أقساط المدارس.. معركة الأسر الأردنية لتأمين تعليم نوعي - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة
تقارير غير رسمية: أقساط المدارس الخاصة ارتفعت بنسبة تتراوح بين 10% إلى 25%

في قلب كل عائلة أردنية، يكمن طموح راسخ يتجسد في توفير أفضل مستقبل ممكن لأبنائها، وغالباً ما يُترجم هذا الطموح إلى سعي حثيث لضمان تعليم نوعي.

ومع تزايد التحديات التي تواجه التعليم الحكومي، يتجه الكثير من أولياء الأمور إلى المدارس الخاصة، التي تَعِد بمستوى تعليمي وبيئة أفضل لكن هذه الوعود تأتي بثمن باهظ، حيث أصبحت أقساط المدارس الخاصة عبئاً مالياً ثقيلاً يرهق كاهل الأسر، ويجبر الآباء على خوض "معركة" سنوية لتأمين "أقساط المدارس".

"ابني يستحق الأفضل، لكن إلى متى؟"

"كل عام، تبدأ دوامة القلق مع اقتراب موعد التسجيل"، تقول أم ليث، والدة لثلاثة أطفال يدرسون في إحدى المدارس الخاصة المتوسطة في عمان.


"الأسعار في ارتفاع مستمر، ورسوم التسجيل، الكتب، الأنشطة، والمواصلات، كلها تضاف إلى القسط الأساسي. نضحي بالكثير، من السفر إلى الكماليات، لنضمن لأولادنا تعليماً جيداً، لكن الضغط أصبح كبيراً جداً".

تعبر أم ليث عن شعور مشترك بين آلاف الأسر الأردنية التي تجد نفسها بين مطرقة الرغبة في تعليم متميز وسندان الظروف الاقتصادية الصعبة.

ارتفاع الأقساط: أرقام تتحدث عن نفسها

وفقاً لتقارير غير رسمية، يشير عاملون في القطاع التعليمي وأولياء أمور إلى أن أقساط المدارس الخاصة ارتفعت بنسبة تتراوح بين 10% إلى 25% خلال السنوات الخمس الماضية، وهو ارتفاع لا يتناسب بالضرورة مع زيادة متوسط دخل الأسرة الأردنية.

فالقسط السنوي للطالب الواحد في مدرسة خاصة "جيدة" يمكن أن يتراوح بين 1500 دينار أردني ويصل إلى 6000 دينار أو أكثر في المدارس الدولية الفاخرة، دون احتساب تكاليف الكتب والمواصلات والزي المدرسي والأنشطة الإضافية.

أسباب الارتفاع: وجهات نظر متعددة

من جانب المدارس الخاصة: يبرر أصحاب المدارس الخاصة هذا الارتفاع بتكاليف التشغيل المتزايدة، مثل ارتفاع أجور المعلمين المؤهلين، وصيانة المباني والمرافق، وتكاليف الطاقة، وتطوير المناهج والتقنيات التعليمية.

"نحن نسعى لتقديم تعليم نوعي يتوافق مع المعايير الدولية، وهذا يتطلب استثماراً كبيراً في البنية التحتية والكادر التعليمي"، يقول مدير إحدى المدارس الخاصة الكبرى في عمان، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه.

"الضغط الاقتصادي ليس على ولي الأمر وحده، بل على المدرسة أيضاً، فكلفة التشغيل آخذة في الازدياد".

من جانب أولياء الأمور والخبراء: يرى كثيرون أن بعض المدارس تبالغ في رفع الأقساط، مستغلة الطلب المتزايد على التعليم الخاص في ظل تراجع جودة التعليم الحكومي في بعض الجوانب.

يقول أحد أولياء الأمور "هناك : غياب لرقابة حقيقية وفعالة على آليات تحديد الأقساط في المدارس الخاصة. يجب أن تكون هناك معايير واضحة تضمن عدالة التسعير وتحمي ولي الأمر من الابتزاز، مع الحفاظ على حق المدرسة في تحقيق ربح معقول يضمن استمرارية عملها وتقديم خدماتها".

رب الأسرة الأردنية: مهندس التضحيات المالية

في مواجهة هذا التحدي، يتحول رب الأسرة الأردنية إلى مهندس مالي يبتكر الحلول لتأمين هذه الأقساط:

1. العمل الإضافي: الكثير من الآباء يلجأون إلى العمل لساعات إضافية، أو البحث عن وظيفة ثانية بعد ساعات الدوام الرسمي.2. القروض البنكية: تُصبح القروض التعليمية أو القروض الشخصية خياراً لا مفر منه للكثيرين، مما يزيد من الأعباء المالية الشهرية ويلقي بظلاله على ميزانية الأسرة لسنوات قادمة.

3. الاستغناء عن الكماليات: تختفي الرحلات الترفيهية، وتُقلل النفقات على المطاعم والملابس، وتُؤجل مشاريع صيانة المنزل أو شراء الأجهزة الجديدة، كل ذلك في سبيل تعليم الأبناء.

4. دعم الأجداد والأقارب: في بعض الحالات، يلعب الأجداد أو الأقارب دوراً في دعم الأسر مالياً للمساعدة في تغطية جزء من الأقساط، في تجسيد لروح التكافل الاجتماعي الأردني.

5. برامج التقسيط الميسر: بعض المدارس الخاصة تقدم برامج تقسيط على دفعات شهرية أو فصلية، لكنها قد لا تكون كافية لتخفيف العبء الكلي.

دعوات للتدخل والحلول المستدامة

تتجدد الدعوات إلى وزارة التربية والتعليم والجهات المعنية للتدخل بجدية لتنظيم سوق التعليم الخاص. يطالب أولياء الأمور بوضع سقف لزيادات الأقساط، وتفعيل آليات رقابية تضمن الشفافية والعدالة.

كما يُطالب خبراء التعليم بتطوير التعليم الحكومي ليصبح خياراً جذاباً ومنافساً، مما يخفف الضغط على التعليم الخاص ويقلل من الحاجة إليه.

في النهاية، قصة الأقساط المدرسية في الأردن ليست مجرد أرقام، بل هي حكاية تضحيات يومية لأسر تؤمن بأن التعليم هو مفتاح المستقبل لأبنائها، وتكافح بلا كلل لتوفيره، على أمل أن يثمر هذا الجهد جيلاً مسلحاً بالعلم والمعرفة، قادراً على بناء مستقبل أفضل للأردن.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق