أهداف الإخوان الخفية وأضرارهم السياسية - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

الهيمنة علي مؤسسات الدولة والفشل في كافة الملفات

فرض منظومة تشريعية "أيديولوجية".. تتنافس مع القيم الوطنية

استخدام الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور لتحقيق مصالحهم

تجاهل مبدأ التوافق الوطني أدي إلي تهميش الأقليات وتقليص الحريات

التسبب في تراجع هيبة الدولة.. وتبني خطاب يبرر التمرد

دعم الجماعات المتطرفة والمساهمة في تدويل العنف والإرهاب

تعاملهم السطحي مع القضية الفلسطينية.. أتاح لإسرائيل فرصة تكريس وقائع ميدانية جديدة

شوهوا صورة مصر كوسيط محايد ومؤثر

حاولوا اختراق الأجهزة السيادية للحصول علي معلومات استراتيجية

هددوا الأمن القومي المصري.. باعتمادهم لأجندات خارجية

خطابهم العدائي تسبب في اهتزاز علاقات مصر مع دول الخليج

توتر العلاقات مع الشركاء الغربيين.. وعزلة البلاد إقليمياً ودولياً

عجزوا عن توفير أبسط مقومات الحياة للمواطنين مع السلع الأساسية

غابت عن عهدهم المعايير المهنية.. وحل محلها الولاء التنظيمي

سعوا إلي توريط الجيش في صراعات إقليمية لا تخدم المصلحة الوطنية

الأجهزة الأمنية تمكنت من تفكيك بنيتهم التنظيمية وكشفت مخططاتهم السرية

تصدوا لسياساتهم التخريبية باحترافية مهنية عالية

كشفوا للعالم الصورة الحقيقية للجماعة واستعادوا هيبة الدولة

أميرة السلاموني

أكد الخبراء تعدد الأضرار السياسية التي ظهرت مع وصول جماعة الإخوان المحظورة الي الحكم في مصر وعدد من الدول الأخري في حقب زمنية مختلفة. حيث ألقوا الضوء علي الدوافع السياسية للجماعة وأهدافها وتأثير وصولهم للحكم علي البنيان السياسي للدولة. ومحاولة تغولهم داخل مفاصل هيكلها التنظيمي. وتدخلهم السافر في التشريع ومحاولة فرض تشريعات لا تلائم القيم المصرية. وتعديل الدستور المصري بطريقة تحقق مصالح الجماعة. بالإضافة إلي  تقلص دور الدولة المصرية فترة حكمهم في العديد من الملفات السياسية داخليا وغياب الآمن عن الشارع بسبب أعمال العنف وانتشار السلاح بطريقة لم يعدها احد في مختلف المحافظات المصرية 

أشار الخبراء أيضا إلي تسبب الإخوان في انتشار الإرهاب في مصر والعالم بصورة لم يسبق لها نظير. وتأثر الملف الفلسطيني سلبيا وإعطاء الفرصة لإسرائيل في تحقيق أهدافها داخل وخارج فلسطين. بالإضافة الي محاولة الإخوان اختراق أجهزة سيادية مصرية للحصول علي معلومات سرية تهدد الأمن القومي. كما أشار الخبراء إلي فشل الإخوان في ملفات الأمن القومي الداخلي من حيث توفير احتياجات المواطنين من الموارد الرئيسية مثل الكهرباء. 

أوضح دكتور هيثم عمران "أستاذ العلوم السياسية بجامعة السويس" أن جماعة الإخوان المسلمين. منذ نشأتها. تبنت خطابًا مزدوجًا يجمع بين الديني والسياسي. مع إصرارها علي تقديم نفسها كبديل شامل يملك "الحل الإسلامي" لكل مشكلات المجتمع والدولة. غير أن التحليل البنيوي لأدبياتهم وممارساتهم يُظهر أن الهدف الأساسي كان دومًا التمكين السياسي الشامل. لا لمجرد المشاركة في الحكم. بل للهيمنة عليه. وإعادة صياغة مؤسسات الدولة وفقًا لعقيدتهم التنظيمية. وهذا ما اتضح جليًا خلال فترة حكمهم القصيرة. حيث سعت الجماعة إلي فرض هيكل سلطوي ذي طابع عقدي. لا مدني. يُقصي المخالف ويُعلي من الولاء التنظيمي علي الكفاءة أو الصالح الوطني.

أشار أيضا إلي أن وصول الجماعة إلي أدي الحكم إلي اهتزاز البنية المؤسسية للدولة المصرية. حيث اتبعت الجماعة سياسة "الأخونة" القائمة علي إحلال عناصرها داخل مؤسسات الدولة. بما في ذلك الوزارات السيادية. والهيئات الرقابية. بل وحتي الإدارات المحلية. هذه المحاولة للهيمنة التنظيمية قوضت مبدأ الحياد المؤسسي. وخلقت تصدعات داخل الجهاز الإداري. وأنتجت حالة من فقدان الثقة بين المواطنين والدولة. وساهمت في إنهاك المؤسسات نتيجة تغليب الانتماء الأيديولوجي علي الكفاءة والخبرة. كما مارست الجماعة تدخلًا مباشرًا في العملية التشريعية. وسعت إلي فرض منظومة تشريعية ذات طابع أيديولوجي مغلق. تتنافي في كثير من مواضعها مع القيم الوطنية الجامعة والتقاليد القانونية المصرية. كما استخدموا الجمعية التأسيسية لصياغة دستور 2012 كأداة لفرض تصوراتهم الخاصة للدولة. متجاهلين مبدأ التوافق الوطني. وهو ما أدي إلي إنتاج دستور يعكس مصلحة الجماعة لا مصالح المجتمع. ويهمش الأقليات. ويقلص من الحريات العامة. ويعيد تفسير الشريعة بأسلوب يخدم أهدافهم التنظيمية أكثر مما يخدم الصالح العام.

أكد أن فترة حكم الإخوان شهدت تراجعًا ملحوظًا في هيبة الدولة. وانسحابًا جزئيًا لأجهزتها الأمنية عن المشهد العام. فانتشر السلاح في العديد من المحافظات. وازدهرت تجارة العنف والتحريض السياسي. خاصة في ظل تساهل الجماعة مع العناصر المتطرفة. وتبنيها لخطاب تعبوي يُبرر التمرد علي مؤسسات الدولة. كل ذلك ساهم في تفكيك منظومة الأمن الداخلي. وأدي إلي حالة من الانفلات غير المسبوق أضرّت بالمواطن العادي. وأضعفت الثقة العامة في قدرة الدولة علي فرض النظام. كما أن حكم الإخوان أدي الي زيادة التطرف. سواء من خلال التساهل مع خطاب الكراهية. أو من خلال علاقاتهم الفكرية والتنظيمية مع تيارات جهادية أوسع. عقب عزلهم. اتضح أن العديد من الجماعات الإرهابية في سيناء وغيرها كانت مرتبطة عضويًا أو فكريًا بقياداتهم. وعلي المستوي الدولي. استلهمت جماعات مثل "داعش" و"جبهة النصرة" خطاب "التمكين الإسلامي" الذي كانت الجماعة تسوّقه. ما ساهم في تدويل خطاب العنف وتكريس ثقافة المواجهة بين الجماعات الدينية والدولة الحديثة.

أشار إلي أنه علي الرغم من ادعاء الإخوان دعم القضية الفلسطينية. إلا أن غياب الرؤية الإستراتيجية وتعاملهم السطحي مع الملف أضرّ فعليًا بالقضية. فانشغال الجماعة بتوسيع نفوذها الإقليمي أضعف أدوات التأثير المصري علي الملف الفلسطيني. ما أتاح لإسرائيل الفرصة لتكريس وقائع ميدانية جديدة. وفرض سياسات استيطانية أكثر عدوانية. كما أن استغلال حماس لعلاقاتها الوثيقة بالإخوان داخل مصر أثار قلقًا أمنيًا وسياسيًا داخليًا. وأضرّ بصورة مصر كوسيط محايد ومؤثر.

أضاف أن بعض الوثائق والتحقيقات الرسمية كشفت أن قيادات الجماعة حاولوا اختراق الأجهزة السيادية في الدولة. سواء بالحصول علي معلومات استخباراتية أو عبر تسريب بيانات حساسة إلي أطراف خارجية. هذه المحاولات لم تكن اجتهادات فردية بل ضمن نسق تنظيمي مرتب. وهو ما أكدته أحكام نهائية صادرة عن القضاء المصري في قضايا التخابر. هذا السلوك يُمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي. ويؤكد أن مشروع الجماعة لم يكن وطنيًا بل عابرًا للحدود ومتصلاً بأجندات خارجية.

أضاف أيضا أن فترة حكم الإخوان كانت إحدي أكثر الفترات اضطرابًا في السياسة الخارجية المصرية. حيث اهتزت علاقات مصر بدول الخليج نتيجة خطاب الجماعة العدائي تجاه الأنظمة الحاكمة. ومحاولاتهم للتدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول. كما توترت العلاقات مع شركاء غربيين بسبب قلقهم من تبني الجماعة لنهج غير ديمقراطي واحتكاري في السلطة. وقد انعكس هذا علي عزلة مصر إقليميًا ودوليًا. وتراجع تأثيرها كدولة مركزية في النظام العربي. كما عجزت الحكومة الإخوانية أثناء فترة حكمها عن توفير أبسط مقومات الحياة للمواطن المصري. مثل الكهرباء. الوقود. والسلع الأساسية. هذا الفشل لم يكن نتيجة موارد معدومة. بل بسبب غياب الكفاءة. وانشغال النظام بالمكاسب السياسية والتنظيمية. ما أدي إلي أزمات معيشية خانقة دفعت الشعب إلي فقدان الثقة السريعة في قدرتهم علي الحكم. الفشل في إدارة ملف الأمن القومي لم يكن فقط أمنيًا. بل شمل الأمن الغذائي. والخدمات العامة. والطاقة.

أوضح إصرار الجماعة علي تعيين موالين لها في مواقع تنفيذية حساسة أدي إلي تدهور في أداء مؤسسات الدولة. حيث غابت المعايير المهنية. وحل محلها الولاء التنظيمي. فقد تقلد عدد من الشخصيات التي تفتقر إلي الكفاءة وزارات حيوية. مما أدي إلي ارتباك إداري. وتأزم في القطاعات الخدمية. واحتقان شعبي انعكس في صورة استقطاب حاد. وانقسام مجتمعي غير مسبوق. كانت الدولة في غني عنه. وقد سعت الجماعة إلي توريط الجيش المصري في صراعات إقليمية لا تخدم المصلحة الوطنية. مثل إرسال قوات إلي سوريا تحت دعوي "نصرة الشعب السوري". في وقت لم تكن فيه مصر تملك لا الموارد ولا الرؤية للانخراط في هذه الحروب. كما حاولت اختراق بعض البني الداخلية للمؤسسة العسكرية. في سلوك يُعد تهديدًا مباشرًا لتماسك الدولة. هذه المحاولات لو نجحت. كانت ستقوّض عقيدة الجيش الوطنية. وتشوه صورة مصر التاريخية كدولة محايدة ومتوازنة.

أوضح أن ما أنقذ الدولة المصرية من الإخوان هو أن أجهزة الدولة. وعلي رأسها القوات المسلحة وجهاز الأمن الوطني. تمكنت من تفكيك البنية التنظيمية السرية للجماعة. وكشفت تورطها في مخططات تهدد كيان الدولة. وقد تميزت تلك الجهود باحترافية مهنية عالية. لا تقوم علي الانتقام بل علي مبدأ حماية الدولة ومؤسساتها. وأسهمت تلك الجهود في إعادة الاستقرار. واستعادة هيبة الدولة. وكشف الصورة الحقيقية للجماعة أمام الرأي العام المحلي والدولي. مما أفشل مخططاتها التخريبية.

تري دكتور سهام عزالدين جبريل "خبيرة الإعلام السياسي والعلاقات الدولية وقضايا الأمن القومي" أن جماعة الإخوان المسلمين لم تكن في أي مرحلة من تاريخها حركة دينية دعوية فقط. بل تأسست منذ البداية علي مبدأ "الحكم" كغاية استراتيجية. هدفها الأساسي كان السيطرة علي مفاصل الدولة تحت غطاء الدين. وفرض مشروعها الأيديولوجي. الذي لا يعترف بالتعددية أو الدولة الوطنية. بل يسعي إلي إقامة ما تسميه الجماعة بـ"الخلافة الإسلامية". ما يجعلها جماعة عابرة للحدود لا تؤمن بالهوية الوطنية للدول.

تضيف أنه بمجرد وصولها إلي الحكم. بدأت الجماعة في إعادة هيكلة مؤسسات الدولة لتخدم مشروعها الخاص. لا مشروع الدولة. تم الدفع بأعضاء أو مؤيدين إلي مناصب قيادية. وبدأ تفكيك التقاليد السياسية والبيروقراطية لصالح "التمكين". البنيان السياسي تعرض لاهتزاز كبير بسبب محاولة الإخوان تحويل الدولة إلي أداة طيّعة تخدم مصالحهم التنظيمية. كما مارست الجماعة ضغوطًا قوية علي البرلمان لتغيير مواد في الدستور بما يخدم تصورهم العقائدي. وليس الإرادة الشعبية أو القيم المصرية الوسطية. محاولاتهم لتعديل التشريعات مست القوانين المدنية والأسرة والمرأة. في محاولة لإعادة تشكيل المجتمع من منطلق أيديولوجي ضيق يتعارض مع روح المجتمع المصري وثقافته المتسامحة.

تؤكد أنه في ظل حكم الإخوان. تراجع دور الدولة في إدارة العديد من الملفات الأساسية. وارتبك المشهد الداخلي نتيجة تراجع الأداء الأمني والانتشار غير المسبوق للسلاح. خاصة في سيناء وبعض المناطق الحدودية. العنف السياسي والاحتجاجات الدامية زادت من مناخ الفوضي وأضعفت قدرة الدولة علي التحكم في المجال العام. وتضيف أن تجربة حكم الإخوان فتحت الباب أمام تغلغل الجماعات الإرهابية وتوفير مظلة سياسية لها. وسُجل في تلك الفترة تصاعد حاد في عمليات العنف المسلح داخل مصر وخارجها. خطاباتهم المزدوجة غذّت الفكر المتطرف. وساعدت علي تمدد التنظيمات الإرهابية إقليميًا. من ليبيا إلي سوريا وغيرها.

تري أنه خلال فترة حكم الجماعة. تراجعت العلاقات مع عدد من الدول العربية. خاصة الخليجية. بسبب المخاوف من تصدير الثورة وتمكين فروع الجماعة في تلك البلدان. كما توترت العلاقات مع أوروبا والولايات المتحدة نتيجة فقدان الثقة في سياسة خارجية متوازنة وانفتاحهم علي دول تدعم أجنداتهم الإقليمية مثل تركيا وقطر. كما عانت مصر من انقطاعات كهرباء متكررة. وأزمات في الوقود. وسوء في إدارة الخدمات. مما أثر مباشرة علي المواطن. فشلت الجماعة في التعامل مع احتياجات الناس. ما فضح غياب أي مشروع اقتصادي أو تنموي حقيقي. وانشغالهم فقط بالتمكين والسيطرة السياسية.

وتشير إلي أنه خلال فترة حكم الإخوان سُجلت حالات واضحة لتعيينات في وزارات حساسة. علي أساس الانتماء الفكري أو الحزبي وليس الكفاءة. هذا التسييس للوظائف العامة أدي إلي تدهور الأداء الإداري. وسادت حالة من الارتباك والاحتقان داخل أجهزة الدولة وفي الشارع المصري. مما زاد من فقدان الثقة بين المواطن ومؤسسات بلاده. كما حاولت الجماعة استغلال الموقف الإقليمي لدفع الجيش المصري نحو التدخل في أزمات لا تخدم المصالح القومية. مثل سوريا. هذه المحاولات كانت تهدف لتوريط المؤسسة العسكرية وتشتيت دورها. لكن الحكمة المصرية والمؤسسة العسكرية أفشلت هذا المخطط. ما حافظ علي صورة مصر كقوة إقليمية عاقلة ومحايدة.

توضح أنه رغم ما أعلنته الجماعة من دعم للقضية الفلسطينية. فإن سلوكها العملي كان عكس ذلك تمامًا. فتقاربها مع حركة "حماس" وتنسيقها مع جهات غير رسمية أضعف الدور المصري المركزي في القضية. وسمح لإسرائيل بالمضي قدمًا في مشروعات تهويد القدس وتوسيع الاستيطان دون رادع حقيقي. كما توضح "جبريل" أن الجهات الأمنية والقضائية المصرية وثّقت محاولات اختراق أجهزة حساسة عبر زرع أفراد من الجماعة أو المتعاطفين معها. وظهرت هذه الحقائق في قضية التخابر الشهيرة. التي كشفت وجود اتصالات مع دول وجهات أجنبية تهدد الأمن القومي المصري. في تجاوز خطير لكل الأعراف الوطنية. وقد نجحت الجهات الأمنية والقضائية في كشف المخططات مبكرًا. وتحركت بحزم قانوني وأمني لحماية الدولة من التفكك. وأظهرت درجة عالية من اليقظة والولاء الوطني. ما حافظ علي استقرار مؤسسات الدولة.

تؤكد "جبريل" أن تجربة حكم جماعة الإخوان في مصر. رغم قصرها. كانت كاشفة ومدمرة في آني واحد. لقد أثبتت أن المشروع الذي تتبناه الجماعة لا يتسق مع دولة مدنية حديثة. بل يمثل تهديدًا مباشرًا لاستقرار الوطن وهويته. وكانت استجابة مؤسسات الدولة. ووعي الشعب المصري. العامل الأساسي في إفشال هذا المخطط.

يري دكتور عبد الرحمن عبد العال "أستاذ العلوم السياسية بكلية السياسة والاقتصاد بجامعة بني سويف" أن مشكلة تيارات الإسلام السياسي ومنها جماعة الإخوان المسلمين حتي وإن تولت السلطة من خلال الانتخابات إلا أنها ليس لديها إيمان حقيقي بالديموقراطية.  إذ إن حصر مفهوم الديمقراطية في مجرد حصول حزب علي أغلبية الأصوات سوف بحولها إلي ما يسمي بالاستبداد الديمقراطي وليست تعبيرا حقيقيا عن مجمل إرادة الشعب. ولذلك كل التيارات الأصولية السياسية سواء النازية أو الفاشية أو الإسلامية وغيرها التي تبنت هذا المفهوم القاصر للديمقراطية إنما سعت إلي توظيفها لتحقيق مشروعها الخاص بها وليس تحقيق المصلحة العامة وانتهي بها المطاف جميعا إلي تدمير مجتمعاتها ومقدراتها القومية .

يضيف أن تيار الإسلام السياسي بتنظيماته المختلفة وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين لديه مفهوما انتقائيا للمواطنة ومدنية الدولة وهذا ما رأيناه خلال فترة حكم جماعة الإخوان والمتحالفين معها من محاولات اخونة مؤسسات الدولة وغلبت منطق الاستحواذ والتمكين وليس منطق المشاركة مع التيارات السياسية الأخري سواء في الاستحواذ علي مقاعد مجلسي الشعب والشوري في انتخابات التي أجريت آواخر عام 2011 أو علي المقعد الرئاسي وتوظيف ذلك في تمرير أجندة جماعة الإخوان وحلفاءها مثلما وضح في لجنة إعداد دستور 2012 وتضمينه مواد وفي مقدمتها المادة 219 الشهيرة والتي كانت تمهد لتحويل الدولة المصرية إلي دولة دينية مما دفع بكثير من القوي المدنية إلي الانسحاب من لجنة إعداد الدستور باعتبار ذلك انحرافا عن الطبيعة التاريخية المدنية للدولة المصرية. وهو الأمر الذي استشعرته الأغلبية الساحقة من الشعب المصري عندما خرجت في ثورة 30 يونيو 2013 رافعة شعار يسقط حكم المرشد معبرة في ذلك عن شعور فطري لديها بالخوف علي الهوية الوطنية المصرية ودس بذور الفتنة في نسيج المجتمع وتقسيمه.

يوضح أنه انطلاقا من هذا المفهوم القاصر لدي جماعة الإخوان المسلمين وحلفاءها للمصلحة الوطنية المصرية وحصرها في مصلحة الجماعة فقط فإنها لم تنتبه إلي الاحتياجات الحقيقية للمواطن المصري وإعادة تصحيح المسار بعد ثورة يناير 2011 في إقامة حكم رشيد يرقي إلي تطلعات الشعب ولكنها ركزت كل جهدها في التمكين السياسي والاجتماعي لها. الأمر الذي جعل الأمور تنتقل من سيئ إلي أسوأ في ملفات الأمن والاقتصاد وغيرها. وليس أدل علي ذلك من إن قضية الأمن استحوذت علي الشعور العام لدي أغلبية الشعب وكانت احد الدوافع الرئيسية لثورة 2013 وكانت المرأة المصرية الأكثر إحساسا بهذه القضية وفق ما كشفت عنه بحوث واستطلاعات الرأي العام المصري في تلك الفترة.

يري إن رغبة جماعة الإخوان المسلمين تجاهلت كثير من القواعد الحاكمة للسياسة الخارجية المصرية وبخاصة في المنطقة العربية وإدارة العلاقات مع كل من تركيا وايران ومحاولة تركيا توظيف وجود حكم جماعة الإخوان في دعم دورها الإقليمي في ملفات عديدة خاصة بسوريا وليبيا والسودان وغيرها علي حساب المصلحة والأمن القومي المصري. ولذلك فإن تحقيق المصلحة الوطنية المصرية لا يمكن أن يتحقق الا من خلال قيادة وطنية تؤمن بالهوية المدنية التاريخية للدولة المصرية وبناء مصر علي أسس راسخة من مبادئ المواطنة والحكم الديمقراطي الرشيد حتي وإن كان بشكل تدريجي لضمان عدم انتكاسة المسار تحت أي ضغوط . وللأسف مثل هذا البناء الراسخ من المواطنة والديمقراطية والحكم الرشيد لا يمكن تحقيقه من خلال منطق الحركة أو الجماعة الحاكم لجماعة الإخوان المسلمين وغيرها لعدم إيمانهم بمفهوم الدولة القومية والمصلحة الوطنية وإعلاء مفهوم الأمة بما يتضمنه في بعض جوانبه لدي هذه الجماعة من اختزال مفهوم المواطنة في المواطنة الدينية وهو ما يعني تقسيم المجتمع علي أساس طائفي.

يشير إلي أن محاولات جماعة الإخوان المسلمين وأذرعها الإعلامية توظيف الأحداث القائمة في غزة وغيرها لاستدراج مصر وجيشها إلي تبني خيارات لا تتناسب مع المصلحة الوطنية المصرية إنما يؤكد ما سبق ذكره من افتقار هذه الجماعة لمفهوم الدولة القومية والمصلحة الوطنية وان هدفها الحقيقي هو مجرد الوصول للسلطة حتي وإن كان ذلك علي حساب استقرار الدولة ومصلحة شعبها.

 



يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق