غزة - وكالات: على إحدى البسطات بالسوق المركزية في مدينة جباليا شمال قطاع غزة، يقف الأربعيني يوسف الددة يسترجي صاحبها أن يسمح له بتفحص كيس الدقيق قبل شرائه والتأكد من خلوه من "السوس والدود".
إلا أن محاولاته باءت بالفشل بعد إصرار البائع على شرائه أولًا قبل معاينته وفتحه، ما اضطره لشرائه بمبلغ يتراوح ما بين (350 ــ 400) شيكل.
ومنذ إغلاق الاحتلال الإسرائيلي المعابر في الثاني من آذار الماضي، يعاني سكان القطاع من نقص حاد في السلع الغذائية والمواد التموينية، عدا ارتفاع أسعار السلع، وخاصة الدقيق والمواد الأساسية.
يصف الددة حالة الدقيق قائلا، "رائحته عفنة ولا تطاق، والسوس والدود غزوا ذراته واحتلها، فضلا عن رائحته الكريهة التي تتناثر بالأجواء بعد خبزه".
ويقول لوكالة "صفا"، "لا يوجد خيارات أفضل أمامي إلا شراء هذا الدقيق وبهذا السعر المرتفع، كي أسد جوع صغاري وإلا فإنهم سيموتون جوعا، بعد نفاد الدقيق الصالح للاستخدام من حوزتنا".
ويضيف، "هذه ليست المرة الأولى التي أضطر فيها لاستخدام الدقيق العفن، ففي المجاعة الماضية التي ضربت شمال القطاع تناولته وعائلتي، ما أضر بصحة أطفالي وأصابتهم نزلة معوية، جراء تناوله".
ويتابع، "نضطر، اليوم، لشراء الدقيق غير الصالح للاستخدام، والذي قمنا ببيعه سابقا لمربي الطيور والحيوانات، دون معرفتنا بأننا سنلجأ إلى شرائه بثمن مرتفع جدا، لا يستطيع غالبية الغزيين اقتناءه مع عدم امتلاك ثمنه".
وقبل عدة أيام، أعلن برنامج الأغذية العالمي، نفاد مخزونه الغذائي بالكامل في غزة بسبب عدم دخول أي مساعدات منذ سبعة أسابيع، بسبب الإغلاق الإسرائيلي للمعابر.
وتتفاقم معاناة 2.4 مليون فلسطيني في القطاع يوما بعد يوم، نتيجة الحصار الخانق وإغلاق المعابر، ما أدى إلى تدهور كارثي في الأوضاع الإنسانية والصحية، وانتشار واسع لحالات سوء التغذية الحاد، خصوصا بين الأطفال والرضع.
وأما الثلاثيني أحمد عبد ربه، فأراد أن يتدارك خوض عائلته المجاعة، فعمد إلى تخزين بعض أكياس الدقيق علّها تُنجي صغاره من خطر الإصابة بالأمراض، بعد تناول الدقيق غير الصالح للاستخدام.
عبد ربه الذي نفّد لديه مخزون الدقيق، اضطر إلى شراء كيسين من الدقيق المُباع بالأسواق، ليكتشف أن "السوس والدود قد بلغ مبلغه، حتى قام بنخله عدة مرات وتفريغه في كيس آخر".
يقول عبد ربه لوكالة "صفا"، "أصبح حال الغزيين المفاضلة بالدقيق بين المليء بالسوس فقط، مع الذي يملؤه الدود مع السوس، كون الأول منه أخفُ ضررا من الذي أكل الدود زواياه".
ويضيف، "حتى حين نريد تغيير نوعيه الخبز وشراء خبز الصاج، فإن طعمه لا يختلف إطلاقا عن الخبز المنزلي، وجميعه يمتلك طعما ورائحة كريهة".
ويردف، "اليوم، لا نجد بديلاً عن الدقيق العفن، بل نشتريه بسعر مرتفع للغاية، نحن مضطرون إلى سد جوع أطفالنا مع اشتداد المجاعة، وانقطاع الفواكه واللحوم والدجاج، وشح الخضار".
وفي حال بقي الوضع في القطاع على هذا الحال، كما يقول عبد ربه، فإن أمراض الجهاز الهضمي ستنتشر بكثرة بين الغزيين، وخاصة الصغار منهم.
والأحد الماضي، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" نفاد إمداداتها من الطحين في قطاع غزة.
وأوضحت أن لديها حوالى 3000 شاحنة محملة بمساعدات منقذة للحياة جاهزة للدخول إلى غزة، غير أن إسرائيل تمنع دخول شاحنات المساعدات.
أخبار متعلقة :