الكويت الاخباري

"بما في ذلك نفسه".. "ترامب" يجعل الجميع يخمنون ما إذا كان سيخوض حرباً ضد إيران أم لا؟ - اخبار الكويت

تم النشر في: 

19 يونيو 2025, 11:05 صباحاً

في قلب العاصمة الأمريكية، واشنطن، تتجه الأنظار نحو قرار مصيري قد يشعل فتيل الصراع جديد وواسع في الشرق الأوسط، ففي الوقت الذي تتصاعد فيه حدة الخطاب بين الولايات المتحدة وإيران، وتتحرك حاملات الطائرات الأمريكية نحو المنطقة، يبدو أن الرئيس دونالد ترامب يفضل إبقاء الجميع في حيرة من أمرهم بشأن ما إذا كان سيُقدم على عمل عسكري ضد طهران، وهذا الغموض المتعمد، الذي يعكس أسلوب ترامب في إدارة الأزمات، يجعل مصير العلاقات بين البلدين معلقًا على خيط رفيع، حيث تتداخل التكهنات حول إمكانية شن هجوم على المواقع النووية الإيرانية مع المخاوف من تداعيات إقليمية ودولية غير محسوبة، مما يضع واشنطن وطهران على حافة الهاوية.

غموض وإبهام

ويُثير أسلوب ترامب في التعامل مع قرار وطني بهذا الحجم دهشة المراقبين، فهو يبتعد تمامًا عن التخطيط المعقد واستراتيجيات تليين الرأي العام التي يتبعها معظم القادة قبل إرسال القوات إلى المعارك، فبدلاً من التوضيحات الشافية والتحضير الدقيق، يفضل ترامب الغموض والتصريحات المبهمة، سواء أمام الكاميرات أو عبر الإنترنت. وهذا الأسلوب، الذي قد يبدو للبعض سطحياً أو حتى متهوراً بالنظر إلى خطورة العواقب المحتملة لأي هجوم أمريكي على المواقع النووية الإيرانية، هو في جوهره جزء لا يتجزأ من نهجه الذي يرى فيه "مزية استراتيجية"، وفقاً لشبكة "سي إن إن".

ويُشير تحليل هذا الأسلوب إلى اعتقاد راسخ لدى ترامب بأن عدم القدرة على التنبؤ والتقلب يمنحانه ميزة حاسمة في الأزمات الأمنية القومية، وهي عوامل عادة ما يسعى الرؤساء الآخرون لتجنبها، فإبقاء الأصدقاء والأعداء في حالة من الحيرة يعزز موقفه، ويسمح له بتأجيل لحظة اتخاذ القرار، وتجنب الالتزام بمسارات عمل لا يمكن التراجع عنها. وبينما يرى مؤيدوه في هذا الأسلوب عبقرية استراتيجية، لا يوجد دليل يذكر على نجاح هذا النهج الذي نشأ في قاعات مجالس إدارة شركات العقارات في التعامل مع المواجهات الجيوسياسية المعقدة وصنع السلام العالمي.

حالة ترقب

وفي ظل هذا المشهد، يبقى الجميع في حالة ترقب: القيادة الإيرانية، وإسرائيل، وحلفاء الولايات المتحدة، وأعضاء الكونجرس، والمحللون، والمراسلون، والمواطنون الأمريكيون، وربما هو نفسه، فماذا سيفعل ترامب لاحقاً؟ لا أحد يستطيع الجزم، ولم يدير أي رئيس حديث عملية الاستعداد لحرب محتملة وكأنها سلسلة من التشويق، مصممة لإبقاء المشاهدين في انتظار الحلقة التالية، فنهجه هذا يختلف جذرياً عن دبلوماسية "جون كينيدي" الهادئة التي جنبت العالم حرباً نووية خلال أزمة الصواريخ الكوبية من خلال استراتيجية الشطرنج الدبلوماسي عالية الضغط.

وتتزايد مخاوف منتقدي ترامب مع كل يوم يمر، إذ لطالما خشوا اللحظة التي سيواجه فيها أزمة دولية من هذا النوع، وهو ما تجنبه إلى حد كبير خلال ولايته الأولى، ولهذا الأسلوب عواقب وخيمة، فإدارته لم تكشف بعد للشعب الأمريكي سبب تغيير وجهة نظرها المفاجئ بشأن امتلاك إيران للسلاح النووي، بل على العكس، أصبح ترامب يصرح بأن إيران باتت على بعد أسابيع من امتلاك سلاح نووي، ولا يوجد ما يشير إلى أن الإدارة تنوي طلب تفويض من الكونجرس لعمل عسكري جديد محتمل ضد إيران، على الرغم من أن الدستور يتطلب ذلك، كما ترفض الكشف عما إذا كانت قد وضعت خططًا لتقييم كيفية تأثير هجوم على منشأة فوردو النووية الإيرانية على المنطقة المحفوفة بالمخاطر، أو ما إذا كانت لديها أي استراتيجية خروج.

مؤشرات مقلقة

ويجب على ترامب أن يقرر ما إذا كانت المصالح الأمريكية ستُخدم بالانضمام إلى هجوم إسرائيل على إيران بهدف تدمير برنامج إيران النووي، باستخدام قدرات اختراق المخابئ الفريدة التي لا تملكها سوى الولايات المتحدة، وهو قرار صعب بسبب العواقب المحتملة: هجمات إيرانية على القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط، وهجمات محتملة على أهداف أمريكية، وموجة صدمة قد تزعزع استقرار العالم إذا انهار النظام في طهران.

وتشير التطورات الأخيرة إلى مؤشرات مقلقة، فمجموعة حاملة طائرات أمريكية ثالثة تتجه نحو الشرق الأوسط، وتشتد حدة الحرب الكلامية بين ترامب والقيادة الدينية في إيران، كما يعقد ترامب اجتماعات يومية في غرفة العمليات مع كبار مساعديه في الأمن القومي.

ويبقى السؤال: هل يدرك ترامب تماماً ما هو مقبل عليه؟ فبعد ظهوراته العلنية الأخيرة، لم يصبح العالم أكثر استقراراً، "لا تعرفون حتى أنني سأفعلها. لا تعرفون. قد أفعلها، قد لا أفعلها. لا أحد يعرف ما سأفعله،" هكذا صرح ترامب للصحفيين عندما سألوه عن خططه لإيران وهو يكشف عن ساريتين ضخمتين للعلم في البيت الأبيض، مضيفًا: "لا شيء ينتهي حتى ينتهي. تعلمون، الحرب معقدة للغاية. الكثير من الأمور السيئة يمكن أن تحدث. والكثير من المنعطفات تحدث".

أخبار متعلقة :