عاجل

بعد البدلة والتأدب الجم.. ماذا كسب زيلينسكي وأوروبا من ترامب؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

قمة واشنطن الأخيرة التي جمعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين، لم تكن مجرد لقاء دبلوماسي، بل عكست شبكة معقدة من الحسابات المتشابكة بين موسكو وكييف وواشنطن وأوروبا.

وشهدت العاصمة الأميركية واشنطن -أمس الاثنين- مشاهد استثنائية داخل أروقة البيت الأبيض، حيث اجتمع الرئيس الأميركي ترامب بنظيره الأوكراني زيلينسكي وبعدد من القادة الأوروبيين، في قمة عكست بوضوح تعقيدات العلاقة المثلثة بين روسيا وأوكرانيا والغرب، وأبرزت مأزق أوروبا العالقة بين ضغوط الحرب واعتمادها على المظلة الأميركية.

الحضور الأوروبي الكثيف، بمشاركة قادة من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وغيرهم، بدا محاولة واضحة لاحتضان زيلينسكي في مواجهة واشنطن التي تغيرت لهجتها بعد عودة ترامب للبيت الأبيض.

ورغم الأجواء الودية التي سادت اللقاء مقارنة بما جرى في اجتماع فبراير/شباط الماضي الذي جمع ترامب وزيلينسكي في المكان ذاته، فإن القمة لم تفض إلى ضمانات عملية تحقق ما يطمح إليه الأوكرانيون، فيما يتعلق بالحرب التي يخوضونها مع الروس.

وحمل المشهد رمزية لافتة، إذ ظهر زيلينسكي ببدلة رسمية سوداء، بدلا من بزته العسكرية التي أثارت سخرية ترامب ونائبه في أثناء الزيارة السابقة.

التغيير في المظهر ترافق مع تغيير في اللهجة، إذ كرر الرئيس الأوكراني عبارة "شكرا" 8 مرات خلال حديثه، حسبما رصد مراسل الجزيرة محمد البقالي، في إشارة لافتة إلى حرص الرئيس الأوكراني على تفادي التوبيخ السابق من واشنطن بشأن قلة الامتنان.

لكن خلف هذا الدفء الدبلوماسي تكمن حقيقة أكثر تعقيدا، إذ يرى محللون أن السلوك الودّي لم يترجم إلى نتائج ملموسة.

فترامب طرح فكرة بدء المفاوضات مع استمرار إطلاق النار، وهو تحول عن موقفه السابق بعد لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما ألمح بوضوح إلى أن أوكرانيا يجب أن تنسى حلم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).

العجز الأوروبي

وأشار البقالي إلى أن الأوروبيين جاؤوا إلى واشنطن مدركين عجزهم عن فرض مطالبهم دون دعم أميركي حقيقي، رغم تمسكهم بـ3 شروط رئيسية: وقف إطلاق النار، وضمانات أمنية لكييف، وعدم السماح بضياع الأراضي التي سيطرت عليها روسيا. لكنهم اصطدموا بواقع سياسي مختلف تمليه حسابات البيت الأبيض.

إعلان

الأوروبيون، وفق البقالي، يعيشون حالة من القلق والإحباط، إذ يدركون أنهم معنيون مباشرة بالحرب الأوكرانية، ويخشون أن يؤدي انتصار موسكو إلى امتداد النزاع نحو بلدان أخرى. غير أنهم في الوقت ذاته اكتشفوا هشاشتهم الإستراتيجية، بعدما تبين أن حمايتهم لا تزال رهينة القرار الأميركي.

هذا المأزق الأوروبي تعمّق أكثر مع بروز صيغة "تحالف الراغبين"، التي تقودها باريس ولندن كبديل عن عضوية أوكرانيا في الناتو، والتي تقوم على تقديم ضمانات دفاعية من دون أن تكون كييف جزءا رسميا من الحلف.

وهي صيغة تعكس تراجع القارة العجوز عن وعودها السابقة وتكشف حدود نفوذها أمام حسابات واشنطن وموسكو.

وفي حين يصر زيلينسكي على أن بلاده تحتاج إلى ضمانات أمنية صلبة لمنع تكرار الغزو الروسي، فإن مقترحات ترامب تميل إلى مقاربة براغماتية تقتضي تنازل كييف عن أجزاء من أراضيها، بما يتقاطع مع الرؤية الروسية للحل. وهو ما يضع الرئيس الأوكراني في موقف حرج بين إرضاء الحليف الأميركي والحفاظ على شرعية الدفاع عن سيادة بلاده.

وجاءت قمة واشنطن عقب قمة ألاسكا التي جمعت ترامب وبوتين قبل أيام، حيث تحدثت واشنطن لأول مرة عن إمكانية قبول ضمانات أمنية لكييف، بينما وافق الروس مبدئيا على هذه الصيغة شريطة ألا يكون للناتو أي دور مباشر فيها.

وبينما يكرر ترامب أنه "لو كان رئيسا لما اندلعت الحرب"، فإن الواقع يظهر أن عودته إلى البيت الأبيض قلبت الطاولة على حلفاء أوكرانيا، فالمقاربة الأميركية لم تعد قائمة على التحالف المطلق مع كييف، بل على التوسط بين الطرفين، وهو ما يضع أوروبا في مأزق أكبر.

المحصلة أن القمة الأميركية الأوكرانية الأوروبية، رغم ما رافقها من بدلات رسمية وابتسامات وشكر متكرر، لم تغير من حقيقة الأزمة: فواشنطن تبحث عن صفقة تدوم، وموسكو تسعى لترسيخ مكاسبها، وأوروبا تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، في حين تترقب كييف حلولًا لا تضمن لها استعادة أراضيها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق