عبدالله المومني - تشهد سماء الأردن والنصف الشمالي من الكرة الأرضية، صباح السبت، حدثًا فلكيًا سنويًا بارزًا، وهو "الانقلاب الصيفي"، الذي لا يمثل فقط البداية الرسمية لفصل الصيف من الناحية الفلكية، بل يسجل أيضًا أطول نهار وأقصر ليل على مدار العام بأكمله.
خلفية علمية: سر ميلان الأرض
لا تحدث هذه الظاهرة بمحض الصدفة، بل هي نتيجة مباشرة لميلان محور دوران الأرض بزاوية تبلغ حوالي 23.5 درجة.
فخلال رحلة كوكبنا السنوية حول الشمس، وفي هذا التوقيت تحديدًا، يكون النصف الشمالي من الكرة الأرضية مائلاً نحو الشمس بأقصى درجة ممكنة.
وأوضحت إدارة الأرصاد الجوية، في بيان لها اليوم الجمعة، أن هذا الميلان يجعل أشعة الشمس عمودية تمامًا يوم غدٍ على مدار السرطان، وهو دائرة عرض وهمية تقع شمال خط الاستواء، مما يعني أن الشمس تصل إلى أقصى نقطة شمالية لها في السماء خلال العام.
التأثير المباشر على الأردن
سيلاحظ سكان الأردن غدًا أن الشمس تسجل أعلى ارتفاع لها في السماء وقت الظهيرة، مما يجعل ظلال الأشياء هي الأقصر على الإطلاق خلال السنة.
وأشار بيان الأرصاد إلى أن طول النهار في سماء المملكة سيبلغ ذروته، ليصل إلى حوالي 14 ساعة و20 دقيقة، بينما ستسجل ليلة السبت أقصر ليل في العام، بطول يقدر بحوالي 9 ساعات و40 دقيقة فقط.
خلفية تاريخية وثقافية: يوم احتفلت به الحضارات
لم يكن الانقلاب الصيفي مجرد ظاهرة فلكية، بل كان حدثًا محوريًا في حياة الحضارات القديمة التي اعتمدت على الشمس والنجوم في زراعتها وتحديد مواقيتها.
فقد ربطت ثقافات عديدة حول العالم هذا اليوم بالخصوبة والحياة والضوء، وأقامت طقوسًا واحتفالات ضخمة.
ولعل أشهر المعالم الأثرية المرتبطة بهذه الظاهرة هو نصب "ستونهنج" في بريطانيا، حيث تتراصف أحجاره العملاقة بشكل يسمح لأشعة شمس الانقلاب الصيفي باختراق قلبه بدقة مذهلة، مما يرجح أنه كان مرصدًا فلكيًا أو مكانًا ذا أهمية دينية كبرى.
ماذا بعد الذروة؟
على الرغم من أن الانقلاب الصيفي يعلن بدء فصل الحر، إلا أنه يمثل أيضًا نقطة التحول التي تبدأ بعدها رحلة النهار في التناقص التدريجي.
فابتداءً من يوم الأحد، سيفقد النهار بضع ثوانٍ أو دقائق كل يوم، لصالح الليل الذي سيزداد طوله تدريجيًا، وصولًا إلى الاعتدال الخريفي في شهر سبتمبر/أيلول، حيث يتساوى طول الليل والنهار مرة أخرى.
0 تعليق