هل هناك خط أحمر لإسرائيل ؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة
بين الدول المتنازعة هناك أطر وتنظيمات وأعراف للخلافات منذ أن عرف العالم اتفاقيات جنيف، وقبل ذلك بالطبع في سلامة الرسل بين المتحاربين، وهناك مصطلحات عسكرية لإدارة الصراعات، من أبرزها وجود قواعد اشتباك تمثّل أُطراً وهوامش يحترمها أطراف الصراع، وتجاوز قواعد الاشتباك يُعد تصعيداً لا يعيد عقارب الساعة إلى الوراء قط.

وعبر تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو حتى الصراع العربي الإسرائيلي لم يحدث شبيه للصراع الحالي والذي يكتمل من عامه الثاني، حيث تم تجاوز الخطوط الحمراء التاريخية، وليس ذلك فقط بغزوة البياجر كما عبّر أمين حزب الله السابق فقط، بل بتصفيته وخليفته والعديد من القيادات وهذا على المستوى اللبناني.

والمزيد على الميدان السوري واليمني، ولكن الأهم على المسرح الفلسطيني حيث انطلقت هجمات السابع من أكتوبر التي أشعلت هذا الرد العنيف الوحشي وغير الإنساني الذي نعيشه اليوم، وبعيداً عن رواية معرفة نتنياهو من عدمه بالمعركة قبل حدوثها، فلا شك أنه اعتبرها خشبة الخلاص من المحاكمات، ولا بد أن شبح ايهود أولمرت شاحب الوجه بهندام السجن يقلق مضجعه.

على المستوى الفلسطيني لم تكن الخطوط الحمراء اغتيال هذا أو ذاك، أو التلذذ بالانتقام من السنوار وملاحقة عائلته، بل حملة إبادة جماعية ومنع وتقتير متتالٍ لشحنات المساعدات، بشكل اعتبر أن المساعدات كانت سلاحاً لنتنياهو في الحرب، بشكل تدريجي انفض الجمع من حوله ولم يعد ممكناً أو متخيلاً الوقوف معه، خاصة بعد استئناف الأعمال العسكرية مجدّداً في غزة وجلب الجيش الاحتياطي، ومحاولة شد العصب التي لم تعد بضاعة يشتريها المواطن الإسرائيلي خاصة بعد تسعة عشر شهراً فشلت فيها حكومة تل أبيب في استرداد أسراها، بل أصبح مشهد تسليم الأسرى مشهداً موغلاً في الإهانة، تقول فيه المقاومة: لم تنل منّا صواريخك ولم يصلنا توغل جنودك.

إعلامياً كان يبدو صوت إسرائيل ضعيفاً مهما ناصرها الغرب في البداية، حين كانت رواية الانتقام من السابع من أكتوبر مقبولة على مستوى رد الفعل والثأر وتحرير الأسرى، وبدأت الموجة تعلو ضدها مع الوقت، وربما استهانت ببعض المظاهرات أو الحركات الطلابية في الجامعات الأمريكية وغيرها، وحتى صفعة قرار محكمة العدل الدولية الذي اعتبر الوجود الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية غير قانوني، واعتبرت أعمال نتنياهو جرائم إبادة جماعية وإصدار مذكرة توقيف بحقه يسعى لتجاوزها كمزلق قوي يسعى لتجاوزه.

لكن بدأت الإشارات الجادة من عدة دول غربية، حيث أوقفت بعض الأسلحة من قبل الإدارة الأمريكية السابقة، ثم

أعلنت بريطانيا أنها ستعلق 30 من أصل 350 ترخيصاً لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل وذلك في سبتمبر الماضي، واليوم نعيش حنقاً أوروبياً كندياً متزايداً، بدأ بتعليق الاتفاقيات التجارية وتصديق قرار تجميد تصدير الأسلحة من البرلمان الإسباني، مروراً بعقوبات على أفراد وكيانات بسبب الاستيطان.

والخطوات الأوروبية لا تبدو بعيدة عن المقاربة الأمريكية التي تفضّل الحوار مع الحوثيين والاتفاق النووي مع إيران، ووقف النار في غزة، ولكن الخطوة القادمة ستكون مؤلمة لنتنياهو عبر اعتراف بريطانيا وفرنسا بدولة فلسطين، وهذا تغيّر استراتيجي سيذهب بخطط إسرائيل طويلة المدى أدراج الرياح، وهو تطور كبير كيف لا وهما الدولتان اللتان خطتا خرائط المنطقة.

صحيح أن نتنياهو ما زال يعتقد أن بإمكانه تجاوز كل الخطوط الحمراء، لكن الغرب أضحى اليوم ينظر لحرب غزة كمغامرة بأسلحتهم وسمعتهم، ويوماً بعد يوم تسقط السردية الإسرائيلية العتيقة التي تتبنى نظرية قلعة الديموقراطية الغربية في الشرق الأوسط، ويتساءل الأوروبيون اليوم كم هولكوستا صنعت إسرائيل منذ السابع من أكتوبر حتى نغطيه بثوب ادعاءات نتنياهو البالية.

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق