الأرض المحروقة.. "وصفة" إسرائيل لتجويع غزة - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

جغرافيا قطاع غزة وأرضه المحروقة قبل مايو 2023 وبعد أبريل 2025 في صورة عبر الأقمار الصناعية( بلانت بلاس)

جغرافيا قطاع غزة وأرضه المحروقة قبل مايو 2023 وبعد أبريل 2025 في صورة عبر الأقمار الصناعية( بلانت بلاس)

في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، برز نمط ممنهج من استهداف الأراضي الزراعية التي تشكل شريان الحياة الغذائي لأكثر من مليوني فلسطيني. هذا التحقيق يكشف عن إستراتيجية إسرائيلية متعمدة لتحييد السلة الغذائية في القطاع، من خلال تجريف الأراضي الزراعية وضمها إلى ما يسمى "المنطقة العازلة"، في وقت يعاني فيه السكان من مجاعة خانقة نتيجة استمرار إغلاق المعابر وتقييد وصول المساعدات الإنسانية.

استند هذا التحقيق إلى رصد ميداني، وشهادات مزارعين، ووثائق من مصادر مفتوحة، وتقارير مؤسسات أممية، وصور أقمار صناعية، لتوثيق حجم الدمار الذي أصاب القطاع الزراعي في غزة. وقد أظهرت النتائج أن جيش الاحتلال الإسرائيلي تعمد تجريف الأراضي الزراعية وإخراجها عن الخدمة كليًّا، مما أدى إلى تحييد السلة الغذائية لقطاع غزة بشكل شبه كامل في وقت حرج يحتاج فيه السكان إلى كل مصدر غذائي متاح.

تكشف شهادات المزارعين عن خسائر فادحة، كما في حالة محمد ماضي الذي خسر 15 دونمًا مزروعة بالطماطم بقيمة ربع مليون دولار، وعبد الله العطار الذي فقد 60 دونمًا من أخصب الأراضي في بيت لاهيا، ومحمد زايد الذي حُرم من حصاد 80 دونمًا بقيمة 700 ألف دولار كانت ستوفر الغذاء لآلاف السكان. هذه الخسائر لا تقتصر على القيمة المادية الشخصية فحسب، بل تمتد لتشمل حرمان سكان غزة من مصدر غذائي حيوي في ظل ظروف إنسانية قاسية.

عامل يرزع أشتال الورد في مزرعة غازي حجازي في مدينة رفح جنوب قطاع غزة
عامل يرزع أشتال في يناير 2020 في مزرعة غازي حجازي في مدينة رفح جنوب قطاع غزة (الجزيرة- أرشيف)

وفقًا لمنظمة "كسر الصمت" الإسرائيلية، ضم جيش الاحتلال 36% من مساحة قطاع غزة بأكمله إلى ما يسمى "المنطقة العازلة"، وهي مساحات اقتطعها ومنع أي فلسطيني من الاقتراب منها، بدعوى أنها تشكل جدار حماية للأراضي المحتلة عام 1948. هذا الإجراء يعكس سياسة ممنهجة لعزل السكان عن مصادر غذائهم وتضييق الخناق عليهم.

توثيق منهجي للدمار البيئي

تشكل صور الأقمار الصناعية التي تم الحصول عليها من مصادر متعددة، بما فيها "بلانت لابس" ووكالة "سند" للرصد والتحقق الإخباري، أداة توثيقية حاسمة في هذا التحقيق؛ فهذه الصور، التي تغطي الفترة من مايو/أيار 2023 حتى أبريل/نيسان 2025، تقدم دليلًا بصريًّا مهمًّا على حجم الدمار الذي لحق بالأراضي الزراعية في قطاع غزة.

عند مقارنة صور ما قبل أكتوبر/تشرين الأول 2023 مع الصور الملتقطة في أبريل/نيسان 2025، يظهر بوضوح تحول مساحات خضراء واسعة إلى مناطق رمادية وبنية، مما يشير إلى فقدان الغطاء النباتي بشكل شبه كامل، كما تظهر الصور أيضا مسارات واضحة للمركبات العسكرية الثقيلة التي اخترقت الأراضي الزراعية، وتركت خلفها أنماطًا متعرجة من الدمار يمكن تمييزها بسهولة من الفضاء.

وباستخدام تقنية "مؤشر الفرق النباتي المعياري "(NDVI)، وهي تقنية متطورة تقيس كثافة وصحة الغطاء النباتي من خلال تحليل انعكاس الأشعة تحت الحمراء القريبة والضوء المرئي، أظهرت البيانات انخفاضًا حادًّا بنسبة 92% في المؤشر عبر الأراضي الزراعية الشرقية في غزة وهذا الانخفاض يترجم علميًّا إلى موت شبه كامل للنباتات والمحاصيل في تلك المناطق.

وتكشف الصور أيضا عن تحول الدفيئات الزراعية (البيوت البلاستيكية) من هياكل منتظمة ذات أغطية عاكسة واضحة إلى أنقاض متناثرة، خاصة في مناطق رفح وخان يونس وفي منطقة بيت لاهيا بشمال القطاع، وتوثق الصور تحول مساحات خضراء كانت تُعرف بإنتاجها الزراعي المكثف إلى مناطق جرداء تتخللها حفر ناتجة عن القصف.

وتظهر صور الأقمار الصناعية العالية الدقة أيضا تغييرات في طبوغرافيا المنطقة، حيث تم إنشاء تلال ترابية وخنادق عسكرية في مناطق كانت سابقًا أراضيَ زراعية مستوية، مما يشير إلى عمليات تجريف واسعة النطاق. وفي المناطق الشرقية من القطاع، يمكن ملاحظة توسع "المنطقة العازلة" بشكل واضح، حيث امتدت غربًا لتبتلع مساحات زراعية كانت تقع خارج نطاقها قبل أكتوبر 2023.

(صورة ملتقطة لطريق كيسوفيم جنوب دير البلح)
طريق كيسوفيم جنوب دير البلح حيث يظهر الدمار الكبير الذي لحق بالأراضي الزراعية (الجزيرة)

تقدم هذه الصور عند تحليلها بالتزامن مع البيانات الميدانية وشهادات المزارعين، صورة متكاملة عن إستراتيجية ممنهجة لتدمير القدرة الإنتاجية الزراعية في قطاع غزة، وليس مجرد أضرار عرضية ناتجة عن العمليات العسكرية.

حجم الدمار والتجريف المنهجي للأراضي الزراعية

تكشف صور الأقمار الصناعية حجمًا غير مسبوق من الدمار الذي أصاب الأراضي الزراعية في قطاع غزة منذ بداية العدوان الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وتظهر هذه الصور مستوى هائلًا من الأضرار الجسيمة التي لحقت بالقطاع الزراعي، الذي كان يمثل قبل العدوان حوالي 10% من اقتصاد غزة ويشكل مصدر رزق لأكثر من نصف مليون فلسطيني.

في مدينة رفح بجنوب القطاع، كانت مناطق مثل حي تل السلطان ومنطقة موراج ميدانًا لعمليات عسكرية مكثفة، تضمنت شق طرق وإقامة مواقع عسكرية إسرائيلية. وقد حذرت بلديات في غزة من أن احتلال إسرائيل لمحور موراج يهدد بالقضاء على آخر سلة غذائية في المحافظتين الجنوبيتين: خان يونس ورفح، مما يفاقم من أزمة الجوع التي يعاني منها مئات الآلاف من النازحين في تلك المناطق.

أما في شمال قطاع غزة، وتحديدًا في بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا، وهي من أكثر المناطق احتواءً على مشاريع زراعية واسعة، فقد تحولت المزارع إلى أراضٍ قاحلة بسبب العمليات الإسرائيلية، التي شملت تجريف الأراضي وتدمير البنى التحتية، بما فيها شبكات الري وخطوط المياه. كما توضح صور الأقمار الصناعية حجم الدمار الذي أصاب الغطاء النباتي في مدينة غزة، لا سيما في حي الزيتون، وامتد إلى المحافظة الوسطى، مثل جحر الديك، وشمال مخيم النصيرات، ودير البلح.

وفقًا لأحدث تقييم صادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) ومركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (يونوسات)، فقد تضررت أو دُمّرت 75% من الحقول التي كانت تُستخدم لزراعة المحاصيل، وكذلك بساتين أشجار الزيتون، كما أن أكثر من ثلثي الآبار الزراعية (1,531 بئرًا) أصبح غير صالح للعمل، مما أدى إلى تعطيل الري وتدمير إمكانية استئناف الزراعة حتى بعد توقف العمليات العسكرية.

وحسب "الفاو"، فإن لدى خان يونس أكبر مساحة من الأراضي الزراعية المتضررة (2589 هكتارًا أي نسبة 61.5%)، بينما لحقت بشمال غزة أعلى نسبة من بين المحافظات (نسبة 78.2%). وشهدت رفح زيادة حادة (نسبة 183%) في الدفيئات المتضررة، حيث ارتفعت من 44 هكتارًا في أبريل/نيسان إلى 124.7 هكتارًا في سبتمبر/أيلول 2024، وهو ما يعادل نسبة 27.7% من إجمالي الدفيئات فيها.

أكثر من نصف مليون من سكان غزة يعتمدون في معيشتهم على تربية المواشي والزراعة والصيد(رويترز)

مواش نفقت في خانيونس في الأيام الأولى من العدوان الإسرائيلي (رويترز)

تشكل الأراضي الزراعية حوالي 41% من إجمالي مساحة قطاع غزة، ويعتمد عليها السكان لإنتاج الغذاء الأساسي. وقبل بدء العدوان، كان أكثر من 560,000 شخص يعتمدون كليًّا أو جزئيًّا على الزراعة أو تربية المواشي أو الصيد في أرزاقهم. وبتدمير هذا القطاع، فقد هؤلاء مصدر دخلهم الوحيد، مما فاقم من الأزمة الإنسانية في القطاع.

ويؤكد ياسر عبد الغفور نائب مدير وحدة البحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن ما تقوم به إسرائيل من تدمير ممنهج للسلة الغذائية في قطاع غزة يدخل في سياق استخدام سياسة التجويع سلاحًا في الحرب، وهو ما يرقى إلى جريمة إبادة جماعية وجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وفق القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

d53303d1-1748338207.jpg?w=770
جورج كرزم : المتفجرات لوثت البيئة (الجزيرة)

الآثار البيئية والتلوث الناجم عن العدوان

يتجاوز تأثير العدوان الإسرائيلي على الأراضي الزراعية في غزة مجرد التدمير المباشر للمحاصيل والبنية التحتية، ليمتد إلى آثار بيئية عميقة وطويلة الأمد. فقد أكد الخبير البيئي جورج كرزم أن العدوان تسبب في تلوث حاد للتربة بسبب مخلفات المتفجرات، مما أدى إلى التصحر وتدهور خطير في جودة التربة. وأظهرت صور الأقمار الصناعية دمارًا في أكثر من 80% من الأراضي الزراعية، مما فاقم أزمة الأمن الغذائي والمجاعة التي يعاني منها سكان القطاع.

وبيّن كرزم في حديثه للجزيرة نت أن القصف المتواصل أدى إلى إزالة الطبقة السطحية الغنية بالمغذيات، وتفكيك بنية التربة، مما أفقدها خصوبتها. هذه الطبقة السطحية تعتبر الأساس الحيوي لأي نشاط زراعي، وفقدانها يعني عمليًّا تحويل الأراضي الخصبة إلى أراضٍ غير صالحة للزراعة لسنوات طويلة قادمة.

كما شكلت الذخائر غير المنفجرة والمعادن الثقيلة تهديدًا مباشرًا للزراعة والثروة الحيوانية، وجعلت مساحات شاسعة غير آمنة للاستخدام الزراعي. وأشار كرزم إلى أن استهداف الاحتلال للبنية التحتية الزراعية أدى إلى انخفاض كبير في غلة المحاصيل، ويهدف هذا التدمير المنهجي إلى إيجاد بيئة خصبة للمجاعة، ضمن سياسة تستخدم الغذاء أداة حرب.

وتظهر تحليلات تربة أجريت في يناير/كانون الثاني 2025 تلوثًا شديدًا بالفوسفور الأبيض بمعدل يتجاوز 1,800 ملغ/كغ في المناطق الزراعية بشمال قطاع غزة، وهو مستوى يزيد بـ467 ضعفًا على حدود الفحص البيئي التي تحددها وكالة حماية البيئة الأميركية. وأدى هذا التلوث الكيميائي إلى القضاء على مجتمعات الفطريات الجذرية المسؤولة عن احتجاز أكثر من 70% من الكربون العضوي في التربة، مما يؤثر سلبًا في خصوبة التربة وقدرتها على دعم النمو النباتي.

GAZA CITY, GAZA - OCTOBER 11: Smoke rises as the Palestinian Foreign Ministry claimed that Israel used phosphorus bombs in its attacks on populated areas in Gaza City, Gaza on October 11, 2023. (Photo by Ali Jadallah/Anadolu via Getty Images)
قنابل الفوسفور الأبيض التي ألقيت على غزة تسببت بأكبر ضرر على أراضيها الزراعية(وكالة الأناضول)

نتجت عن هذا الانهيار في الغطاء النباتي انهيارات غذائية واسعة، حيث انخفضت أعداد طائر الحجل المرقط بنسبة 78%، وهو طائر يعد موزعًا رئيسيًّا لبذور النباتات المقاومة للجفاف، كما شهدت مجتمعات الملقحات انهيارًا شبه تام بانخفاض وصل إلى 92% في مستعمرات النحل، وهو ما يهدد قدرات تجديد النظم البيئية الجافة الضرورية للتكيّف مع تغير المناخ.

وحسب التقديرات العلمية الأولية فقد أنتجت الحرب خلال أول 60 يومًا فقط أكثر من 281,000 طن متري من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهو رقم يتجاوز البصمة الكربونية السنوية لأكثر من 20 دولة هشة مناخيًّا، كما تسبب العدوان في تدهور الأنظمة البيئية وتلوث الموارد المائية، وتقويض قدرة التربة على عزل الكربون، مما يساهم في تفاقم أزمة التغير المناخي العالمية.

الأبعاد القانونية والإنسانية لتدمير الأراضي الزراعية

يشكل استهداف الأراضي الزراعية في قطاع غزة انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. فوفقًا لاتفاقية جنيف الرابعة، يُحظر على قوة الاحتلال الاستيلاء على ممتلكات المدنيين في أوقات الحرب، كما يُحظر استخدام التجويع أسلوبًا من أساليب الحرب. وقد أكد ياسر عبد الغفور، نائب مدير وحدة البحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن ما تقوم به إسرائيل من تدمير ممنهج للسلة الغذائية في قطاع غزة يرقى إلى جريمة إبادة جماعية وجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.

ويعتبر استيلاء الاحتلال الإسرائيلي على أكثر من 130 كيلومترًا مربعًا من أراضي غزة، معظمها أراض زراعية، وتحويلها إلى مناطق عازلة ومغلقة عسكريًّا، انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي. وقد أدى ذلك إلى حرمان السكان من مساحات زراعية واسعة كانت ضرورية لإنتاج الغذاء، في وقت يعاني فيه أكثر من مليوني شخص من سكان غزة من المجاعة والحاجة الماسة إلى المساعدات الغذائية والمعيشية العاجلة مع استمرار القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية.

وتتجلى الأبعاد الإنسانية لهذه الكارثة في شهادات المزارعين الذين فقدوا مصدر رزقهم وأراضيهم. فمحمد ماضي، الذي خسر 15 دونمًا مزروعة بالطماطم بقيمة ربع مليون دولار، ليس مجرد مزارع فقد محصوله، بل هو جزء من منظومة غذائية كانت تمد آلاف السكان بالغذاء الضروري في ظل المجاعة الخانقة. وكذلك الحال مع عبد الله العطار، الذي فقد 60 دونمًا من أخصب الأراضي في بيت لاهيا، ومحمد زايد الذي حُرم من حصاد 80 دونمًا بقيمة 700 ألف دولار كانت ستسهم في تغطية احتياجات الأسواق المحلية لمدة تصل إلى أربعة أيام.

هذه الخسائر الفردية تعكس صورة أكبر لمعاناة جماعية يعيشها سكان قطاع غزة، حيث تحولت حياة المزارعين من منتجين للغذاء إلى نازحين يعتمدون على المساعدات الإنسانية، جراء تدمير مصدر رزقهم الأساسي. وقد أشار عبد الغفور إلى أن أكثر من 2.3 مليون فلسطيني محاصرون حاليًّا في مساحة تقل عن 35% من القطاع، وهي مناطق تكدست فيها الخيام والأنقاض وبقايا المساحات الزراعية القابلة للاستصلاح.

وقد وثق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تجريف الاحتلال آلاف الدونمات خلال الهجمات البرية، وقد شمل ذلك تدمير البنية التحتية الزراعية: الآبار، الخزانات، الطرق الزراعية، والبيوت البلاستيكية. كما استهدف جيش الاحتلال الثلاجات، ومخازن الخضراوات، والمخابز، والأسواق المركزية، مما أدى إلى انعدام شبه كامل للوصول إلى المواد الغذائية الأساسية، كما استهدف عددا من المزارعين بالرصاص أو الطائرات المسيّرة أثناء قيامهم بأعمالهم.

وتشير منظمة "كسر الصمت" الإسرائيلية، التي تجمع شهادات جنود سابقين في جيش الدفاع الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى أن جيش الاحتلال ضم 36% من مساحة قطاع غزة بأكمله إلى ما يسمى "المنطقة العازلة". وهذه المنطقة هي مساحات من قطاع غزة، اقتطعها جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومنع أي فلسطيني من الاقتراب منها، بدعوى أنها تشكل جدار حماية للأراضي المحتلة عام 1948.

وبحسب التقديرات، فإن نحو 75% من الأراضي الزراعية والبساتين قد جُرفت ودُمرت كليًّا، كما دُمرت معظم المنشآت الزراعية، بما في ذلك الدفيئات، ومستودعات التخزين، ومعدات الزراعة، وأنظمة الري والطاقة، فضلًا عن منشآت الثروة الحيوانية والسمكية، التي تشكل الركائز الأساسية للأمن الغذائي في غزة.

يكشف هذا التحقيق عن صورة شاملة وموثقة لإحدى أبشع الجرائم البيئية والإنسانية المرتكبة بحق سكان قطاع غزة، من خلال تدمير ممنهج للسلة الغذائية وحرمان أكثر من مليوني إنسان من مصدر غذائهم الوحيد. ولم يكن استهداف الأراضي الزراعية والمزارعين مجرد أضرار جانبية لحرب، بل هو جزء من إستراتيجية مدروسة تستخدم التجويع سلاحًا للتركيع، إذ لم يقتصر العدوان على قصف وقضم الأراضي الزراعية، بل امتد ليشمل البنية التحتية، ومصادر المياه، والبيئة الطبيعية، مما يجعل إعادة الإعمار الزراعي عملية معقدة وطويلة الأمد.

فريق العمل:

إعداد: محمد أبو شحمة

إشراف وتحرير: أصيل سارية

صور الأقمار الصناعية: وكالة سند

فرصة للصحفيين الاستقصائيين

المصدر : الجزيرة

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق