كتب خليل الشيخ:
عاد الأب عبد الحليم غبن (39 عاماً) حاملاً وعاءً بلاستيكياً صغيراً مملوءاً بقليل من "المعكرونة" المطبوخة بالطماطم، وهو يعلم أن تلك الكمية لن تكفي لسد رمق أفراد أسرته المكونة من سبعة أفراد.
وانفجرت أسارير الطفلين براء (10 أعوام) وشقيقته حسناء (7 أعوام) عند رؤية والدهما عائداً بالطعام، بعدما كانا يتضوران جوعاً، وجلسا بانتظار التئام باقي أفراد الأسرة لتناول ما جلبه الأب.
وتعاني تلك الأسرة المكونة من والدين وثلاثة أشقاء أكبرهم 15 عاماً وأصغرهم رضيع، من حالة غير مسبوقة من الفقر والجوع، فضلاً عن الخوف من القصف وإطلاق النار.
وقال غبن: "نصحو يومياً لنفكر كيف بدنا نُطعم صغارنا وكيف نجيب لهم الماء، فنحن نجوع طيلة اليوم ونشبع ساعة أو أكثر فقط بعد تناول الوجبة اليومية مباشرة، ومستمرون على هيك منذ أكثر من شهرين".
تسكن عائلة غبن في أقصى شمال بلدة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، التي تتعرض لإطلاق نار وقصف مدفعي من قبل قوات الاحتلال، إلا أن هذه الأسرة الفقيرة تكافح من أجل البقاء على قيد الحياة، سواء من ناحية القصف الإسرائيلي أو من ناحية الجوع والعطش.
وأوضح غبن: "ننزح من مكان إلى آخر ونهرب حتى ولو في منتصف الليل، للاحتماء من صواريخ وقذائف الاحتلال، لكن هذه الصواريخ ورانا.. ورانا، وكأن الاحتلال بيعرف وين بنحتمي بالضبط".
وكانت طائرات الاحتلال قصفت أكثر من مرة محيط إقامة أسرة المواطن غبن، ما تسبب بإصابتهم بجروح أكثر من مرة طوال الشهور الماضية.
وقال معقباً على حالة الجوع المستمر الذي يشعر به أفراد أسرته، إن أبناءه لا يتناولون الطعام في الصباح، "بل يتناولون بعض الشاي المر وينتظرون حتى عودتي لجلب بعض الطعام من التكية ومرات مفيش اكل في التكية"، مشيراً إلى أنهم يتناولون وجبة واحدة فقط كل يوم ولا يوجد سواها أصلاً.
ويشعر أفراد هذه الأسرة، كما كافة الأسر في قطاع غزة، بالجوع والعطش أغلب ساعات اليوم، وتحاول النجاة بنفسها من الموت عبر سعيها المتواصل لجلب المياه والأكل، لكنها لا تضمن النجاة بنفسها من قصف الاحتلال.
ولفت غبن إلى أنهم يواجهون متاعب عند الحصول على ماء الشرب، بعدما كانت تصلهم عبر شاحنات توزعها بشكل مجاني، وقال: "الآن لا تصل مياه البلدية ولا مياه الشاحنات، ويتكفل المواطنون والنازحون بجلبها بصعوبة بالغة"، مشيراً إلى أن ابنه الأكبر يقوم بجلبها يومياً حيث يعود بعد مرور ساعات بنصف "جالون" من المياه، وبالكاد يكفيهم للشرب.
وحول إطعام رضيعه قال إن والدته تقوم بإذابة النشا مع قليل من الماء وتدفئته عوضاً عن الحليب غير المتوفر في قطاع غزة. "وحتى إن كان متوفراً في المحال فلا قدرة لدي لكي اشتريه، فالدخل معدوم نهائياً" قال غبن.
وأعرب عن استيائه ويأسه من تفاصيل حياته الممزوجة بالعذاب والخوف من الموت ورعب القصف، حيث تتعرض منطقة سكنه للكثير من القصف الجوي والمدفعي، ويسمع عن استشهاد عائلات بأكملها ويهرب لكي لا تكون عائلته إحداها.
وأضاف: "رغم كل المعاناة وصعوبة الحياة إلا أنني لا أفكر بالانتقال إلى مكان آخر"، معتبراً أن كل قطاع غزة مسرح للموت جوعاً أو عطشاً أو قصفاً.
0 تعليق