الكويت الاخباري

"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان المستمر على غزة - الكويت الاخباري

 

كتب محمد الجمل:


واصلت "الأيام" نقل مشاهد جديدة من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، ورصدت أبرز القصص التي تُوثق المعاناة الإنسانية، وتفاقم معاناة المواطنين، خاصة في ظل استمرار الهجمات، وتشديد الحصار، وتصاعد المجازر، ومواصلة عمليات التدمير في رفح.
ومن أبرز المشاهد الجديدة التي رصدتها "الأيام"، مشهد يوثق وجود شركات مدنية داخل رفح، تقوم آلياتها بتدمير المنازل، ومشهد آخر تحت عنوان: "شمال القطاع تحت النار"، ومشهد ثالث جاء تحت عنوان: "سرقة ساعات من الفرح".

 

جرافات مدنية تُدمر رفح
كثف جيش الاحتلال عمليات التدمير في عموم قطاع غزة، ومحافظة رفح على وجه الخصوص، وبات يستخدم 3 طرق لتدمير المنازل والبنية التحتية، وهي قصفها من الجو، ونسفها بواسطة زرع المتفجرات فيها، أو تفجير آليات غير مأهولة "روبوتات"، مُحمّلة بالمتفجرات، أو من خلال عشرات الجرافات المتوسطة والكبيرة، التي تقوم بتدمير وهدم المنازل.
ولم يعد التدمير المتواصل في محافظة رفح جنوب القطاع، مقتصراً على الجيش الإسرائيلي، إذ يستعين الأخير بشركات مدنية، جلبت جرافات ومُعدات ثقيلة، وتُشارك في تدمير منازل المواطنين في رفح، ما سرّع العملية، وجعلها أكثر شمولية، لتطال كافة الأحياء، والمخيمات، والقرى والبلدات في المحافظة.
وأظهر أكثر من مقطع فيديو نشرها جنود الاحتلال خلال الفترات الماضية، وجود شركات إسرائيلية تُشارك في تدمير مدينة رفح، من بينها شركة مدنية تدعى "مشك عفار المحدودة"، تستخدم آلياتها وحفاراتها في هدم منازل المدنيين في رفح.
وفي وقت سابق، أظهر الفيديو أحد موظفي الشركة أثناء قيادته جرافة داخل رفح، قائلاً، إن "الشركة هدمت عشرات المنازل، وإن رئيس الشركة سيهدم بنفسه مسجداً في رفح".
وقال المواطن إبراهيم بركات، إنه شاهد مقطع فيديو نشره أحد جنود الاحتلال تظهر فيه جرافات مدنية كبيرة لونها أصفر، تقوم بهدم بناية سكنية في الحي الذي كان يُقيم فيه بمدينة رفح، ونزح منه قسراً في نهاية آذار الماضي.
وأشار بركات إلى أن الآليات المدنية متواجدة في رفح منذ ما قبل التهدئة، وهي المسؤولة عن تدمير غالبية مساكن المواطنين، بل وتحويل أحياء بأكملها إلى أرض منبسطة بعد سرقة الركام.
ووفق خبراء ومحللين فإن مشاركة شركات إسرائيلية متخصصة في تدمير منازل المواطنين، تُعد سابقة في غزة ولم تحدث من قبل، وذلك يعود لعدة أسباب قد يكون منها وجود أزمة في عدد الآليات والحفارات العسكرية لدى جيش الاحتلال الذي يتواجد حالياً في عدة مناطق داخل قطاع غزة، ويهدم في قرى حدودية جنوب لبنان.
وأمام حجم الدمار الكبير، قدّرت الأمم المتحدة تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة بنحو 40 مليار دولار، وأكدت أن التعافي من الدمار الهائل وغير المسبوق الذي لحق بالقطاع بسبب العدوان الإسرائيلي الممتد قد يستغرق عدة عقود.

 

شمال القطاع تحت النار
شهدت الغارات والهجمات الجوية والقصف المدفعي على مناطق شمال قطاع غزة، تصاعداً كبيراً خلال الأيام والساعات الماضية، مع استمرار تعميق العمليات البرية في تلك المناطق.
ووفق مصادر محلية وشهود عيان، فإن الوضع في مناطق بلدة ومخيم جباليا، وبلدتي بيت حانون، وبيت لاهيا، أصبح صعباً وخطيراً، فالطائرات تسقط عشرات الأطنان من المتفجرات على المنازل والأحياء في تلك المناطق، بينما تُلاحق المُسيّرات المواطنين، وتستهدفهم بشكل مباشر، في حين تتقدم الدبابات باتجاه ما تبقى من مناطق، وتُحاصر مستشفيات، ومراكز إيواء، وغيرها.
ومؤخراً، أصدر جيش الاحتلال أوامر نزوح وإخلاء واسعة، شملت أكثر من نصف مساحة محافظة شمال قطاع غزة، وهي أحياء غبن، والشيماء، وفدعوس، والمنشية، والشيخ زايد، والسلاطين، والكرامة، ومشروع بيت لاهيا، والزهور، وتل الزعتر، والنور، وعبد الرحمن، والنهضة، ومعسكر جباليا.
وذكرت مصادر محلية، أن إخلاء هذه المناطق يُمهّد لفصل مدينة غزة عن شمال القطاع، وإقامة "محور ميفلاسيم"، الذي توقف العمل فيه سابقاً.
وأكد مواطنون أن الاحتلال ضاعف الضغط على سكان شمال القطاع، وأن طائراته تستهدف بيوتاً مأهولة بشكل يومي، ما ينشر الرعب والهلع، ويُجبر الآلاف على النزوح يومياً.
وقال المواطن إبراهيم مسعود، من سكان شمال القطاع، إنه في البداية كان يرفض فكرة النزوح، ولا يرغب في ترك منزله مرة أخرى، لكن مع تصاعد الهجوم، أصبح يعتقد أن البقاء في المنزل، في الأيام المقبلة، يعني الموت الحتمي، لذلك قرر النزوح، وتحرك وعائلته باتجاه غرب مدينة غزة، لكنه وجد الوضع هناك صعباً، حتى اتصل به شقيقه المقيم جنوب القطاع، وطلب منه أن يأتي إلى مواصي خان يونس، وبالفعل انتقل جنوباً.
وأشار مسعود إلى أن ما يحدث حالياً يشبه تماماً السيناريو الذي حدث قبل اتفاق التهدئة، من حيث الضغط على المواطنين المتبقين في محافظة شمال القطاع، بهدف دفعهم إلى النزوح، وتفريغ مناطق شمال القطاع.
ولفت إلى أن عدد المتواجدين شمال القطاع تراجع وتناقص بشكل كبير، ويبدو أن الاحتلال عازم على تفريغ شمال القطاع تماماً من السكان، وخلق رفح جديدة في أقصى الشمال، وهذا يُنذر بالأسوأ في قادم الأيام.
وأوضح شهود عيان أن عمليات جيش الاحتلال تركزت خلال اليومين الماضيين على مناطق "معسكر جباليا، وأحياء غبن، والشيماء، وفدعوس، والمنشية، والشيخ زايد، والسلاطين، والكرامة، ومشروع بيت لاهيا، والزهور، وتل الزعتر، والنور، وعباد الرحمن، والنهضة".

 

سرقة ساعات من الفرح
وسط الموت، والمعاناة، والجوع، والنزوح، والقهر، يُحاول النازحون في مدينتي خان يونس ودير البلح، وغرب مدينة غزة، سرقة سويعات من الفرح، للترويح عن أنفسهم، ومحاولة نسيان الواقع الأليم.
وباتت حفلات الزواج الصغيرة، التي تُقام في الخيام، إحدى وسائل الفرح والترويح للعائلات النازحة، حيث تُقام بعض الحفلات في المخيمات، بغرض إشهار الزواج.
وقالت المواطنة "أم عطا"، وهي نازحة من رفح منذ أكثر من عام، وتعيش في خيمة غرب خان يونس، إن شقيقها الذي انتظر طويلاً انتهاء الحرب، قرر أخيراً الزواج في خيمة، وقد استغلت وشقيقاتها المناسبة، بإقامة حفلة صغيرة، وصنعن الفرح لهن ولعائلاتهن.
وبينت "أم عطا"، أنهن جهزن خيمة، لتصبح بمثابة صالة أفراح صغيرة، ودعون الجارات والصديقات، واحتفلن بشقيقهن وعروسه، في أجواء أسهمت في إسعادهن، ولو لبعض الوقت.
وأشارت إلى أن جاراتها وصديقاتها شاركنها الفرحة، وكن سعيدات، موضحة أن الفلسطينيين شعب يحب الفرح والحياة، حتى وإن فُرض عليه الموت والنزوح.
بينما تُحاول الكثير من العائلات الترويح عن أبنائها وإسعادهم في ظل الموت، حيث بات شاطئ البحر الذي يقطن النازحون على مقربة منه، متنفساً للعائلات.
ويومياً، ينتشر عشرات الآلاف من النازحين على الشاطئ، بعضهم يجلسون ويتسامرون، بينما يلهو الأطفال في الرمال، وبعضهم يمارسون السباحة، وآخرون يلعبون الكرة على الشاطئ، والبعض يجلسون لتأمل مشهد غياب الشمس اليومي.
وقال المواطن أيمن هلال، إن بقاء الأطفال في الخيمة، يعيشون تفاصيل الجوع والخوف، قد يؤثر على حالتهم النفسية، لذلك يُحاول بين الفينة والأخرى خلق أجواء سعادة لهم، وهذا يمكن تحقيقه من خلال التوجه مرتين أسبوعياً إلى شاطئ البحر، فهو يوفر مساحة للعب والترفيه والفرح.
وبيّن أنه يُحاول صنع بعض أجواء الفرح في الخيمة، من خلال جمع أبنائه وإقامة مسابقات عبر طرح أسئلة ثقافية ودينية، ومن يُجيب عنها يتلقى هدية، وهكذا.
وشدد على أهمية أن يتصدى المواطنون لمحاولات الاحتلال زرع اليأس والحزن في صفوفهم، وعلى الجميع العمل لخلق مساحات من الفرح والأمل، رغم كل الظروف العصيبة التي يعيشونها.

 

أخبار متعلقة :