دبي: رامي معالي
مع إعلان مصرف الإمارات المركزي عن خطته لإطلاق الدرهم الرقمي، بحلول نهاية عام 2025، تتجه الأنظار إلى هذه المبادرة، بوصفها نقلة نوعية في مسار النظام النقدي الوطني، ضمن جهود الدولة للتحول الرقمي الشامل.
يعتمد هذا الدرهم على شبكة «البلوك تشين» المطوّرة محلياً، من قبل مؤسسة «إيه دي آي»، ما يوفر بنية متقدمة وآمنة لعمليات الدفع الإلكتروني، ويؤسس لمرحلة جديدة من التفاعل المالي الذكي في دولة الإمارات. في ظل هذا التوجه، تزداد التساؤلات، حول انعكاسات العملة الجديدة على حياة الأفراد اليومية ومستقبل التعاملات النقدية.
عملة رسمية
يعتبر هذا الدرهم النسخة الرقمية الرسمية للعملة الوطنية، ويخضع لإشراف مباشر من مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، ما يضمن موثوقيته واعتماده كوسيلة دفع قانونية، ويمكن استخدامه في جميع نقاط البيع بالدولة، إلى جانب قابليته للدمج في أنظمة المدفوعات محلياً ودولياً. ولا تقتصر استخداماته على العمليات التقليدية، بل تمتد إلى استخدامات مستقبلية، تشمل التفاعل بين الأجهزة، والتكامل مع الذكاء الاصطناعي، ما يعزز كفاءة التعاملات المالية، ويوفر فرصاً مبتكرة في مجال التكنولوجيا المالية.
سهولة الاستخدام
يقول المحلل الاقتصادي أمجد نصر، إنه ستكون آلية استخدام الدرهم الرقمي بسيطة ومباشرة، عبر محافظ إلكترونية مرخصة من المصرف المركزي، يمكن تحميلها على الهواتف الذكية.
وتتيح هذه المحافظ للمستخدمين الدفع للمتاجر أو عبر الإنترنت، باستخدام رموز QR أو الربط المباشر، مما يسهل تجربة التسوّق والدفع. كما يمكن للأفراد والشركات الحصول على العملة الرقمية، من خلال البنوك أو شركات الصرافة أو التكنولوجيا المالية، ما يتيح تحويل الأموال لحظياً، وربط المعاملات بالحسابات البنكية بكل مرونة.
أمان وكفاءة
أضاف نصر أن الدرهم الرقمي يتميّز بدرجة عالية من الأمان والكفاءة، كونه مدعوماً من المصرف المركزي، ومشفّراً باستخدام تقنيات «البلوك تشين»، التي تضمن الشفافية وتحول دون التلاعب. مشيراً إلى أن من أبرز مميزاته قابليته للبرمجة، حيث يمكن استخدامه في المدفوعات التلقائية، من خلال العقود الذكية، بالإضافة إلى كونه متاحاً دون الحاجة إلى فتح حساب مصرفي، مما يوسع قاعدة المستفيدين، ويوفر حلاً مالياً فعالاً لجميع فئات المجتمع.
شمول مالي
لفت نصر إلى أن العملة الرقمية الجديدة، ستعود بفوائد مباشرة على المواطنين والمقيمين، من أبرزها تعزيز الشمول المالي، لا سيما للفئات غير المتعاملة مع البنوك كأصحاب الدخل المحدود أو العمالة الوافدة. وتابع نصر: «أتوقّع أن يُسهم هذا التوجّه في تقليل التكاليف المرتبطة بالتحويلات المصرفية، ويحدّ من الاعتماد على النقد، بما يعزّز الشفافية، ويرفع كفاءة النظام المالي في الدولة، من خلال تمكين الأفراد من امتلاك محافظ رقمية، والاستفادة من خدمات مالية مرنة وآمنة».
ثقة بالمنظومة
أكد الدكتور وضاح الطه، الخبير الاقتصادي، أن إطلاق الدرهم الرقمي يمثل خطوة نوعية، تعزز كفاءة التجارة الخارجية والتحويلات المالية الدولية، مشيراً إلى أن هذه العملة الرقمية ترتكز على الدرهم الوطني المرتبط بالدولار، ما يرسّخ الثقة بالمنظومة الجديدة.
ولفت إلى أن هذا التوجّه، يأتي ضمن شراكة استراتيجية تجمع بين المصرف المركزي وكبرى البنوك الوطنية، وفي مقدمتها بنك أبوظبي الأول، ما يعزّز من موثوقية الأداة الرقمية، ويدعم بنيتها التقنية والمالية.
تكامل مصرفي
أوضح الطه أن الدرهم الرقمي لا يلغي دور البنوك التقليدية، بل يعزز من كفاءتها، مشدداً على أن التحول الرقمي، يمثل مساراً تكاملياً، وليس بديلاً للنظام المصرفي القائم. وأن العملة الرقمية ستُسهم في تحسين جودة الخدمات البنكية وتسريع المعاملات المالية، مما يمنح المؤسسات المصرفية فرصاً جديدة، لتبني تقنيات متقدمة، وتقديم حلول مالية أكثر مرونة وتطوراً لعملائها.
مكانة عالمية
أشار الطه إلى أن مبادرة الدرهم الرقمي، تعكس سرعة استجابة دولة الإمارات للتغيرات العالمية، وتدعم مكانتها كمركز مالي واستثماري عالمي. واعتبر أن التحول نحو العملات الرقمية يعزز من جاذبية الدولة للمستثمرين، ويمنح الاقتصاد الوطني مرونة أكبر في التعامل مع التطورات التقنية والاقتصادية. وأضاف: «الإمارات شهدت في الآونة الأخيرة تدفقاً متزايداً لرؤوس الأموال، بفضل ما توفره من بيئة مستقرة وموثوقة».
أخبار متعلقة :