عاجل

ما سبب ظهور "ثقوب" بجوار منشأة فوردو النووية بعد الضربة الأميركية؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

أظهرت صور الأقمار الصناعية لمنشأة فوردو النووية الإيرانية وجود عدد من الثقوب الصغيرة نسبيًا في الجبل أعلى المنشأة، الأمر الذي أرجعه الخبراء إلى القنابل الخارقة للتحصينات.

وقد استخدمت القوات الأميركية 14 من هذه القنابل أثناء ضربتها لمنشآت فوردو وأصفهان ونطنز النووية فجر الأحد 22 يونيو/حزيران، إلى جانب عدد من صواريخ توماهوك، وذلك في إطار انخراط مباشر في الحرب المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، والتي بدأت منذ 13 يونيو/حزيران الجاري.

ولكن ما سر تلك الثقوب؟ وما علاقاتها بالقنابل الخارقة للتحصينات تحديدا؟ أليس من المفترض أن تحدث القنابل انفجارا ودمارا واضحا؟ الإجابة عن تلك الأسئلة تكمن في الفيزياء التي تشرح عمل هذه القنابل.

عادة ما تعرف القنابل الخارقة للتحصينات بأنها تلك القنابل المصممة لاختراق الهياكل المحصنة والمخابئ تحت الأرض، مثل قنبلة "جي بي يو-57 إيه بي"، وتزن نحو 14 طنا، ويبلغ طولها 6 أمتار.

وفق التقديرات العسكرية، فإن هذه القنبلة قادرة على اختراق ما يصل إلى 60 مترا من الخرسانة المسلحة أو ما يصل إلى 12 مترا من الصخور الصلبة، ولا يمكن حملها بواسطة الطائرات المقاتلة العادية، بل تحتاج لقاذفة الشبح الأميركية "بي 2 سبيريت" التي تشغَّل بواسطة القوات الجوية الأميركية.

(COMBO) This combination of pictures created on June 22, 2025 using handout satellite images released by Maxar Technologies shows Iran's Fordow Fuel Enrichment Plant (FFEP), northeast of the city of Qom on on June 19, 2025 (top), and Iran's Fordow Fuel Enrichment Plant (FFEP), northeast of the city of Qom, after US strikes on the site June 22, 2025 (bottom).
صور قبل وبعد الضربة تبين ظهور 3 ثقوب واضحة في أحد جوانب المنشأة (الفرنسية)

الاستثمار في الطاقة الحركية

لنبدأ أولا بفهم مبادئ الاختراق، تعمل هذه النوعية من القنابل اعتمادا على مبادئ الفيزياء البسيطة، فمن أجل أن يتمكن الجسم من تحقيق اختراق شديد يجب أن يبدأ بالحصول على طاقة حركية كبيرة.

والطاقة الحركية ليست إلا محصلة سرعة الجسم وكتلته، فهناك فارق -لا شك- في التأثير بين ذبابة تمضي باتجاه أحد الجدران بسرعة 60 كيلومترا في الساعة، وشاحنة تمضي بالسرعة نفسها ناحية الجدار نفسه، فلا ريب أن الشاحنة ستكون ذات تأثير أكبر في حال الاصطدام.

إعلان

ولذلك فإنه لتحقيق أقصى قدر من الاختراق، تم تصميم القنابل الخارقة للتحصينات لتكون ثقيلة جدا، وتتحرك بسرعات عالية، ومن هنا نفهم سر وزن القنبلة سالف الذكر، الأمر الذي يساعد القنبلة على اختراق الأرض أو الهياكل الخرسانية بعمق قبل أن تنفجر.

إلى جانب ذلك، تستخدم بعض القنابل الخارقة للتحصينات، خاصة تلك المصممة للاختراق العميق، معززات صاروخية يتم تنشيطها أثناء مرحلة الهبوط النهائية إلى الهدف، لزيادة سرعتها إلى أقصى حد، وبالتبعية تحصل على أقصى قدر ممكن من الطاقة الحركية.

تصميم خاص - إنفوغراف قنبلة (جي بي يو-57) الخارقة للتحصينات
(الجزيرة)

الضغط يولد الاختراق

وإلى جانب ذلك، يتم تصميم القنابل بغلاف خارجي طويل نسبيا ونحيف ومقوى (طول القنبلة 6 أمتار وبعرض أقل من متر)، وغالبا ما يكون مصنوعا من مواد مثل الفولاذ عالي القوة أو التنغستن، وتمتلك هذه المواد من الكثافة والشدة ما يركز الطاقة الحركية في مساحة سطح صغيرة، وهو ما يرفع قدرتها على اختراق الخرسانة والأرض.

تفيد قوانين الفيزياء بأن تأثير الضغط يزيد جدا بانخفاض مساحة السطح، ولذا تجد مثلا أن المسمار النحيف والمدبب يحتاج لقوة أقل لاختراق الخشب مقارنة بجسم غير مدبب أو نحيف له نفس الوزن، لأن المساحة الأصغر تزيد من الضغط.

كلما تم تركيز القوة في مساحة أقل، يزيد الضغط على نقطة التأثير، مما يسمح للقنبلة باختراق طبقات متعددة من الخرسانة المسلحة أو حتى الصخور، لهذا السبب تصنع صواريخ الفضاء بشكل مدبب، حتى تقلل من تأثير ضغط الهواء عليها أثناء الصعود للأعلى.

In this photo released by the U.S. Air Force on May 2, 2023, airmen look at a GBU-57, or the Massive Ordnance Penetrator bomb, at Whiteman Air Base in Missouri. That U.S. bomb, designed to destroy underground sites at the height of concerns a decade ago over Iran's nuclear program, has briefly reappeared amid new tensions with the Islamic Republic. (U.S. Air Force via AP)
يتم تصميم هذه القنابل بغلاف خارجي طويل نسبيا ونحيف ومقوى (أسوشيتد برس)

الديناميكا الهوائية لضبط زاوية السقوط

ولضمان الحفاظ على مسار دقيق وسرعة عالية وزاوية تأثير مثالية عند ضرب هدف، فقد تم تصميم القنابل الخارقة للتحصينات لتكون مستقرة من ناحية الديناميكا الهوائية.

فعادة ما يكون لقنابل اختراق المخابئ أنف مدبب، مع شكل انسيابي، ونسبة طول إلى قطر عالية لتقليل الاضطرابات في أثناء التوجه إلى الهدف، مما يسمح للقنبلة بالوصول إلى هدفها بأقل انحراف عن مسار رحلتها المقصود.

كما أن القنابل الخارقة للتحصينات تكون عادة مجهزة بزعانف ذيل كبيرة نسبيا في الطرف الخلفي، تعمل هذه الزعانف بشكل مشابه للريش الموجود على السهم، حيث تحافظ على توجيه القنبلة بشكل صحيح وتمنع الدوران غير المرغوب فيه.

تولد الزعانف قوى ديناميكية هوائية تعاكس أي قوى جانبية تعمل على القنبلة، مما يساعد في الحفاظ على مسار طيران مستقيم ومستقر. وهذا يحافظ على محاذاة القنبلة مع مسار هدفها المقصود.

وفي بعض الحالات، يتم استخدام زعانف تحكم إضافية لتزويد استقرار القنبلة، وغالبا ما تتضمن أنظمة توجيه بالقصور الذاتي ونظام ملاحة عالمي لتحديد المواقع (جي بي إس) وتوجيه بالليزر، لتصحيح أي انحرافات في المسار، وللحفاظ على استقرار القنبلة في الهواء وضبط زاوية السقوط لتكون قريبة من العمودية لتحقيق أقصى تأثير.

وعلى سبيل المثال، يختلف تأثير إلقاء سكين مدبب على قطعة خشب (كما يحدث في حالات عروض السيرك مثلا) باختلاف زاوية سقوط السكين على قطعة الخشب.

وإلى جانب ذلك، صُمم مركز الثقل وتوزيع الوزن في القنبلة الخارقة للتحصينات بعناية لضمان الاستقرار في أثناء السقوط، حيث يميل مركز الثقل إلى أن يكون نحو مقدمة القنبلة، بينما يتم وضع الزعانف الثابتة في الخلف.

يضمن هذا التكوين عدم اهتزاز القنبلة أو انزلاقها في أثناء الهبوط، ويضمن كذلك الحفاظ على اتجاه الرأس لأسفل، وهو أمر بالغ الأهمية لاختراق دقيق وعميق عند الاصطدام.

تحتاج هذه القنبلة لقاذفة الشبح الأميركية "بي 2 سبيريت" التي تشغَّل بواسطة القوات الجوية الأميركية (رويترز)

الانفجار متأخرا لأقصى تأثير

ما سبق يشرح سر القدرة الكبيرة على الاختراق، ولكن هناك سمة أساسية لهذه القنابل تفسر وجود الثقوب، حيث تمتلك فتيلا يعمل متأخرا، فبدلا من الانفجار عند التلامس مثل القنابل التقليدية، يتم برمجة القنبلة للانفجار فقط بعد أن تخترق الهدف بعمق، وهذا يضمن إطلاق الطاقة المتفجرة داخل الهيكل المستهدف.

إعلان

يمنع التفجير المتأخر القنبلة من الانفجار قبل الأوان على السطح، مما قد يؤدي إلى تبديد الطاقة إلى الخارج بدلا من تركيزها على الجزء الداخلي من المكان المحصن.

وبمجرد اختراق القنبلة الهدف، فإنها تستخدم رأسا حربيا شديد الانفجار، مصنوعا عادة من مركبات قوية مثل "آر دي إكس" والتي تمثل 65% من تركيب الرأس المتفجر، وتسمى أيضا "الهكسوجين"، وهي مادة تحمل الاسم الكيميائي "سيكلوتريميثيلين ترينترامين"، وهي معروفة بثباتها الجيد وإنتاجها العالي للطاقة، مما يجعلها مناسبة لمجموعة متنوعة من التطبيقات العسكرية والصناعية.

إلى جانب ذلك يضاف مسحوق ألمنيوم، يزيد من حرارة الانفجار وطاقته، ويضاف أيضا مادة مطاطية تُستخدم لربط مكونات المتفجر معًا، مما يجعل التعامل معه أكثر أمانًا واستقرارًا.

هذا الخليط يولد عند الانفجار موجة صدمة شديدة (سرعة تفجير حوالي 8000 متر/ثانية)، مما يخلق ضغطا زائدا قويا وحرارة داخل المساحة الضيقة المستهدفة.

هل تحقق الهدف من الضربة؟

يتبقى سؤال واحد يتعلق بنتائج الضربة، إلا أن هذا الأمر يرتبط بالأساس بهدفها، فإذا كان الهدف هو تدمير المنشأة بالكامل فربما لم يتحقق، حيث نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مصادر أميركية وإسرائيلية أن الهجوم الأميركي على إيران، لم يؤد إلى تدمير موقع فوردو النووي الحصين كليا، كما ذكرت أن طهران نقلت اليورانيوم المخصب من هناك قبل الهجوم.

وقال مسؤول أميركي للصحيفة إنه تم إسقاط 12 قنبلة خارقة للتحصينات، لكنها "لم تكن كافية لتدمير موقع فوردو"، وإن كانت ألحقت به أضرارا بالغة، حسب وصفه.

وكذلك، قال مسؤولون إسرائيليون للصحيفة إن "الجيش الإسرائيلي يعتقد أن موقع فوردو لحقت به أضرار جسيمة لكن لم يدمر كليا"، وأضاف هؤلاء المسؤولون أنه "يبدو أن إيران نقلت معدات، بما في ذلك اليورانيوم، من منشأة فوردو".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق