ليبيا – حذر مختصون في قطاعات الزراعة والصحة والبيئة من تصاعد خطر وقوع كارثة بيئية وصحية في مناطق الجبل الأخضر، جراء تراكم كميات كبيرة من المبيدات الزراعية والأدوية البيطرية منتهية الصلاحية بالقرب من المناطق السكنية.
مبيدات محظورة ومجهولة المصدر تهدد السلسلة الغذائية
رئيس قسم الوقاية بقطاع الزراعة عبد الرازق عاشور، أوضح في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الليبية أن الأسواق تضم مبيدات مجهولة المصدر دخلت البلاد بطرق غير قانونية، بعضها مصنف كمسرطن ومحظور دوليًا.
وأكد أن لجنة مختصة جرى تشكيلها عام 2019 عملت على جمع كميات ضخمة من هذه المبيدات ونقلها إلى مخازن مؤقتة بانتظار التخلص النهائي منها بالحرق داخل مصانع النفط ذات الحرارة العالية، لكن العملية لم تُنفذ حتى الآن.
وأشار إلى أن بعض المزارعين ما زالوا يستخدمون هذه المبيدات رغم انتهاء صلاحيتها، بعد رفع تركيزها لتعويض ضعف الفعالية، ما يؤدي إلى تراكم السموم في المحاصيل وانتقالها إلى الإنسان، مسببة أمراضًا مزمنة وخطيرة.
كما حذر من أن عمليات الدفن العشوائي تسهم في تلوث المياه الجوفية، مؤكدًا أن الحرق في مرافق صناعية متخصصة هو الخيار الوحيد الآمن.
تسمم بيئي شامل وتأثير مباشر على الإنسان والكائنات المفيدة
من جانبه، أكد الدكتور أمجد العوكلي، موظف بجهاز الحرس البلدي بالأبرق، أن هذه المبيدات تشكل تهديدًا مباشرًا للصحة العامة والحيوان والنظام البيئي، مشيرًا إلى ظهور أعراض تسممية حادة لدى بعض المتضررين.
وأوضح أن هذه المواد تؤثر سلبًا على الكائنات المفيدة مثل النحل والديدان، وقد تتحول إلى مركبات أكثر سمية بمرور الوقت، ما يضاعف الأضرار.
ونوّه العوكلي إلى أن أبرز التحديات تشمل غياب التمويل، نقص المخازن المؤهلة، ضعف التنسيق بين الجهات الرسمية، وقلة الوعي المجتمعي، داعيًا إلى إصدار تشريعات صارمة لمنع تداول المبيدات المحظورة وتكثيف حملات التوعية للفلاحين.
آلاف العبوات مكدسة بانتظار الإعدام الآمن
بدوره، قال رافع التواتي، مدير مكتب الصحة الأمنية بقطاع الزراعة وعضو لجنة متابعة الأدوية، إن جهود جمع الأدوية البيطرية المنتهية بدأت منذ عام 2020، حيث تم تجميع أكثر من 5500 عبوة بالتعاون مع مكتب الوقاية الزراعية.
وأوضح أنه تم الاتفاق على نقل هذه المواد إلى محرقة رأس لانوف، لكن التنفيذ تعطل بسبب نقص التمويل، ما أدى إلى تكدسها في مخازن غير مؤهلة.
مخاطر كبيرة تهدد السكان بسبب غياب منشآت مخصصة للتخزين
في السياق ذاته، أكد عمر مطول، منسق قطاع الزراعة والثروة الحيوانية في منطقة الجبل الأخضر، أن لجنة مشتركة شُكلت عام 2019 نجحت في جمع نحو 7000 عبوة من هذه المواد الخطرة.
وأشار إلى أن غياب مخازن مخصصة يمثل تحديًا حقيقيًا، خاصة أن بعض هذه المواد يحتاج إلى ظروف تخزين دقيقة وإجراءات صارمة.
كما حذر من تكدس هذه العبوات في مناطق مأهولة بالسكان، مؤكدًا أن المخاطر البيئية والصحية باتت جسيمة وتتطلب تدخلاً عاجلًا.
دعوات إلى خطة شاملة قبل فوات الأوان
في ظل هذه الأوضاع المتفاقمة، دعا المختصون إلى تدخل فوري لتنفيذ عملية الإعدام البيئي الآمن للمبيدات، ووضع خطة وطنية شاملة بالتنسيق بين القطاعات المختلفة، حمايةً للصحة العامة ومنعًا لوقوع كارثة بيئية وصحية وشيكة.
أخبار متعلقة :