كتب عيسى سعد الله:
تشهد أسواق غزة ومرافقها التجارية والمؤسساتية حركة نشطة غير مسبوقة للمواطنين بحثاً عما تبقى من طعام وبشكل خاص الطحين وسط حالة من الخوف والقلق غير المسبوقة.
واكتظت هذه المرافق بالمواطنين خلال الأيام الأخيرة بحثاً عن أي شيء يمكن تناوله أو عن بدائل للطحين يمكن تناولها.
وخيمت على وجوه هؤلاء حالة من الإحباط بسبب نفاد الكثير من المواد الأساسية وخصوصاً الطحين وارتفاع أسعار ما توفر من طحين منتهي الصلاحية ولا يصلح لإطعام الحيوانات.
ولجأ بعض المواطنين إلى سحق المعكرونة لاستخدامها كبديل عن الطحين في إعداد الخبز ما أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعارها من اثنين شيكل للكغم الواحد قبل الحصار إلى اكثر من ثلاثين شيكلاً.
ويتهافت المواطنون على شراء كميات منها بعد أن وصل سعر كلغم الطحين الفاسد إلى اكثر من أربعين شيكلاً وعدم توفر الطحين الطازج.
ومع عدم وجود بوادر لإقدام الاحتلال على فتح المعابر وإدخال الحد الأدنى من المساعدات اتخذ جميع المواطنين إجراءات تقشفية والتقنين في تناول الوجبات الغذائية وبشكل خاص الخبز، حيث اجمع الكثير ممن التقتهم "الأيام" على اقتصار الطعام اليومي على وجبة واحدة مع قليل جداً من الخبز، فيما يتم الهاء الأطفال الصغار بتقديم كوب من الشاي بسكر خفيف صباحاً ومساء كما هو الحال مع المواطن خالد مسعود الذي اكد أن مخزون الطحين لديه لا يكفيه لنهاية الأسبوع الحالي مع تقنين الطعام.
وأوضح مسعود انه بدأ بهذه الآلية منذ عشرة أيام بعد اشتداد أزمة الطحين ونفاده وارتفاع أسعار ما توفر منه، مؤكداً أن جميع ما لديه من مال لا يكفي لشراء بضعة كيلوغرامات من الطحين الطازج الذي وصل سعر الكلغم منه إلى سبعين شيكلاً.
وعبر عن مخاوفه الشديدة من المرحلة المقبلة لا سيما في ظل انعدام أي افق لإدخال المساعدات للقطاع.
فيما يجوب المواطن إبراهيم القانوع شوارع مدينة غزة باحثاً عن الطحين الفاسد ومنتهي الصلاحية لشرائه بسعر منخفض.
ونفى القانوع أن تكون هذه جزءاً من مهنته وإنما لتوفير الطحين لأبنائه لعدة أيام على الأقل.
وأوضح انه يعالج تلف الطحين بتعريضه للشمس عدة أيام للقضاء على الميكروبات والرائحة الكريهة التي تنبعث منه من ثم خبزه وتناوله.
وأكد أن الفرق في هذه الأيام بين سعر الطحين الطازج والفاسد كبير ويصل إلى ثلاثين شيكلاً للكلغم.
ولم يخف قلقه الشديد من الأيام القادمة التي ستشهد نفاد الطحين لديه ولدى معظم الأسر في قطاع غزة.
ويترقب المواطنون أخبار فتح المعابر لحظة بلحظة وسط حالة قلق عميقة على مصيرهم في ظل انعدام أي بدائل للطحين.
قال المواطن مالك السرساوي، إن المجاعة الحالية وصلت إلى ذروتها بسبب غياب أي بدائل للطحين، في ظل نفاد أعلاف الحيوانات وخاصة الشعير والقمح.
وأوضح السرساوي انه لم يتبق أمامه الكثير من الخيارات في حال نفدت آخر كمية من الطحين إلا انتظار الموت جوعاً.
وأوضح السرساوي في الأربعينيات من عمره أن آلية تقنين الطعام جيدة ولكنها ستؤخر الموت جوعاً عدة أيام فقط.
وشهدت مناطق متفرقة من قطاع غزة خلال الأسبوع المنصرم حالات سرقة وتعد على مخازن التجار والمؤسسات بحثاً عن الطعام في ظل الخشية من عدم فتح المعابر ما أدى إلى وقوع اشتباكات عنيفة سقط خلالها عدد من المواطنين بين قتيل وجريح.
وعلى اثر ذلك، أعلنت وزارة الداخلية بغزة عن تشكيل قوة أمنية للتعامل مع حالات الفلتان وضبط الأوضاع الأمنية بعد تصاعد وتيرة الاعتداءات والسطو على المواطنين وممتلكاتهم حيث يفسر البعض تنامي هذه الظاهرة بحالة المجاعة والخوف من المجهول.
ولم تفلح النداءات والمناشدات الدولية والأممية في إقناع الاحتلال برفع الحصار وإدخال المساعدات الغذائية العاجلة للقطاع.
أخبار متعلقة :