أحدث الذكاء الاصطناعي ثورةً في مختلف القطاعات، وتعد السياحة أبرز المستفيدين منها؛ حيث أسهمت هذه التكنولوجيا في جعل التخطيط للسفر واختيار الوجهة وغير ذلك، مهمة سهلة للمسافرين؛ بل وممتعة.
وفي السابق كان ترتيب السفر، وخاصة بغرض قضاء العطلة، أمراً لا يخلو من المشقة، نظراً لتعدد العوامل التي يجب مراعاتها؛ بدءاً من اختيار الوجهة، وانتهاءً بتنظيم برامج الرحلات والحجوزات.
والآن تساعد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في تبسيط هذه العملية، ما يجعل كل مرحلة من الرحلة أسهل وأكثر تخصيصاً؛ سواء كانت رحلة نهاية أسبوع إلى وجهة داخلية، أو مغامرة بعيدة في أدغال إفريقيا أو بحار أوروبا أو أحراش أستراليا، أو حتى رحلة عمل للقيام ببعض المهام.
وأصبحت الحلول المستندة إلى الذكاء الاصطناعي ضرورية للمسافرين، الذين يتطلعون إلى الاستفادة من الوقت وضمان تجربة أفضل، بغض النظر عن نوع الرحلة، ولا يقتصر دور هذه التكنولوجيا على تقديم توصيات تلقائية للوجهات والمعالم السياحية، بل تساعد أيضاً في إدارة الرحلات الجوية والتنقل والإقامة، ما يضمن تزامن جميع مراحل الرحلة بشكل مثالي. واللطيف في الأمر أن الذكاء الاصطناعي، يتعلم من اختياراتك السابقة، ما يسهم في تحسين الاقتراحات، والتي تأتي بحسب تفضيلاتك.
وكلما تفاعلت مع هذه الأدوات أصبحت أكثر دقةً وفائدةً، ما يوفر لك تجربة تخطيط مُحسّنة ومتواصلة.
اختيار الوجهة المفضلة
يُعد اختيار الوجهة أول التحديات، إن لم يكن أكبرها، التي تواجهك عندما تنوي قضاء العطلة، ولكن مع الذكاء الاصطناعي، أصبحت هذه العملية أبسط وأكثر فاعلية؛ إذ تقوم الخوارزميات المتطورة بتحليل تفضيلاتك في السفر، وميزانيتك المتوفرة، ووقتك المتاح، وحتى المناخ المثالي، وبناءً على ذلك تقترح عليك الوجهات والأنشطة المناسبة. وتستخدم هذه الأنظمة كماً هائلاً من البيانات لتقديم اقتراحات مُخصصة، ما يوفر عليك ساعات من عناء البحث ويُزيل أي شكوك.
ومن الجيد أن بعض التطبيقات المستخدمة على نطاق واسع لمراقبة التباين في أسعار تذاكر الطيران، واقتراح أفضل وقت للحجز بناءً على توقعات اتجاهات السوق وسجل الأسعار، تم ربطها بالذكاء الاصطناعي. فقد أطلق تطبيق «سكاي سكانر» Skyscanner، مؤخراً، تعاوناً مع شركة «أوبن أيه آي»، مطورة روبوت الدردشة «تشات جي بي تي»، الذي أصبح «عصا الأعمى»، حيث يعتمد عليه الناس في جميع مناحي حياتهم اليومية.
أما تطبيق «هوبر» Hopper، فيستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل احتمالية انخفاض أسعار الرحلات الجوية، ما يساعد المسافرين على توفير مبالغ كبيرة في أسعار التذاكر.
ومن الأمثلة البارزة الأخرى خدمة «جوجل ترافيل» Google Travel، التي تجمع البيانات من حسابك في «جوجل»، بما في ذلك سجل البحث وآخر موقع لتواجدك، وحتى تفاعلاتك في رسائل البريد الإلكتروني، بهدف اقتراح وجهات تتوافق مع اهتماماتك.
وهذا يجعل عملية الاختيار شخصية أكثر؛ مع الأخذ في الاعتبار الأنشطة التي تستمتع بها بالفعل، واستبعاد الوجهات التي قد لا تكون ضمن تفضيلاتك.
وضع برنامج العطلة
بعد الانتهـاء من مرحلة اختيار الوجهة، يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يشاركك في وضع برامج رحلات سفر مُخصصة بكل سهولة، بعد أن كان المسافرون يضطرون لإهدار ساعات طويلة في تصفح المدونات وأدلة السفر ومواقع السفر الإلكترونية للحصول على برنامج رحلة، يضمن لهم أفضل تجربة ممكنة، ولكن مع ظهور المساعدين الافتراضيين وأدوات الذكاء الاصطناعي، تم تبسيط هذه العملية بشكل كبير.
ويستخدم بعض الأدوات، مثل «تريب إت» TripIt، على سبيل المثال لا الحصر، تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، لإنشاء برامج رحلات مخصصة بناءً على بيانات معينة؛ كمدة الرحلة، واهتماماتك الشخصية، وحتى الوقت الذي ترغب في تخصيصه لكل نشاط. ومكن لهذه المنصات اقتراح مزيج مثالي من المعالم السياحيـــــة، والمطاعـــــــم، والجولات الثقافية، وأنشطة الاسترخاء.
وعلى سبيل المثال، يتيح لك أحد التطبيقات الذكية اختيار أنشطتك المفضلة، وتعديل مسار رحلتك بناءً على ساعات العمل والمسافات بين الأماكن، بل وحتى أحوال الطقس. يُعيد الذكاء الاصطناعي تنظيم مسار الرحلة تلقائياً لتحسينها قدر الإمكان.
وعلاوة على ذلك، يُمكن للذكاء الاصطناعي تقديم اقتراحات ديناميكية وتعديل مسار الرحلة آنياً، وفقاً للمعلومات الجديدة، فعلى سبيل المثال إذا كان الطقس سيئاً، يُمكن للمساعد الافتراضي اقتراح أنشطة في الأماكن المغلقة، أو إعادة تنظيم مسار الرحلة لاستغلال الأيام المشمسة بشكل أفضل.
الخدمات اللوجستية للسفر
يمكن القول إن اللوجستيات من أكثر جوانب الرحلة تعقيداً، خاصةً إن تم حجز الرحلة في اللحظة الأخيرة أو حدث تغيير فيها، ولحسن الحظ تُسهِّل أدوات الذكاء الاصطناعي تنظيم هذه التفاصيل. وتستخدم بعض التطبيقات؛ كتطبيق «بوكينغ دوت كوم»، الذكاء الاصطناعي، لمقارنة أسعار الرحلات الجوية والفنادق وخيارات التنقل المناسبة، ما يوفر للمستخدم أفضل الصفقات المتاحة.
ويمكن للذكاء الاصطناعي، التحقق من آلاف المصادر في ثوانٍ، وهو أمر من المستحيل القيام به يدوياً، ويمكنه تخصيص النتائج، استناداً إلى سجل تفضيلات المستخدم. وعلى سبيل المثالي، يستخدم «بوكينغ دوت كوم» الذكاء الاصطناعي، لتحليل سلوك حجز المستخدمين، وتقديم اقتراحات إقامة تناسب أسلوب سفرهم، فمن يقيم في العادة في فنادق اقتصادية، تقوم المنصة بتعديل الاقتراحات، لتعكس هذه التفضيلات في عمليات البحث المستقبلية. إضافة إلى ذلك يُمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في إدارة التغييرات الطارئة، حيث يُمكن برمجة المساعدين الافتراضيين، مثل «مساعد جوجل» أو أليكسا، لإرسال إشعارات فورية حول تأخير الرحلات الجوية، أو تغييرات حجوزات الفنادق، أو حتى اقتراح خيارات تنقل جديدة عند الحاجة.
ومن فوائد الذكاء الاصطناعي أيضاً، تحسين الاختيار بين وسائل النقل المختلفة؛ فعند التخطيط لرحلة من مدينة إلى أخرى في بلد الوجهة، يمكن للذكاء الاصطناعي اقتراح أفضل مزيج للتنقل بالقطارات والحافلات ووسائل النقل المحلية، مع مراعاة عوامل مهمة مثل إجمالي وقت السفر والكلفة والراحة.
وتعد حلول الذكاء الاصطناعي اللوجستية مفيدةً بشكل خاص للسفر الدولي؛ لأن التغيير المستمر في المناطق الزمنية والعملات واللغات يشكل تحدياً كبيراً للمسافرين.
أخبار متعلقة :