حاتم سلامة إرادة تتحدى المستحيل وعطاء يتجاوز القيود - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

لقد خاض الدكتور حاتم سلامة تجربة الترشح لرئاسة الجامعة قبل خمسة أعوام، منافسًا سبعة من كبار الأساتذة، في تجربة وصفت حينها بأنها استثنائية لأستاذ من ذوي الهمم. واليوم، يعاود خوضها من جديد مستندًا إلى رؤية شاملة تؤمن بأن الكفاءة والعطاء هما معيار القيادة، لا الشكل ولا القيد.

 

وتأتي هذه الخطوة امتدادًا لمسار عالمي ملهم سطره عدد من القادة المكفوفين حول العالم، الذين أثبتوا أن فقدان البصر لا يقف عائقًا أمام القيادة والتميز. يأتي في مقدمتهم الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربي ووزير المعارف في خمسينيات القرن الماضي، الذي أحدث ثورة في مجال التعليم والثقافة في مصر. وفي بريطانيا، يُعد ديفيد بلانكت من أبرز هؤلاء، إذ تولى وزارة التعليم والتوظيف (١٩٩٧–٢٠٠١)، ثم وزارة الداخلية (٢٠٠١–٢٠٠٤)، وأخيرًا وزارة العمل والمعاشات (٢٠٠٥). أما الناشطة الأمريكية جوديث هيويمان، فقد لعبت دورًا محوريًا في سنّ التشريعات الخاصة بحقوق ذوي الإعاقة في الولايات المتحدة، وشغلت مناصب استشارية بوزارة الخارجية. هذه النماذج تؤكد أن القيادة لا تحتاج إلى أعين ترى، بل إلى بصيرة تُلهم وتُنجز، وهو ما يجسده الدكتور حاتم سلامة في الواقع المصري.

 

وقد نال الدكتور سلامة ثقة المجلس الأعلى للجامعات، الذي اختاره محكمًا لفحص الإنتاج العلمي لترقية الأساتذة والأساتذة المساعدين في تخصص اللغة الإنجليزية وآدابها، وهو ما يعكس قيمته العلمية ومكانته الأكاديمية المرموقة.

 

وُلد الدكتور سلامة بمحافظة الشرقية في ٢٤ يناير ١٩٧١، وبدأت معاناته مع فقدان البصر تدريجيًا عام ١٩٨٣.. وعلى الرغم من إجرائه العديد من العمليات الجراحية الدقيقة في بريطانيا، لم يستعد بصره، إلا أن هذا لم يثنه عن المضي قدمًا في مسار التعليم. التحق بكلية الآداب بجامعة الزقازيق، وتخرج في قسم اللغة الإنجليزية عام ١٩٩٢، ثم حصل على الماجستير عام ١٩٩٧، والدكتوراه عام ٢٠٠٢. عمل أستاذًا مساعدًا اعتبارًا من عام ٢٠٠٨، ثم رُقِّي إلى درجة الأستاذية عام ٢٠١٣، ليصبح أول أستاذ في كلية الآداب بجميع أقسامها، وهو الآن ثاني أقدم أستاذ على مستوى الجامعة.

 

على الصعيد المؤسسي، أسهم الدكتور سلامة في تطوير البنية الأكاديمية والخدمية للجامعة، حيث أنشأ مركز اللغات والترجمة ومركز التدريب والاستشارات الاجتماعية، كما أنشأ برنامج الترجمة الفورية في اللغة الإنجليزية بنظام الساعات المعتمدة، مانحًا الطلاب فرصة الحصول على درجة الليسانس في الترجمة الفورية. وشارك في تنظيم عشرات الندوات التوعوية التي تناولت قضايا حيوية كالمبادرات الرئاسية، التحول الرقمي، الحوار الوطني، والتغيرات المناخية. وأطلق حملة مجتمعية بعنوان "في حب مصر"، استهدفت المدارس والمجتمع المحلي، لتعزيز روح الانتماء ومواجهة الشائعات.

 

وإلى جانب إنجازاته الأكاديمية والمجتمعية، يتمتع الدكتور سلامة بكفاءة تكنولوجية استثنائية رغم فقدانه للبصر، حيث قام بتطوير وتعريب تطبيقات تعمل بنظام أندرويد، وشارك في اختبار تطبيق EZ Notes، ما دفع مطوره الأمريكي إلى توجيه الشكر له في مقطع فيديو رسمي. كما يصمم بنفسه مقاطع الفيديو التعليمية مستخدمًا أدوات المونتاج عبر هاتفه، ويكتب باللغتين العربية والإنجليزية بسرعة تصل إلى ٥٠ كلمة في الدقيقة. ومن أبرز مبادراته في هذا السياق مبادرة "مع النحو الرقمنة"، التي أطلقها لدعم التحول الرقمي وتنمية مهارات الطلاب في اللغة والتكنولوجيا.

 

وقد نال الدكتور حاتم سلامة تكريمًا خاصًا من اللواء الدكتور محمد عبد الفضيل شوشة، محافظ شمال سيناء السابق، الذي وصفه بأنه "إعجاز حقيقي"، كما كرمه المجتمع السيناوي بمنحه درع الإبداع المجتمعي. ونظرًا لما يملكه من إرادة نادرة، حظي بلقب "طه حسين القرن الحادي والعشرين". ومن أبرز إسهاماته الاجتماعية، تأسيسه لملتقى "قادرون باختلاف" في شمال سيناء، الذي يُعد نافذة لعرض قضايا ذوي الهمم أمام المسؤولين والعمل على حلها. كما أطلق في أبريل ٢٠٢٥ مبادرة وطنية بعنوان "إنجازاتنا فخرنا"، للتوعية بإنجازات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وتسليط الضوء على المشروعات القومية الكبرى التي تحققت في عهده.

 

الدكتور حاتم سلامة ليس مجرد أستاذ جامعي، بل هو شاهد حيّ على أن البصيرة والعلم والعمل قادرون على تجاوز كل التحديات. ترشحه لرئاسة جامعة العريش لا يُعبّر فقط عن طموح فردي مشروع، بل يحمل في طياته رسالة وطنية وأملًا كبيرًا بأن القيادة في هذا الوطن تقوم على الجوهر، لا على المظهر.


يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق