هل يصمد وقف إطلاق النار الهشّ بين إسرائيل وإيران؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

بعد سُويعات قليلة، من الهجوم الإيراني على قاعدة العديد القطرية، فاجأ ترامب العالم ـ بشكل دراماتيكي وعلى غير المتوقع ـ بالإعلان عن اتفاق لوقف الحرب، بين إسرائيل وإيران، وأنه سينفذ خلال ساعات، وفي مشهد عاطفي نادر، تضرع ترامب إلى الله بأن "يحفظ تل أبيب وطهران"!

كانت إيران قد أطلقت ـ مساء الاثنين 23 يونيو/ حزيران ـ 19 صاروخًا، على قاعدة العديد، قالت إنه ردٌ على قصف الولايات المتحدة، ثلاث منشآت لبرنامجها النووي مساء السبت، وذلك بعد أيام من "عدم اليقين" بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنضم إلى العمل العسكري الإسرائيلي ضد إيران، والذي بدأ في 13 يونيو/ حزيران الجاري.

وقد دانت قطر بشدة هذا الهجوم، معربةً عن استنكارها هذا التصعيد الخطير الذي يهدد أمن المنطقة، وسط تضامن عربي ودولي واسع معها.

وعلى إثر ذلك، أجرى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان اتصالًا هاتفيًا بأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يعرب فيه عن أسفه إزاء الهجوم الذي نفّذه الحرس الثوري الإيراني على قاعدة العديد الجوية مساء الاثنين، مؤكدًا أن الهجوم لم يكن موجهًا ضد قطر أو شعبها، بحسب ما أفاد الديوان الأميري القطري.

وأشار الديوان الأميري إلى أن الشيخ تميم جدد، خلال الاتصال، إدانة بلاده القوية هذا الاعتداءَ، معتبرًا إياه انتهاكًا سافرًا للسيادة القطرية ومجالها الجوي، ومخالفة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

كما أكد أمير قطر أن هذا التصرف يتعارض تمامًا مع مبدأ حسن الجوار والعلاقات الوثيقة التي تربط البلدين، مذكرًا بأن قطر لطالما دعت إلى الحوار مع إيران، وبذلت جهودًا دبلوماسية كبيرة في هذا الإطار.

وبينما سادت أجواء التوتر والترقب، تحدث ترامب بثقة، من خلال تقديم "تهنئته للبلدين" على "امتلاكهما القدرة على التحمل والشجاعة والذكاء لإنهاء ما ينبغي أن يسمى "حرب الـ12 يومًا"، وذلك كما كتب على موقع تورث سوشيال، وكأنه علّق قُفلًا على الطرفين، ودس مفتاحه في جيبه هو وحده. واتفقت إسرائيل وإيران، على الالتزام بوقف إطلاق النار، على الرغم من أنهما قالتا إنهما ستردان بقوة على أي خرق.

إعلان

وإذا صمد وقف إطلاق النار ــ وهو أمر غير مؤكد إلى حد كبير ــ فإن السؤال الرئيسي سيكون: ما إذا كان هذا يشير إلى بداية سلام دائم، أم إنه مجرد هدنة قصيرة قد يتجدد القتال بعدها؟

حتى الآن، لم يصدر من أية جهة ـ واشنطن، طهران وتل أبيب ـ أي تفاصيل بشأن فحوى ما اتفق عليه لوقف الحرب، غير أن وكالة أسوشيتد برس نقلت عمن وصفتهم بـ"المسؤولين" قولهم، إن النتيجة التي تفضلها إسرائيل، هي موافقة إيران على وقف إطلاق النار، واستئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة، بشأن برنامجها النووي.

ومع ذلك، فإن إسرائيل مستعدة أيضًا للبديل: صراع طويل الأمد، ومنخفض الحدة، أو فترة "هدوء مقابل هدوء"، حيث ستواصل مراقبة النشاط الإيراني من كثب، والرد بقوة إذا ظهرت تهديدات جديدة.

من الواضح ـ إذن ـ أن الاتفاق تم إنجازه، بالقفز على التفاصيل، لهفة من الأطراف الثلاثة، على الخروج من الأزمة، وحفظ ماء الوجه"، وعلى أن يبدأ بعدها في اليوم التالي، غلق صفحة الحرب بالتراضي، وفتح صفحة للسلام، لا سيما أن البلدين، استنزفا بشكل، يهدد قدرتهما على التماسك، ومواصلة الحرب بدون سقف زمني.

والحال أنه ـ حتى الآن ـ فإن إيران لم تنكسر كما أن إسرائيل لم تنتصر، ما يشجع إيران "المجروحة" ـ تحديدًا ـ على قبول إنهاء الحرب، بدون أضرار كبيرة تخصم من شرعية نظامها السياسي.

ولعل ذلك مع حمل الجميع، على تعليق التفاصيل، إلى وقت لاحق لم يحدد بعد، فوقف إطلاق النار جاء على شرط واحد، أن تتوقف العمليات العدائية بين الطرفين، ولم يشر إلى متن الأزمة وصلبها "المشروع النووي الإيراني"، وماذا بشأنه؟!

لا سيما أن تقارير متواترة، ترجح أن إيران، تحتفظ فعليًا بكميات من اليورانيوم عالي التخصيب، ما يمنحها القدرة على صنع أسلحة نووية في أي وقت تراه مناسبًا، إن لم تكن صنعتها فعليًا، رغم الأضرار التي لحقت بمنشآتها النووية.

فبعد وقت قصير، من سريان وقف إطلاق النار، اتهم وزير الدفاع الإسرائيلي، إيران بشن هجمات صاروخية، وأمر إسرائيل بالرد عسكريًا. ونفى منشور على قناة تليغرام التابعة للتلفزيون الرسمي الإيراني إصدار أمر الإطلاق.

ويكاد يجمع المراقبون، على أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار بين طرفين، يظل هشًا ما لم يستوفِ الشروط، التي خلصت إليها دراسات الحرب المعاصرة، إذ يميل السلام إلى الصمود في ظلّ أحد شرطين: إما الهزيمة الكاملة لأحد الطرفين، أو إرساء ردع متبادل.

وهذا يعني امتناع الطرفين عن العدوان؛ لأنّ التكاليف المتوقعة للردّ تفوق بكثير أيّ مكاسب محتملة، كما يقول تقرير لـ the conversation كتبه علي المعموري.

كما تتطلب عمليات وقف إطلاق النار المستقرة عادة، قدرًا كبيرًا من التحضير، حتى يعرف الجميع على الجانبين، ما يفترض أن يحدث، والأهم من ذلك، متى يحدث.

وبدون مثل هذه الاستعدادات، وأحيانًا حتى معها، فإن وقف إطلاق النار، سوف يميل إلى الاختراق؛ ربما عن طريق الصدفة، أو ربما لأن أحد الجانبين لا يمارس السيطرة الكاملة على قواته، أو ربما نتيجة للإنذارات الكاذبة، أو حتى لأن طرفًا ثالثًا ــ جماعة حرب عصابات أو مليشيا، على سبيل المثال ــ اختار تلك اللحظة لشن هجوم من جانبه.

إعلان

السؤال المهم هو: ما إذا كان خرق وقف إطلاق النار، مجرد أمر عشوائي ومؤسف، أم إنه متعمد ومنهجي؟ – حيث يحاول شخص ما انتهاكه بنشاط.

وفي كل الأحوال، لا بد من تعزيز وقف إطلاق النار، سياسيًا طوال الوقت، إذا أردنا له أن يصمد. وعادة ما يتفقون على كيفية مراقبته حتى لا يتمكن أحد الجانبين من انتزاع ميزة سريعة عن طريق كسره فجأة، على حد تعبير المحلل العسكري والأستاذ في كلية كينغز لندن، مايكل كلارك.

وفي السياق، فقد أعادت الحرب تشكيل الطريقة التي تنظر بها كل من إيران وإسرائيل إلى الردع، وكيف تخططان لتأمينه في المستقبل.

بالنسبة لإيران، عزز الصراع الاعتقاد بأن بقاءها على المحك. ومع مناقشة تغيير النظام علنًا خلال الحرب، بدا قادة إيران أكثر اقتناعًا من أي وقت مضى بأن الردع الحقيقي يتطلب ركيزتين أساسيتين: القدرة على امتلاك الأسلحة النووية، وتعميق التحالف الإستراتيجي مع الصين، وروسيا.

ونتيجة لهذا، فمن المتوقع أن تتحرك إيران بسرعة لاستعادة وتطوير برنامجها النووي، وربما تتحرك نحو التسلح الفعلي، وهي الخطوة التي تجنبتها منذ فترة طويلة، رسميًا.

وفي السياق فمن المرجح أن تُسرّع طهران تعاونها العسكري والاقتصادي مع بكين وموسكو تحسبًا لعزلتها. وقد أكّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي هذا التعاون الوثيق مع روسيا خلال زيارته إلى موسكو هذا الأسبوع، لا سيما في المسائل النووية.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى ترى إسرائيل أن الردع يتطلب يقظةً دائمةً، وتهديدًا حقيقيًا بردٍّ ساحق. وفي غياب أي اختراقات دبلوماسية، قد تتبنى إسرائيل سياسةَ توجيه ضربات استباقية فورية للمنشآت الإيرانية، أو الشخصيات القيادية إذا رصدت أي تصعيد جديد، لا سيما فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني.

ويعتقد على نطاق واسع أن الردع المتبادل قد يمنع حربًا أطول أمدًا في الوقت الراهن، ولكن التوازن يظل هشًا وقد ينهار دون سابق إنذار، كما يقول تفصيلًا تقرير Ali Al-Amouri في conversationtd the.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق