تحويل الضفة إلى معازل يفسد أجواء العيد - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

الخليل- تحافظ كثير من العائلات الفلسطينية على عادات قديمة في الأعياد، بينها البدء بجولات جماعية لزيارة الأقارب والجيران وتهنئتهم بالعيد، ثم زيارة الأبعد فالأبعد من الأرحام والأقارب.

وفي عيد الأضحى يحرض المضحون على ذبح أضحياتهم باكرا، لتوزيع بعضها على الأرحام من أمهات وأخوات وبنات وعمات وخالات، لكن الوضع السياسي والأمني ألقى بظلاله على الزيارات وصلة الأرحام كشعيرة دينية.

وقد ساهم تحويل الضفة الغربية إلى معازل و"غيتوهات" -تفصل بينها الحواجز الإسرائيلية والشوارع الاستيطانية والمستوطنات- في اضطرار البعض إلى الاقتصار على المناطق القريبة جغرافيا ولا تتطلب المرور عبر حواجز عسكرية، وذلك عند زيارة أرحامهم.

عبد الله الصبار - مواطن فلسطيني
الصبار: وجود الحواجز يزيد المشقة ويحول دون إتمام زيارات العيد (الجزيرة)

مشقة صلة الرحم

عبد الله الصبار في العشرينيات من العمر، توفي والده منذ سنوات ويقع على عاتقه في العيد زيارة أخواته العشر، إضافة إلى خالتين و5 عمّات، وعدد كبير من بنات الأعمام والعمات.

ويوضح الشاب الفلسطيني، وهو من بلدة دورا (جنوبي الضفة) أنه اعتاد مع أقاربه على إتمام مهمة زيارة الأرحام خلال يوم أو يزيد قليلا، لكن بعد تصعيد جيش الاحتلال عدوانه على الضفة وإغلاق كافة القرى والمدن بالتزامن مع بدء العدوان على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 اضطر لاختصار كثير من الزيارات.

وأوضح أن عددا من شقيقاته متزوجات في قرى مجاورة لا يستغرق الوصول إليهن أكثر من ساعة في الوضع الطبيعي، لكن مع إقامة الحواجز والبوابات الحديدية بات الوصول إليهن يحتاج وقتا مضاعفا وربما ضياع يوم العيد كاملا في زيارات قليلة.

إعلان

وبما أن الكثير من البوابات الحديدية مثبتة على مداخل القرى والبلدات والمدن لمنع استخدام شوارع مشتركة مع المستوطنين، فإن كثيرين يضطرون لركن مركباتهم عند إحدى البوابات واجتياز الشوارع سيرا على الأقدام نحو بوابة القرية المقابلة، واستخدام مركبة أخرى لإتمام المهام، لكن هذا الخيار لا يخلو من خطر التعرض للاعتداء من قبل جيش الاحتلال أو المستوطنين خلال اجتياز الشارع أو إتلاف المركبة المتوقفة بالقرب منه، حسب الصبار.

ويضيف المواطن أن إحدى شقيقاته متزوجة في مدينة رام الله، التي تبعد عن بلدته نحو 100 كيلومتر، لكن زيارتها اليوم تستغرق 6 ساعات على الأقل للسفر نظرا لانتشار الحواجز والطرق البديلة.

ويعد الصبّار واحدا من آلاف الأسر الفلسطينية التي تعاني من انعكاسات وآثار اجتماعية لتحويل القرى والبلدات الفلسطينية إلى معازل، ومما يزيد الضغط الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الضفة.

مواطن فلسطيني وناشط حقوقي
جابر: لا يسمح بدخول المنطقة المغلقة من الخليل لغير سكانها ولا يستمتع الأطفال بالعيد (الجزيرة)

حظر تجول في العيد

حكاية هذا الشاب تعكس جانبا يسيرا من معاناة الفلسطينيين إذ إن الحركة بين البلدات مقيدة، لكن داخل البلدة الواحدة ممكن. أما تجربة الفلسطيني عارف جابر من قلب مدينة الخليل فهي أكثر قساوة إذ تغيب مظاهر العيد تماما وينتظر أن تخضع 500 عائلة لحظر التجول من مساء أول أيام العيد وحتى مساء ثاني أيامه حيث يحل السبت يوم الإجازة الأسبوعية للمستوطنين.

ويقول جابر للجزيرة نت إن الاحتلال أغلق -بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023- عدة أحياء وسط مدينة الخليل، ويمنع تواصل عائلاتها مع الخارج أو تواصل الخارج معها إلا بقيود مشددة.

ويوضح أن الحياة قبل التصعيد الإسرائيلي كانت صعبة لكن الحركة كانت ممكنة ولو بالحد الأدنى، لكن بعد أكتوبر/تشرين الأول 2023 فرض الإغلاق الكامل على أحياء وادي الحصين والسلايمة وجابر، وأحيطت بحواجز إسرائيلية مأهولة ومجهزة ببوابات حديدية وإلكترونية.

إعلان

ويضيف جابر أن تلك الحواجز تمنع دخول أي مواطن من خارج المناطق المغلقة، أما الخروج فمقيد بساعات النهار حتى الرابعة مساء، مع الخضوع لحظر التجول التام من مساء الجمعة وحتى مساء السبت.

ويتابع أن هذا الوضع الأمني ألقى بظلال على علاقات السكان الاجتماعية، إذ أن النساء يغادرن بيوتهن في العيد إلى بيوت أقاربهن للمعايدة، كما أن فرحة الأطفال اختفت للقيود المفروضة على الحركة داخل الأحياء وملاحقة الجيش.

ويقول إن الكثير من العائلات تكتفي بالمعايدة بالاتصال الهاتفي أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهي أدوات لا تفي بالغرض خاصة في العيد، لكنها الممكنة في هذه الظروف.

ويضيف المواطن الفلسطيني أن حالة الإغلاق لا تلقي بظلالها على الأعياد فحسب، إنما أثرت على مراسم الزواج والجنائز.

فلسطين-الخليل-عشرات البوابات الحديدية على مداخل مدينة الخليل والقرى المحيطة بها
جيش الاحتلال يغلق المناطق الفلسطينية ببوابات حديدية فيضطر المواطنون لاجتيازها مشيا (الجزيرة)

900 حاجز

ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، ازدادت القيود المفروضة على الحركة، وتضاعف عدد الحواجز العسكرية والبوابات، وتعرضت العديد من التجمعات الفلسطينية لعزلة شبه تامة.

ووفق معطيات هيئة "مقاومة الجدار والاستيطان" فإن جيش الاحتلال يقسم الضفة بنحو 900 حاجز عسكري أو بوابة أو عائق مادي.

ووفق دراسة -عرضت خلال ورشة عمل نظمها معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) خلال مارس/آذار- فإن حركة النقل انخفضت بنسبة 51.7% بعد بدء العدوان على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وبعد تسجيل وقت الانتظار على 14 حاجزاً عسكرياً، وجد أن الوقت يتراوح بين 15 و50 دقيقة.

كما تظهر النتائج أن متوسط التأخير في الرحلات خارج محافظة نابلس -كمثال- يصل إلى 42 دقيقة، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 77.9% عن الوقت الأصلي للرحلة.

وقد خلفت هذه التطورات واقعًا جديدًا على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، مما ترتب عليه تداعيات عميقة على الاستقرار المجتمعي، والسلم الأهلي.

إعلان

وتلقي إجراءات الاحتلال في الضفة بظلالها على السياحة الداخلية، إذ تراجعت بشكل ملحوظ نظرا للإجراءات العسكرية من جهة وإحكام المستوطنين قبضتهم على المنطقة "ج" حيث أبرز المعالم السياحة من جهة ثانية.

ويحل عيد الأضحى هذا العام ونحو 50 ألف فلسطيني (في منطقة شمالي الضفة) نازحون من مخيمات جنين طولكرم، مع استمرار عمليات جيش الاحتلال العسكرية منذ 21 يناير/كانون الثاني الماضي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق