تُشكل التقنيات الناشئة الموجة القادمة من التحول الاقتصادي في دولة الإمارات، ويُصنّف السوق المحلي من بين الأكثر تقدماً عالمياً من حيث تبني التكنولوجيا والإقبال عليها، وفقاً لتقرير شركة «تشيك آوت» Checkout.com السنوي الخامس الخاص بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
يُقدم تقرير «التجارة الرقمية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2025: رؤى حول سلوكيات المستهلك المتغيرة» منظوراً فريداً حول كيفية تضافر المبادرات المبتكرة للبنوك المركزية والهيئات التنظيمية التقدمية وشركات التكنولوجيا المالية والتجار وسكان المنطقة من متبني الرقمنة بهدف احتضان التحوّل السريع وواسع النطاق.
التسوق عبر الإنترنت
على مدى السنوات الخمس الماضية، شهدت الدولة زيادة هائلة في معدلات التسوق عبر الإنترنت، بزيادة وصلت إلى 320% في التسوّق اليومي، منذ عام 2020، ويتجلى هذا الاتجاه بشكل أكبر في إجمالي حجم المدفوعات الرقمية للشركة في الإمارات والتي ارتفعت بنسبة مذهلة بلغت 1333%، خلال الفترة ذاتها، وبنمو سنوي بنسبة 177%. تُؤكد هذه الأرقام مجتمعةً على تحولٍ واسع في نمط الحياة في الدولة حيث باتت المنصات الرقمية الخيار الأول للمستهلكين وبشكلٍ متزايد.
وإلى جانب التسوق اليومي، يتجه المزيد من المستهلكين في الإمارات إلى المنصات الرقمية لاستكمال مشترياتهم الروتينية، حيث يتصدر توصيل الطعام هذا القطاع باعتباره القطاع الأفضل أداءً، مستحوذاً على حصة هائلة بلغت 57% من التسوق عبر الإنترنت، بينما جاء قطاع الملابس والأزياء في المرتبة الثانية بنسبة 48%، أما المركز الثالث، فكان من نصيب قطاع السفر بنسبة 38%.
تنوع وديناميكية مشهد
يُبرز هذا الأمر مدى تنوع وديناميكية مشهد التجارة الإلكترونية في الدولة، ليس فقط من حيث الحجم، ولكن من حيث اتساع نطاق السلع والخدمات التي بات المستهلكون يشترونها عبر الإنترنت.
لا ينعكس هذا التحول نحو الراحة الرقمية في عادات الإنفاق الاستهلاكي فحسب، بل أيضاً في كيفية إرسال الأفراد والشركات للأموال واستلامها. ففي الإمارات، على سبيل المثال، شهد اعتماد معاملات تمويل الحسابات (AFTs) نمواً مذهلاً بنسبة 388% على أساس سنوي، مما يُؤكد التحول السريع للدولة نحو المدفوعات الرقمية الفورية.
يشير هذا النمو إلى تطور كبير في البنية التحتية المالية للإمارات، مدفوعاً بالطلب على تجارب دفع فورية وآمنة ومرنة، كما يُظهر كيف تتوسع التجارة الرقمية لتتجاوز تجارة التجزئة التقليدية، لتشمل تفاعلات اقتصادية أوسع، من صرف الرواتب إلى مدفوعات العمل الحر والتحويلات بين الأقران.
زيادة معدل الإنفاق
ينوي حوالي 62% من مستهلكي الدولة زيادة إنفاقهم عبر الإنترنت، العام المقبل، ومن المتوقع أن تستفيد قطاعات السفر، وتوصيل الطعام، والخدمات الحكومية والعامة من هذه الزيادة.
مع تزايد إقبال سكان الإمارات على التسوق الرقمي، للراحة التي يوفرها وسهولة الوصول إليه، تستمر شعبية خيار الدفع الرقمي، عند الاستلام في الانخفاض بشكل حاد، حيث انخفضت شعبية هذا الخيار في الدولة بنسبة 53%، منذ عام 2020.
إقبال على الحلول
يقول ريمو جيوفاني أبونداندولو، المدير العام للشركة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: «تُبرز بيانات تقرير هذا العام إقبال سكان الإمارات المتزايد على الحلول، التي تُبسّط تعاملاتهم اليومية، وتُلبي حاجتهم المتزايدة للراحة والأمان والابتكار في ما يخصّ تسوقهم الرقمي والمدفوعات الرقمية. تعكس البيانات بوضوح التزام الإمارات المستمر بقيادة التحول الرقمي في جميع القطاعات. ومن خلال المبادرات الاستراتيجية والاستثمارات في البنية التحتية التكنولوجية، لعبت حكومة الإمارات دوراً رئيسياً في تعزيز منظومة رقمية».
انتشار التكنولوجيا المالية
يشير التقرير إلى أن الإمارات تتميز بكونها دولة ناضجة إلكترونياً، تتمتع بانتشار واسع للمحافظ الرقمية وبسوق متنامٍ لتطبيقات الاستثمار، إلى جانب حلول الدفع المباشر والتأمين الرقمي المتطورة. يستخدم حوالي 42% من مستهلكي الإمارات الآن التطبيقات أو المحافظ الرقمية لإرسال الأموال، مرة واحدة أسبوعياً على الأقل، ويستخدم 35% منهم منصات التكنولوجيا المالية للاستثمار وإدارة الثروات.
وفي الوقت ذاته، بات الذكاء الاصطناعي يأخذ دوراً أكبر في تجربة التسوق في الدولة، فقد استخدم 46% من المتسوقين الإماراتيين مواقع الدردشة التوليدية لمساعدتهم في التسوق عبر الإنترنت، بينما استخدم 37% أدوات البحث البصري بالذكاء الاصطناعي للتسوق عبر الإنترنت. ومن التجارب الافتراضية إلى روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يشير التقرير إلى أن فرصة تفاعل المستهلكين في السوق الإماراتي، مع أدوات التسوق الذكية أعلى من المتسوقين في الأسواق الأخرى.
اكتساب العملاء عبر الإنترنت والاحتفاظ بولائهم
أدى الوصول الفوري إلى المعلومات إلى تغيير سلوك المستهلك في المتاجر أيضاً. وأقرّ 44% من مستهلكي الدولة بأنهم يتصفحون، عبر الإنترنت للحصول على خيارات أفضل حتى أثناء التسوّق في المتاجر.
في ظلّ الاقتصاد الرقمي، تنتقل الثقة عبر القنوات الرقمية. ومن المرجح أن يثق المستهلكون بالعلامة التجارية، بناءً على تقييمات الأقران وتعليقات الجهات الخارجية، تماماً كما تنشأ ثقتهم فيها من خلال الألفة المباشرة والتعرف التقليدي الى العلامة. وبات «الدليل الاجتماعي» الرقمي قوة مهيمنة في تشكيل تصورات العلامة التجارية.
الاحتيال عبر الإنترنت
في السنوات الأخيرة، أصبح الاحتيال عبر الإنترنت، وخاصة عمليات الاحتيال المبنية على الذكاء الاصطناعي وتقنية التزييف العميق، مصدر قلق كبير.
تبني التجارة الرقمية
يشير التقرير، إلى أنه مع تبني الدول للتجارة الرقمية، يتطور النظام البيئي المالي بطرق تفتح الباب أمام المزيد من فرص، ولكن قد تزيد أيضاً من فرص الاحتيال. منذ عام 2023، ارتفع عدد المستهلكين في الدولة الذين أبلغوا عن تعرضهم للاحتيال الإلكتروني من 35% إلى 57%.
وأكد أبونداندولو: «في ظل مشهد التجارة الرقمية في المنطقة، والذي لا ينفك يزداد تنافسية، بات أداء الدفع عاملاً حاسماً في التميز، حيث إن المدفوعات السريعة والآمنة والذكية ركيزة أساسية للنجاح التجاري، ليس فقط في مرحلة الدفع، بل في تجربة العميل بأكملها».
ويتناول التقرير الأخير تحليلاً متعمقاً بأثر رجعي لاتجاهات التجارة الإلكترونية على مدى الأشهر الـ 60 الماضية، ليرصد بذلك معدلات النمو لفهم حجم التغيير الذي تشهده التجارة الرقمية في المنطقة خلال تلك الفترة.
0 تعليق