العجز المتوقع كما أوضح الوزير لا يُعدّ كبيراً، ولا يُمثّل خطراً هيكلياً، بل هو نتيجة متوقعة لإعادة تقييم أولويات الإنفاق في ظل انخفاض أسعار النفط. والمملكة لم تفاجأ بهذا التغيّر، بل كانت تسبقه بإعادة ترتيب دقيقة لمسارات الصرف الحكومي، بما يعكس مرونة الإدارة المالية لا هشاشتها.
هذا النوع من العجز لا يُشبه العجز التقليدي الذي اعتادت عليه المنطقة، بل يعد عجزاً مقرراً ضمن إطار استثماري طويل الأجل،، حيث لا يكون التراجع نتيجة خلل، بل نتيجة قرار سيادي بتوجيه الموارد نحو استثمارات أكثر تأثيراً على المدى البعيد.
وفي خضم التحديات العالمية، جاءت تأكيدات الوزير أن الاقتصاد السعودي متين، وقد تحقق الكثير من الأهداف أو هي على المسار الصحيح، لتُثبت أن إعلان العجز لا يعني الانحراف عن الرؤية، بل يُعبر عن إدارتها بواقعية مرنة. بلغة أدق: نحن لا نُدار بالأمنيات، بل بالأرقام والخيارات الصعبة.
وحين تأتي الطمأنة من رأس الإدارة المالية في الدولة، بأن لا يوجد أي سيناريو قد يجعل نسبة الدين إلى الناتج المحلي تقترب من سقف الوزارة البالغ 40%، فإن هذه الرسالة لا تُطمئن فقط، بل تُعبّر عن منهجية قانونية مؤسسية تُشير إلى أن إدارة الدين في المملكة تُدار ضمن حوكمة مالية صارمة، وبتشريعات تفرض الانضباط.
أخبار ذات صلة
بلغة القانون، فإن ما يحدث اليوم يُعدّ ممارسة راقية لمبدأ «الإفصاح المالي»، وهي قيمة تتبناها الدول المتقدمة لحماية استقرارها الداخلي، لا لإرباكه. فالدولة لم تُخفِ التحديات، بل شرحتها. ولم تُجمّل العجز، بل وضعته في إطاره، وبيّنت أسبابه وخطط التعامل معه.
رغم تعدد المؤشرات، تظل الصورة الكلية واضحة: الدولة التي قادت أكبر مشروع تحول اقتصادي في تاريخ المملكة، لن تتعثر عند أول تراجع في أسعار النفط. فالرؤية التي لا تعتمد على الصدفة، تعرف كيف تُحوّل التحديات إلى فرص، وكيف تُمسك بخيوط الإنفاق بدقة، دون أن تُرهق الأجيال القادمة.
وفي المحصلة، فإن العجز المعلن لا يضعف الاقتصاد السعودي، بل يُعبّر عن شفافية دولة تعرف ما تفعل، وتُدير مواردها بمسؤولية. والمؤشرات الأساسية ما زالت قوية، والسياسات مستمرة، والثقة لم تُبنَ على رقم، بل على منظومة كاملة من الانضباط والحوكمة والتخطيط بعيد المدى.
أخبار متعلقة :