وصل الموفد الأمريكي توماس باراك إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الأحد، في زيارة رسمية هي الرابعة له منذ يونيو الماضي، وذلك في إطار متابعة الجهود الأمريكية والدولية الرامية إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وسط تصاعد الخلافات الداخلية اللبنانية بشأن مستقبل السلاح ودور الدولة.
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن باراك حطّ في مطار رفيق الحريري الدولي، حيث كان في استقباله نائب مدير المراسم في وزارة الخارجية اللبنانية القنصل رودريغ خوري، في إشارة إلى الطابع الرسمي للزيارة.
وتأتي زيارة باراك في سياق متواصل منذ طرحه ورقة مقترح أمريكية في يونيو الماضي، تضمنت 11 هدفاً، أبرزها تنفيذ اتفاق الطائف والدستور اللبناني وقرارات مجلس الأمن، وفي مقدمتها القرار 1701، الذي نصّ على انسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان وضمان سيادة الدولة اللبنانية على أراضيها.
وتشدد الورقة أيضاً على ضرورة اتخاذ خطوات عملية لبسط سلطة الدولة اللبنانية بشكل كامل على أراضيها، عبر تعزيز المؤسسات الشرعية، وتكريس حصرية قرار السلم والحرب بيد الدولة، وضمان حصر السلاح في يد القوات النظامية دون سواها، وهو البند الذي أثار جدلاً واسعاً في الداخل اللبناني.
وتأتي هذه الزيارة بعد عشرة أيام فقط من إقرار مجلس الوزراء اللبناني بنود الورقة الأمريكية، الأمر الذي فجّر مواجهة سياسية مع حزب الله، الذي أعلن رفضه تسليم سلاحه، مؤكداً أنه على استعداد لخوض ما وصفه بـ"المعركة الكربلائية" إذا ما تم فرض مثل هذا القرار.
وفي المقابل، شدد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام على أن موقف الحزب يشكل "تهديداً مبطناً بالحرب الأهلية"، مؤكداً رفض حكومته لأي خطاب قد يقود إلى زعزعة السلم الأهلي أو يهدد وحدة البلاد.
وكانت إسرائيل قد شنت عدواناً واسعاً على لبنان في 8 أكتوبر 2023، تطور إلى حرب مفتوحة في 23 سبتمبر 2024، أسفرت عن استشهاد أكثر من 4 آلاف شخص وإصابة ما يزيد عن 17 ألفاً بجروح، بحسب إحصاءات رسمية.
وفي 27 نوفمبر 2024، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله حيز التنفيذ، إلا أن تل أبيب خرقته أكثر من 3 آلاف مرة، ما أدى إلى سقوط 281 شهيداً و593 جريحاً.
ورغم دخول الاتفاق حيز التنفيذ، نفذ الجيش الإسرائيلي انسحاباً جزئياً من جنوب لبنان، لكنه أبقى على احتلال خمس تلال استراتيجية سيطر عليها خلال الحرب الأخيرة، وهو ما تعتبره بيروت خرقاً واضحاً للقرار 1701 وتقويضاً للسيادة اللبنانية.
ويؤكد مراقبون أن زيارة باراك الرابعة تأتي في مرحلة حرجة، حيث تسعى واشنطن لإيجاد صيغة تضمن استمرار وقف إطلاق النار ومنع انزلاق الأوضاع إلى مواجهة جديدة، خصوصاً مع تصاعد التوترات الإقليمية على جبهات غزة والبحر الأحمر.
ويرى محللون أن نجاح باراك في مهمته يتوقف على قدرة واشنطن على إقناع الأطراف المحلية والإقليمية بضرورة تقديم تنازلات متبادلة، في وقت يزداد فيه الانقسام الداخلي اللبناني حدة بين فريق يدعو إلى تعزيز سيادة الدولة وحصر السلاح بيدها، وفريق آخر متمسك بما يسميه "معادلة المقاومة".
0 تعليق