قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد حاتم كريم الفلاحي إن الضربات الإيرانية الأخيرة على إسرائيل تميزت باتساع رقعتها الجغرافية وتنوع طبيعة الأهداف، مما يعكس تحولا نوعيا في إستراتيجية المواجهة يعتمد على إيقاع الألم والضرر المؤثر في البنية التحتية الإسرائيلية.
وأوضح الفلاحي أن إيران استهدفت مناطق متعددة من الشمال إلى الجنوب، بما في ذلك صفد، تل أبيب، القدس، حيفا، وأسدود، إضافة إلى منشآت حيوية كبرى مثل محطة الطاقة في الجنوب، وهو ما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن آلاف المنازل، ما يثبت قدرة إيران على الوصول إلى أهداف إستراتيجية بالغة الحساسية.
وكانت الجبهة الداخلية الإسرائيلية أعلنت رصد 4 موجات من الصواريخ الإيرانية خلال 20 دقيقة، فيما قالت القناة الـ13 إن من بين هذه الصواريخ ما سقط جنوب القدس المحتلة، في وقت أكد فيه وزير الطاقة انقطاع الكهرباء عن نحو 8 آلاف منزل في أسدود بعد إصابة منشأة حيوية.
وأشار الفلاحي إلى أن إيران استخدمت في هذه الضربات صواريخ إستراتيجية نوعية مثل "خيبر" و"خيبر شكن"، وهي صواريخ ذات مدى طويل ورؤوس حربية متعددة، ما يعقّد عملية اعتراضها، ويمنحها قدرة تدميرية هائلة تصل إلى انشطار عشرات الحاويات المتفجرة داخل المجال المستهدَف.
وذكرت وكالة "مهر" الإيرانية أن الحرس الثوري استخدم صاروخ "خيبر" الباليستي متعدد الرؤوس للمرة الأولى في هذه الضربة، بينما تحدث موقع "فلاي رادار" عن تعليق هبوط 5 طائرات في مطار بن غوريون بسبب الضربات.
إستراتيجية الإيلام
وأضاف الفلاحي أن إيران باتت تركز على ما سماه "إستراتيجية الإيلام"، من خلال ضرب منشآت تؤثر في الحياة المدنية والاقتصادية، مثل منشآت الكهرباء والمواقع الصناعية، وهو ما يعكس هدفا يتجاوز الرد العسكري إلى إثارة الجبهة الداخلية وإضعاف قدرة الحكومة الإسرائيلية على الصمود.
إعلان
وحسب تقارير إعلامية إسرائيلية، فإن إيران أطلقت منذ بداية الحرب أكثر من 500 صاروخ وألف طائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، بينما تصاعدت عمليات القصف المتبادل عقب الضربات الإسرائيلية على منشآت نووية وصاروخية إيرانية خلال الأيام الماضية.
وأكد الفلاحي أن الاستخدام الإيراني للصواريخ متعددة الرؤوس يمثل قفزة تكنولوجية عسكرية، حيث تُظهر هذه الأسلحة قدرة على تجاوز أنظمة الدفاع الجوي عبر قدرتها على تغيير المسار والانشطار إلى شظايا متعددة تصيب أهدافا متفرقة ضمن محيط واسع.
وأشار إلى أن هذا النوع من الأسلحة يُضعف قدرة إسرائيل على اعتراض الصواريخ، ويزيد الضغط على منظومات الدفاع الجوي مثل "حيتس 2" و"حيتس 3″، خاصة مع محدودية مخزونها من الصواريخ الاعتراضية، في ظل استمرار موجات القصف.
وتحدث العقيد الفلاحي أيضا عن استخدام إيران طائرات مسيّرة ذكية، قادرة على تحديد الأهداف وتدميرها بدقة، مشيرا إلى أن الطرازات المستخدمة تشمل "شاهد" بمداها الذي يتجاوز ألفي كيلومتر، و"شاهد 238″ ذات المحرك النفاث وسرعتها العالية، ما يعكس تنوعا في أدوات الحرب يربك الدفاعات الإسرائيلية.
الحرب الإلكترونية
وفيما تحدثت إسرائيل عن استخدام الحرب الإلكترونية لإسقاط المسيّرات، قال الفلاحي إن هذه العمليات تعتمد على التشويش وقطع الاتصال بين الطائرة والمشغّل، لكنها ليست فعالة في مواجهة كل الأنواع، خصوصا المسيّرات المبرمجة مسبقا.
ولفت إلى أن استهداف منشآت الطاقة في أسدود يعكس تركيز إيران على ضرب مفاصل الحياة الإسرائيلية، مشيرا إلى أن الملاجئ المحصنة تعتمد على الطاقة الكهربائية، وأن المساس بها يُمكن أن يشلّ جزءا من قدرات الصمود في الداخل الإسرائيلي.
وأضاف أن الضربات الإيرانية طالت خلال الأسابيع الماضية أهدافا للموساد، وأخرى في "القرية التكنولوجية"، فضلا عن القواعد الجوية، ما يشير إلى تدرج في إستراتيجية الاستهداف من الأمني إلى الاقتصادي، فالبنية التحتية، في محاولة لتآكل قدرة إسرائيل على الاستمرار.
وفي سياق آخر، أوضح الفلاحي أن إسرائيل لا تستخدم الصواريخ الباليستية بشكل كبير بسبب اعتمادها الرئيسي على سلاح الجو، الذي يتمتع بدقة وتأثير فائقين، وهو ما يجعل الطائرات أداتها المفضلة في العمليات الهجومية بعيدة المدى.
وأشار إلى أن الطائرات الإسرائيلية مثل "هرمز 900" تتمتع بقدرة على تنفيذ المهام داخل إيران والعودة، خلافا لطائرات مثل "إيتان" التي يمكن أن تصل إلى مسافات بعيدة لكنها لا تعود، ما يعكس أهمية النوعيات المتقدمة في حرب الاستنزاف الجارية.
0 تعليق