عاجل

3 أهداف خطيرة تسعى إليها إسرائيل في السويداء - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة
محمود علوش

باحث في العلاقات الدولية

18/8/2025-|آخر تحديث: 17:52 (توقيت مكة)

منذ اندلاع أحداث العنف الأخيرة في محافظة السويداء السورية، عمقت إسرائيل تدخلها في الأزمة بين الدولة السورية الجديدة، والمكون الدرزي في المحافظة.

ومن مظاهر هذا التدخل الأخير طلب إسرائيل من الولايات المتحدة الضغط على سوريا للموافقة على فتح ما يُسمى "ممرا إنسانيا" بين إسرائيل والسويداء بذريعة إيصال المساعدات إلى المدينة.

جاء هذا الطرح بعد رفض الأردن طلبا إسرائيليا باستخدام أجوائه لإرسال المساعدات إلى السويداء.

وعلى الرغم من أن الحكومة السورية بدأت، منذ إبرام اتفاق وقف إطلاق النار قبل نحو شهر، تسيير العديد من قوافل المساعدات الإنسانية إلى السويداء، فإن الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، الذي شكر مؤخرا إسرائيل على تدخلها العسكري في السويداء لدعم الفصائل المتمردة على الدولة، رفض التعاون مع دمشق في ملف المساعدات، وطالب الأردن بفتح معبر مع السويداء.

يعكس رفض الهجري التعامل مع الدولة السورية، وترويجه لسردية الحصار المفروض على المدينة، رغم أن قوافل المساعدات الحكومية تناقض هذه السردية، نهجا يبدو مصمما بشكل أساسي لاستدعاء مزيد من التدخل الإسرائيلي في المدينة؛ بهدف تعزيز العلاقة مع إسرائيل وتعميق الهوة بين الدروز والدولة.

وقد ظهر هذا النهج بوضوح في أحداث العنف الأخيرة من خلال التدخل العسكري الإسرائيلي إلى جانب الفصائل المسلحة ضد الدولة السورية لمنع سيطرتها على السويداء. ويتطور هذا النهج الآن إلى تعميق التدخل من خلال طرح مشروع ما يُسمى "الممر الإنساني" إلى السويداء.

ويثير هذا الممر تساؤلات وشكوكا كثيرة حول أهدافه ودوافعه الخفية، فضلا عن دوافع الاستثمار الإسرائيلي في الحالة الدرزية، الذي يكشف عن المستويات الكبيرة التي وصل إليها حجم الاختراق الإسرائيلي للوضع الدرزي في سوريا.

إعلان

إن الترويج للأهداف الإنسانية المزعومة لمشروع ممر السويداء الإسرائيلي يخفي وراءه أهدافا متعددة تصب جميعها في تعزيز واقع يمكن إسرائيل من استهداف هوية الدروز في السويداء وتقويض ارتباطهم بسوريا، وذلك في خدمة الطموحات التوسعية الإسرائيلية في الجنوب السوري، وتحقيق رؤية إسرائيل لسوريا الجديدة دولة غير متماسكة، غير قادرة على بسط سلطتها على كامل أراضيها.

علاوة على ذلك، فإن إسرائيل تقوم منذ فترة بإنزالات جوية متكررة في السويداء، بعدما أصبح ذلك نهجا يوميا دون وجود أي عوائق تمنعها من ذلك، مما يعزز الأهداف السياسية الخفية لمشروع ممر السويداء.

وبمعزل عن مدى فرص تحقيق هذا المشروع، الذي تحاول إسرائيل فرضه كأمر واقع، تبرز ثلاثة دوافع رئيسية له:

أولا: تسعى إسرائيل إلى تعميق اختراقها للحالة الدرزية السورية من خلال ما يُسمى بالدعم الإنساني، الذي يمكن إسرائيل من الاحتكاك بشريحة واسعة من الدروز وتوسيع قاعدة الدعم الدرزي للعلاقة معها، وهو ما لم يتحقق لها حتى الآن.

فعلى الرغم من العلاقة الوثيقة بين إسرائيل والشيخ حكمت الهجري، فإن شخصيات دينية بارزة داخل المحافظة تتجنب إظهار أي ترحيب بالتدخل الإسرائيلي، رغم أنها تبنت مؤخرا موقفا عدائيا ضد الدولة الجديدة.

كما أن الشيخ ليث البلعوس، الذي يدعم الحكومة، يعارض بشكل صريح هذا الدور الإسرائيلي، مما يشير إلى وجود انقسام عميق داخل المكون الدرزي تجاه النظرة إلى إسرائيل ودورها في سوريا، حتى لو بدا الموقف العدائي تجاه الدولة السورية الحالية سائدا على نطاق واسع في السويداء.

ثانيا: تهدف إسرائيل إلى تكريس تدخلها في الحالة الدرزية كأمر واقع، بما يعزز إستراتيجيتها وطموحاتها التوسعية في سوريا عموما والجنوب السوري على وجه الخصوص.

فمنذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، احتلت إسرائيل أجزاء جديدة من الأراضي السورية تزيد على 350 كيلومترا مربعا، بما في ذلك المنطقة العازلة ومناطق إضافية في جنوب سوريا.

كما تسعى لفرض منطقة عازلة تصل إلى عمق 15 كيلومترا داخل الأراضي السورية، مع منطقة نفوذ وسيطرة أمنية تمتد حتى 60 كيلومترا، تشمل أجزاء من محافظات القنيطرة، ودرعا، والسويداء، وريف دمشق الجنوبي.

وفي هذا السياق، تبرز أهمية السويداء كركيزة في هذا المشروع الإسرائيلي، الذي اتخذ أشكالا مختلفة، بدءا بالتدخل العسكري المباشر، ثم التهجير القسري لجزء من بدو السويداء، وصولا إلى طرح مشروع الممر الإسرائيلي للسويداء.

ثالثا: تريد إسرائيل تقديم نفسها كحامية للأقليات في سوريا والمنطقة عموما، بهدف تعميق الشرخ بين الدروز ودمشق، وتحريض المكونات الأخرى في البلاد على تبني نهج عدائي ضد الدولة، لتغذية الصراعات الطائفية والإثنية في سوريا.

يندرج هذا في إطار إستراتيجية إسرائيل الواسعة في المنطقة، التي تهدف إلى إضعاف الدول المركزية الكبرى وتقسيمها وتشجيع الصراعات الطائفية والإثنية فيها لإقامة تحالفات مع الأقليات، كما تفعل مع الدروز في سوريا حاليا.

هذا النهج، إضافة إلى أنه يعزز الانقسامات في سوريا، يستهدف في حالة السويداء تغيير هوية دروز سوريا، كما فعلت مع الدروز في فلسطين التاريخية، ومن المرجح أن تمتد هذه الإستراتيجية مستقبلا لتشمل دروز لبنان أيضا.

إعلان

يعكس الانخراط المكثف للدولة السورية في ملف المساعدات الإنسانية في السويداء قلق دمشق من هذه العلاقة المتنامية بين بعض التيارات الدرزية البارزة وإسرائيل، ويظهر أيضا كمحاولة للحفاظ على دور للدولة في السويداء.

ومن غير المتصور أن ترضخ دمشق للضغوط بشأن الموافقة على مثل هذا الممر. مع ذلك، فإن الاستثمار الإسرائيلي المتزايد في أزمة السويداء تحول إلى أحد أكبر مصادر الضغط التي تواجه الحكم الجديد في سوريا، ويعمل كمحرك للتحديات الأخرى التي تقوض مشروع الدولة الوطنية المتماسكة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق