منذ ساعات الصباح الأولى، انتشر رجال الأمن بلباسهم الميداني في جنبات عرفات، يحملون على عاتقهم مسؤولية عظيمة، يتنقلون بين الحشود، ويعيدون النظام ويمنعون التكدس قبل أن يحدث، في مشهد يعكس الجاهزية والتخطيط المحكم. أصواتهم تتعالى بإرشادات واضحة، وأياديهم تنظم السير كما لو أنها خيوط ضوء ترسم طريق السكينة.
في نقاط التقاء الحشود، عند المداخل والمخارج، وفي مفترقات الطرق، تجد رجل الأمن حاضرًا.. لا تقتصر مهمته على التنظيم فقط، بل هو سندٌ إنساني، يحمل طفلًا تاه عن والده، ويرشد عجوزًا أعياه التعب، ويمنح ابتسامة لحاج يطلب معلومة. يمضي يوم عرفة تحت شمس حارقة، فيما يبقى رجل الأمن واقفًا، لا يبحث عن راحة، بل عن رضا الله وراحة الحاج.وفي وسط هذا الزخم الإيماني، تتكامل الأدوار الأمنية بكل سلاسة، كأنها سيمفونية منضبطة، لا نشاز فيها. الإشارات تؤتى بلمحة عين، والتدخل يتم بثوانٍ، والهمّ واحد: أن يسير هذا اليوم العظيم دون خلل، وأن يُكمل الحاج ركن الوقوف بعرفات وقد غمره الأمن والطمأنينة.
المشاهد التي رصدتها “المدينة” في عرفات تؤكد أن رجال الأمن ليسوا مجرد عناصر نظام، بل هم نماذج فريدة في التضحية والعطاء. يقفون شامخين، يؤدون واجبهم الوطني والديني والإنساني بأقصى درجات الإخلاص، في ملحمة لا يراها العالم إلا على أرض الحرمين الشريفين، وتحت ظل قيادة جعلت من خدمة الحجاج شرفًا قبل أن يكون مسؤولية.
ووسط دعوات الحجيج وصوت التلبية، يبقى مشهد رجال الأمن في عرفات، أحد أصدق الوجوه التي تُعبّر عن روح الحج، وعن قيم هذا الوطن الذي عاهد الله على أن يكون في خدمة ضيوفه حتى يكتمل لهم النسك في أمنٍ وإيمان.
أخبار متعلقة :