انخفاض فروق أسعار سندات الشركات الأميركية لأدنى مستوى لها في 27 عاما - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

وصفت وكالة بلومبيرغ التطورات الأخيرة في سوق سندات الشركات الأميركية بأنها غير مسبوقة من حيث الضغوط والأخطار. وأكدت أن المستثمرين هرعوا إلى شراء السندات الاستثمارية بجنون، مدفوعين بمزيج من القلق والتهافت، وهو ما دفع الفوارق الائتمانية إلى مستوى لم يُسجل منذ 27 عاما.

وجاء في التقرير أن "الفوارق الائتمانية تقلّصت إلى 73 نقطة أساس فقط، وهو أدنى مستوى لها منذ عام 1998″، الأمر الذي يعكس –وفق بلومبيرغ– حالة من التسعير المبالغ فيه والتهاون في تقدير الأخطار.

تهافت المستثمرين وضغوط الفدرالي

وأوضحت بلومبيرغ أن المستثمرين اندفعوا إلى قفل العوائد الحالية خشية أن يغلق مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) الباب قريبًا عبر خفض جديد للفائدة الشهر المقبل. وأشارت إلى أن هذه التوقعات تعززت بعد صدور بيانات أظهرت أن التضخم جاء متوافقًا مع التقديرات وأن سوق العمل بدأ يضعف.

وأكد التقرير أن متوسط عوائد السندات الاستثمارية ظل أعلى من 5% على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، بعد أن رفع الفدرالي أسعار الفائدة من مستويات شبه صفرية للسيطرة على موجة التضخم التي تلت الجائحة.

وأضافت بلومبيرغ أن هذا المستوى المرتفع للعوائد جذب صناديق التقاعد وشركات التأمين والمؤسسات الكبرى، مما أدى إلى تثبيت الفوارق الائتمانية حتى في ظل حالة عدم اليقين الناجمة عن تعريفات الرئيس دونالد ترامب الجمركية.

وقال مدير الائتمان الاستثماري في "إنفيسكو" مات بريل إن "قدرا من الخوف من تفويت الفرصة بدأ يسيطر على الأجواء. هذه هي العوائد التي كان المستثمرون يبحثون عنها منذ سنوات".

حالة الأسواق اليوم هي حالة لايقين حاد يتقاطع فيها ضعف سوق العمل مع رهانات على خفض الفائدة (الفرنسية)

تدفقات قياسية ونقص في المعروض

وكشف التقرير عن أن الصناديق الاستثمارية المتخصصة في السندات سجلت تدفقات غير مسبوقة، إذ كتب محللو "جي بي مورغان" أن "التوجهات الحالية توحي بأننا ندخل فترة من تدفقات قوية للصناديق، مع كون خفض الفائدة مسعَّرًا بالفعل في الاجتماعات الثلاثة المقبلة للجنة الفدرالية للسوق المفتوحة لعام 2025".

إعلان

لكن في المقابل، أوضحت بلومبيرغ أن العرض في السوق محدود للغاية. فقد توقعت "جي بي مورغان" تسجيل شهر ثالث على التوالي من "العرض الصافي السلبي"، بعد استحقاقات بلغت 71 مليار دولار ومدفوعات كوبونات بقيمة 35 مليار دولار في أغسطس/آب.

ومع ضعف الإصدارات الصيفية، أكد مارك كليغ -وهو متعامل كبير في "أولسبرينغ غلوبال إنفستمنت"- أن السوق بات شبه فارغ من الأوراق، مضيفًا بلهجة ساخرة: "العثور على صفقة جيدة أصعب من إيجاد موقف سيارات في كوستكو يوم السبت".

تجاهل المخاطر وتراخي التسعير

بلومبيرغ أشارت بوضوح إلى أن هذا التهافت يخفي في طياته خطورة جسيمة، إذ أصبح المستثمرون يتجاهلون احتمالات ارتفاع حالات التعثر في حال دخل الاقتصاد الأميركي في ركود أعمق.

وقال نويل هيبرت، محلل "بلومبيرغ إنتليجنس": "جزء كبير من هذا التراجع في الفوارق يعكس تراخيًا في تسعير المخاطر، سواء لأن المستثمرين مبهورون بالعوائد الكلية أو لأسباب أخرى".

التقييمات المرتفعة للسندات هي تقييمات منفصلة عن واقع اقتصادي يواجه علامات تباطؤ واضحة (الفرنسية)

أما استراتيجيون في "يو بي إس" بقيادة ماثيو ميش فقد أكدوا أن السوق لا يعكس المخاطر الحقيقية تقريبًا، متوقعين أن تتسع الفوارق مجددًا مع ضعف سوق العمل وخفض الفدرالي للفائدة، ولفتوا إلى أن انخفاض العوائد قد يؤدي إلى رفع أسعار السندات القائمة، وهو ما يشجع المستثمرين على غض الطرف عن المستويات الحالية للفوارق.

وفي هذا السياق، صرّح نيكولاس إلفنر، رئيس الأبحاث في "بريكنريدج كابيتال أدفايزرز"، قائلاً: "طحن الفوارق الصيفي بلغ ذروته. لقد عادت الفوارق الاستثمارية لتلغي كل التوسع الذي شهدناه في أبريل/نيسان حين بلغت المخاطر ذروتها بسبب تهديدات الرسوم الجمركية".

الخلاصة التي تنقلها بلومبيرغ واضحة وسلبية، حيث الفوارق الائتمانية في سوق السندات الأميركية تضيق إلى مستويات تاريخية، بينما تتدفق الأموال بشكل أعمى من مستثمرين كبار يسعون وراء العائد.

وبينما يراها البعض "فرصة ذهبية"، يحذر آخرون من أنها وصفة لأزمة مقبلة، إذ يتم التغاضي عن إشارات التباطؤ الاقتصادي وتجاهل المخاطر. النتيجة -وفق بلومبيرغ- أن السوق يسير على حافة خطيرة تذكّر بأزمات سابقة دفع ثمنها الاقتصاد الأميركي غاليًا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق