الكويت الاخباري

عائلات غزية نازحة في مصر تحتفل بعيد الأضحى بالأمل والذكريات - الكويت الاخباري

القاهرة - شينخوا: تكبريات عيد الأضحى تملأ شوارع العاصمة المصرية القاهرة منذ صباح أمس، لكن بالنسبة لياسر قديح، المصور الصحفي من قطاع غزة، حملت هذه الأصوات نغمة حنين للوطن.

بينما كان يسير مع أطفاله الثلاثة، سلام (16 عاماً)، وأمير (14 عاماً)، وأصيل (5 أعوام)، نحو مسجد قريب لأداء صلاة العيد، غمرت ذكريات الاحتفالات الماضية في غزة عقل قديح واشعلت فيه الحنين.

وقال قديح، البالغ من العمر 41 عاماً، في تصريحات لوكالة أنباء "شينخوا" إن العيد في غزة كان دائماً حدثاً مهما ، حيث كنا نجتمع مع عائلتنا، الإخوة والأخوات والوالدين، بعد ذبح الأضاحي، ومن ثم نعيش فرحة توزيع اللحوم على المحتاجين والأفراد والأصدقاء، والآن، بعيداً عن منزله في مدينة خان يونس الذي دمرته الحرب، يعيش قديح وعائلته في شقة مستأجرة صغيرة في إحدى ضواحي القاهرة.

وغادر قديج وعائلته غزة في مايو 2024، بعد شهور صعبة قضوها في خيام مكتظة أو البحث عن ملجأ مؤقت في منازل الأقارب في مناطق "أكثر أماناً".

ولجأ أكثر من 100 ألف فلسطيني إلى مصر منذ اندلاع الحرب في تشرين الأول 2023، وفقاً للسفارة الفلسطينية في القاهرة.

قديح، الذي كان يعيش سابقاً حياة رغيدة كمصور صحفي، يعتمد الأن على مدخرات تتضاءل، واستُنزفت بشكل أكبر.. وقال قديح: "أنا لا أنفق مثل السابق، وأحرص بشدة على تقليص نفقاتي، لجعل هذه المدخرات تدوم لأطول فترة ممكنة، من أجل مستقبل أطفالي غير المؤكد".

ويلتحق أطفال قديح ببرنامج تعليم افتراضي ضمن مبادرة أطلقتها وزارة التربية والتعليم الفلسطينية للطلاب النازحين بمصر، بفعل الحرب الإسرائيلية المتواصلة في غزة.. ويمثل البرنامج بديلاً حيوياً، ولكنه غير مكتمل لبيئة التعلم الغنية والروابط الاجتماعية في مدارسهم بغزة.

وتشكل زوجته رنا، التي فقدت والديها في الحرب، مصدر قوة له، إلا أن فقدان والديها مثّل لها ضربة موجعة، تضيف حزناً إضافياً إلى نزوحها.

وقالت في تصريحات لوكالة أنباء "شينخوا": "أفتقد تلك الأيام في غزة، وخاصة أيام العيد، فرحة قضاء الأوقات الجميلة مع أطفالي، والتجمع مع العائلة والأصدقاء، والضحك، ومشاركة الوجبات.. كل ذلك اختفى الأن".. لقد ترك الأثر المدمر للصراع بصمة لا تمحى على روحها، لكن همها الأكبر الأن يتمثل في خوفها على أفراد عائلتها المتبقين الذين ما زالوا محاصرين في غزة، ويعيشون في مخيمات مؤقتة غير آمنة، ويكافحون باستمرار للحصول على الطعام في ظل الإغلاق المستمر للمعابر وحظر المساعدات.

ورغم الألم العميق وعدم اليقين، يسعى قديح جاهداً لاستعادة حياته الطبيعية في القاهرة، من خلال نسج علاقات وصداقات مع جيرانه المصريين.. وقال: "كوّنت صداقات مع جيراني"، مضيفاً: "لقد كانت مصر في غاية الكرم معنا، فقد وفرت لنا ملاذاً آمناً عندما لم يكن لدينا مكان آخر نذهب إليه، ونحن ممتنون جداً لذلك".

ومع ذلك، لا يزال شغف العودة للوطن يغمره، حيث يحلم بالرجوع وإعادة بناء حياته من جديد، فيما يعيد سلام، ابنه الأكبر، صدى مشاعر والديه في المنفى، مستذكراً "الأيام الجميلة" التي عاشها في غزة.

وقال الطفل إنه يفتقد مدرسته، وأصدقائه، متذكراً العيد في غزة، حيث كان يستيقظ باكراً مع والده وأعمامه وأبناء عمومته لأداء صلاة العيد، ثم ينطلق إلى منزل جدته لتهنئتها بحلول العيد.

وأردف الطفل أنه يفتقد بشدة حديقة المنزل الكبيرة، حيث كان يلعب كرة القدم مع أبناء عمومته، مقارناً بيتهم الكبير في غزة بشقتهم الصغيرة الأن في القاهرة، وفي حي آخر من أحياء القاهرة، تمكن محمد شعبان وهو مهندس كمبيوتر يبلغ من العمر 44 عاماً، من الاحتفال مع عائلته الممتدة التي غادرت هى الأخرى غزة في العام 2024، في ظل الشعور بأجواء العيد المليئة بالحنين للوطن.

وبعد أداء صلاة العيد مع طفليه البالغين من العمر 13 و11 عاماً، اصطحبهما إلى شقة والديه المستأجرة، حيث استعاد تقاليد العائلة الغزية، ليلتقى بوالديه وشقيقيه وزوجتيهما وأطفالهما.

وضجت الشقة بالأحاديث ورائحة كعك العيد الفلسطيني الذي أعدته والدته، إلا أن السعادة الحقيقية ما زالت مفقودة، حيث طغى عليها الحزن والحنين. وقال شعبان في تصريحات لوكالة أنباء "شينخوا": "تحدثنا عن حياتنا في غزة، والذكريات الجميلة، والأماكن التي افتقدناها بشدة، كما تحدثنا عن التحديات المستمرة التي نواجهها هنا في مصر، وعدم اليقين بشأن مستقبلنا".

وبينما يعتمد شعبان، على مدخراته، فإنه يجد أحياناً عملاً حراً في بناء مواقع الإنترنت والتطبيقات، ما يساعده على إدارة موارده المالية المتناقصة بشكل أفضل، وأقر بأن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يجلب فرحة حقيقية لهم، هو انتهاء هذه الحرب والعودة إلى ديارهم.

وأعرب شقيقه أحمد، وهو محاسب يبلغ من العمر 41 عاماً، وقد تمكن من الحصول على وظيفة مستقرة في شركة مصرية، عن بصيص من التفاؤل وسط اليأس الذي أصاب الجميع، وقال إنه يعتقد أن هذه الحرب ستنتهي خلال بضعة أشهر، وربما قبل ذلك، معرباً عن أمله في أن تنجح المحادثات الجارية لوقف إطلاق النار، والضغط المتزايد من المجتمع الدولي، في إنهائها.

ويوفر راتب أحمد مصدر استقرار أساسياً لزوجته وأطفاله الثلاثة، مما يمكنه من إدخال الفرحة إلى قلوب أطفاله هذا العيد، حيث اشترى لهم ملابس جديدة، كما وعدهم بأن يصطحبهم إلى الحدائق العامة، في تحدٍ بسيط لواقع النزوح.

واختتم أحمد تصريحه بالإعراب عن "آمله في أن يعود إلى غزة قبل نهاية العام، وألا ينتظر طويلاً حتى يتحقق هذا الحلم". 

أخبار متعلقة :