ما حقيقة الاتهامات الإيرانية لأذربيجان بفتح أجوائها للمقاتلات الإسرائيلية؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

طهران/موسکو- عقب الهجوم الإسرائيل على إيران في 13 يونيو/حزيران الجاري، والذي استمر 12 يوما، برزت تساؤلات حاسمة في طهران حول مسارات الضربات الجوية والصاروخية، في حين تواترت تقارير أمنية وأخرى شعبية عن اختراق مسيّرات ومقاتلات إسرائيلية الأجواء الإيرانية من ناحية الحدود الشمالية، مما أدى لتوجيه بعض الأوساط السياسية أصابع الاتهام إلى باكو عاصمة أذربيجان، لكونها الحليف الأقرب لإسرائيل في منطقة القوقاز.

وفيما دأبت الصحافة الفارسية، عقب العدوان الإسرائيلي، على نشر تقارير تشير إلى استخدام إسرائيل المجال الجوي الأذربيجاني كمنصة انطلاق أو ممر لطائراتها المسيرة ومقاتلاتها، كشف السفير الإيراني في أرمينيا مهدي سبحاني، عن حصول طهران على "معلومات" تفيد بتسلل طائرات مسيرة إسرائيلية إلى الأراضي الإيرانية عبر الحدود الشمالية.

وفي خطوة تدل على مستوى الجدية الذي تتعامل به طهران مع هذه الأدلة، اتصل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بنظيره الأذربيجاني إلهام علييف، مطالبا بفتح تحقيق دقيق وتقديم تقرير رسمي حول الواقعة، بينما نفت باكو رسميا كل هذه الادعاءات.

شواهد موثقة

وكتبت صحيفة "خراسان" الناطقة بالفارسية: "يبدو أن النفي الأذربيجاني لم يُقنع صنّاع القرار الإيرانيين، إذ إن الشواهد الميدانية، فضلا عن مسار العلاقات الدبلوماسية بين باكو وتل أبيب في السنوات الأخيرة، تُظهر وجود تحالف إستراتيجي عميق يصعب تجاهله عند التطرق إلى هذا الحدث".

فيما قالت صحيفة "كيهان" المقربة من مكتب المرشد الإيراني الأعلى، إن "الغالبية العظمى من الهجمات التي استهدفت العاصمة طهران ومدينة كرج القريبة منها جاءت من اتجاه بحر قزوين، مع استغلال المجال الجوي للجوار الشمالي لإيران وتحديدا أجواء أذربيجان".

وأضافت "بما أن طهران كانت الهدف الأبرز لهجمات الكيان الصهيوني، مما يستدعي ضرورة التعامل بجدية مع هذا البلد المجاور لمنع تكرار نفس السيناريو مستقبلا".

إعلان

من ناحيته، كشف الباحث الإيراني في شؤون جنوب القوقاز حامد خسروشاهي، أن قوات شرطة الحدود الإيرانية في مدينتي نمين وغيرمي -شمال غرب البلاد- رصدت ووثقت دخول مسيرات إسرائيلية عبر الحدود الأذربيجانية، وقد أسقطت عددا منها.

وأوضح خسروشاهي للجزيرة نت، أن ثمة تقارير شعبية وأمنية في إيران تشير لدخول أجسام طائرة ومقاتلات إسرائيلية إلى الأجواء الإيرانية من فوق بحر قزوين، رابطا ذلك بالهجمات الإسرائيلية اليومية على مدينة تبريز -شمال غرب- لفتح ممر جوي لعبور طائرات إسرائيل من أجواء شمالي العراق إلى أذربيجان مرورا ببحر قزوين ثم مهاجمة أهداف شمالي إيران ومدينتي طهران وكرج جنوب سلسلة جبال ألبرز.

وذكر أن علاقات باكو الوثيقة مع تل أبيب وسماح أذربيجان لنشاط شركات إسرائيلية في البلدات الصناعية الذكية، المشيدة في المناطق الأذربيجانية المحررة خلال حرب قرة باغ قبالة مدينة خدا آفرين الإيرانية، تثير حساسية الجانب الإيراني، ناهيك عن رصد طهران تحركات معادية لها من شركات إسرائيلية انطلاقا من منطقة "قيرميزي قصبة" القريبة من باكو والمعروفة بأنها إسرائيل الثانية.

ولدى إشارته إلى إنتاج مُسيَّرات "هاروب" الإسرائيلية في باكو، يختم خسروشاهي قائلا: إن التقارير الأمنية والشعبية عن اختراق الأجواء الإيرانية من الناحية الشمالية تُعزز رواية طهران الرسمية، ما يحتم على المسؤولين الإيرانيين متابعة الملف لتحييد التهديدات الإسرائيلية المحتملة هناك.

 

خريطة أذربيجان وتظهر فيها بحر قزوين والحدود مع إيران في الجنوب (الجزيرة)

اتهامات باطلة

من جهتها، نفت باكو رسميا الاتهامات الإيرانية، بينما شنَّت وسائل الإعلام الأذربيجانية حملة مضادة اعتبرت فيها الاتهامات الإيرانية "باطلة وغير جديدة"، وركزت على أن الحرس الثوري الإيراني دأب منذ سنوات عديدة على اتهام باكو باستضافة قواعد عسكرية إسرائيلية وإجراء مناورات عسكرية "استفزازية" على أراضيها.

ويقول الباحث في المركز القومي لدراسات الديمقراطية والأمن، فرهاد عباسوف، إن إيران لا تملك أي أدلة أو حقائق ملموسة تثبت "مزاعمها"، وإنما تقوم بحملة تشويه ضد أذربيجان، وتحاول عبر هذه الاتهامات التغطية على الخروقات الأمنية التي تعرضت لها وكشفت وجود شبكات على أراضيها تعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية.

ويشير عباسوف في حديثه للجزيرة نت، إلى أن حجم ونبرة وهدف المواد المُنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي في إيران يظهر أنها ليست مجرد تصريحات عفوية، بل حملة مُنسقة ومدعومة من أجهزة الدولة.

وأشار إلى عدة أهداف تكمن وراء هذه الحملة، على رأسها:

علاقات أذربيجان مع إسرائيل. وانتهاج باكو سياسة مستقلة خالية من النفوذ الإيراني. والهوية الوطنية لملايين الأذريين المقيمين في مقاطعة أذربيجان شمال غربي إيران، والذين تعتبرهم إيران خطرا عليها، على حد قوله.

واستشهد عباسوف بتصريحات السفير الإيراني لدى أرمينيا، مهدي سبحاني، معتبرًا إياها ادعاءات باطلة وتضليلا سياسيا يهدف لتقويض العلاقات بين البلدين وتحريض المجتمع ضد أذربيجان.

إعلان

شبح إسرائيل

من جانبه، قال المختص في الشؤون الإيرانية فيكتور سماغين، إنه وبالرغم من أن مكالمة بزشكيان مع علييف جاءت بشكل "طلب" للتحقق من قيام مسيرات إسرائيلية بالهجوم على إيران عبر أجواء أذربيجان، إلا أن طهران أرادت لفت الانتباه إلى الشراكة الإسرائيلية الأذربيجانية "الغامضة" التي ترى فيها تهديدا كبيرا.

واستبعد سماغين في تعليقه للجزيرة نت، أن تكون إيران أطلقت هذه الاتهامات دون أسس، بالنظر إلى أن "العلاقات بين أذربيجان وإسرائيل وصلت لمستوى الشراكة الإستراتيجية، فضلا عن روايات شهود العيان خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل، واعترافات العملاء الذين ألقي القبض عليهم في إيران".

ووفق كلامه، فقد بلغت الشكوك الإيرانية ذروتها بعد اندلاع الحرب في غزة، عندما كثّفت الاستخبارات الإسرائيلية عملها في الدول المجاورة لإيران لتشكيل "قواعد هجومية"، ومنها أذربيجان.

وليس مستغربا -يضيف سماغين- أنه مع بدء المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل توقعت طهران ضربات، بما في ذلك من باكو، إلا أن أذربيجان اختارت عدم دعم تطلعات شريكها الإستراتيجي، ويبدو أن هذا لم يُرضِ تل أبيب إطلاقا وفق تعبيره.

وتابع، أنه وبالنظر إلى أن الموساد اعتمد خلال الصراع على "الهجمات من الداخل" مستخدما الأراضي الإيرانية لإطلاق طائرات بدون طيار، فإن استخدام الدول المجاورة لشن هجمات بدا مُفرطا، بل ومحفوفًا بالمخاطر في بعض الأماكن.

ومع ذلك، يلفت سماغين إلى أنه كان بإمكان الاستخبارات الإسرائيلية اللجوء للخداع وإطلاق مُسيَّرات قرب الحدود الأذربيجانية مع توغل طفيف في مجالها الجوي للإيحاء بمشاركة باكو في الحرب وإثارة الشكوك لدى طهران وخلق خط فاصل إضافي بين البلدين، ما سيسمح لتل أبيب باستخدام إستراتيجية "فرّق تسد" بالكامل تجاه شريكها القوقازي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق