هرر تحت حكم منليك الثاني، لاستخدامه لمتحفه. أعيد افتتاح المتحف للجمهور في عام 2011.
يضم متحف شريف الآن أكبر مجموعة في العالم من المخطوطات الإسلامية من هرر، ويبلغ عددها نحو 1400 مخطوطة. ما يقرب من نصفها مصاحف، أحدها عمره أكثر من ألف عام. هناك أيضًا أكثر من 600 تسجيل موسيقي قديم، وأدوات، وسيوف، وعملات معدنية، وقطع مجوهرات، وسلال، وأسلحة.
بمرور الوقت، تحول متحف شريف من مساحة تعرض التراث الثقافي لهرر إلى مساحة تعيد إحياءه بنشاط. في غرفة جانبية من المتحف توجد غرفة لحفظ المخطوطات بها أدوات ومعدات مجمعة محليًا لترميم المخطوطات، مع التركيز بشكل خاص على تجليد الكتب.
إعلان
لا يزال العلماء يتتبعون العديد من المخطوطات من هرر المنتشرة في جميع أنحاء العالم، كما يقول زكريا. غادر معظمها مع المسافرين الأوروبيين، خاصة في القرن التاسع عشر، عندما كان المستعمرون يتوسعون في القرن الأفريقي. يتم حفظ العديد من هذه المخطوطات في إيطاليا وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة. في الولايات المتحدة، تمتلك الجامعة الكاثوليكية الأميركية في واشنطن العاصمة وحدها 215 مخطوطة من هرر.
في غضون ذلك، يواصل شريف رعاية المخطوطات التي يحصل عليها.
يشرح قائلا: "عندما أحصل على مخطوطة لأول مرة، أقوم بتنظيفها بعناية". يزيل الغبار والأوساخ، ويضيف صفحات جديدة للمخطوطات التالفة، ويملأ النص المفقود. يغطي الورق بورق شفاف وقام بتجليد ورقمنة جميع الكتب تقريبًا.
يقول شريف: "كل معلومة جديدة أحصل عليها عن تاريخي، تفتح لي عالمًا جديدًا وأدرك كم لا يزال أمامنا طريق طويل للحفاظ على ثقافتنا".
![Bule sits at the museum workshop where he restores and binds manuscripts [Jaclynn Ashly/Al Jazeera]](https://alkhabarkw.com/content/uploads/2025/08/20/45a028e4b2.jpg)
قبل عقد من الزمان تقريبًا، بدأ شريف في تدريب العشرات من الشباب حول هرر على تجليد الكتب وقاد أيضًا تدريبًا في أرض الصومال (صوماليلاند) المجاورة.
كان إلياس بولي، الشاب الهادئ البالغ من العمر 31 عامًا، أحد طلابه، والذي تم تعيينه أولا كحارس أمن في متحف شريف. بعد بضعة أشهر، "سألني شريف عما إذا كنت أرغب في تعلم الطريقة الأصلية لتجليد الكتب"، يشرح بولي، وهو يفرز صفحات متناثرة من مخطوطة قديمة في ورشة الحفظ بالمتحف. "بالطبع، قبلت على الفور".
يعمل بولي الآن بدوام كامل في المتحف، ويدعم مساعي شريف المختلفة ويقدم جولات للزوار.
يقول بولي بابتسامة فخورة، مشيرًا إلى الأوراق على الطاولة: "أشعر بسعادة غامرة لأنني أستطيع أن أقدم هذا للأجيال القادمة". "مع كل مخطوطة يتم تجليدها، نضمن الحفاظ على المعرفة وأن ثقافتنا وتراثنا سيستمران في البقاء".
0 تعليق