عاجل

"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من قلب العدوان والحصار والمُعاناة - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

 

كتب محمد الجمل:

 

تتواصل المُعاناة الناجمة عن استمرار العدوان والحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، إذ تفاقمت معاناة المواطنين، وتعالت الأصوات المُطالبة برفع الظلم عن المواطنين والنازحين.
"الأيام" تواصل نقل مشاهد جديدة من قلب الحصار والعدوان، منها مشهد يرصد لجوء المواطنين لصنع الخبز من المعكرونة والعدس في ظل شح الطحين، ومشهد آخر يُوثق تداعيات أزمة الحطب، ومشهد ثالث يرصد انتشار بسطات إصلاح العُملات في القطاع.

 

خبز المعكرونة والعدس

تعمقت أزمة الغذاء في قطاع غزة على نحو كبير، وباتت غالبية المواد الغذائية الأساسية مفقودة، أو ارتفعت أسعارها على نحو كبير، خاصة الطحين، الذي تجاوز ثمن الشوال الواحد وزن 25 كغم 1500 شيكل، مع تأكيد عبد الناصر العجرمي، رئيس جمعية أصحاب المخابز بغزة أن أكثر من 95% من الدقيق نفد من قطاع غزة، والكمية المتبقية في منازل المواطنين لن تكفي إلا لأيام قليلة، وبعدها سنكون أمام مرحلة تجويع غير مسبوقة في تاريخ المنطقة.
وجراء ذلك بدأ مواطنون يلجؤون لبدائل أخرى لصنع الخبز، منها طحن بعض الحبوب التي يمتلكونها، مثل العدس، والحمص، أو صنع الخبز من المعكرونة.
ويقول المواطن يوسف ماضي: إنه وقبل نزوحه من رفح، تسلم عدة طرود غذائية، غالبيتها تحوي معكرونة، ما أحدث فائضاً لديه من هذا الصنف، وبسبب شح الطحين، حيث لم يتبق لديه سوى 10 كغم، أشار عليه البعض بتجهيز الخبز من المعكرونة.
وأكد أن زوجته تجلب 1 كغم معكرونة، وتقوم بنقعه في الماء لعدة ساعات، وتقوم بتصفية المعكرونة من الماء، ثم تجلب صحناً كبيراً ممتلئاً بالطحين، وتمزجهما معاً، وتعجنهما، والنتيجة خبز جيد، لا يمكن تفريقه عن خبز الطحين العادي.
وأكد أن المعكرونة التي كانت في بيته في رفح، ونقلها معه إلى مواصي خان يونس بعد النزوح أنجدته، وجعلت الطحين القليل يكفيه لمدة أطول، آملاً أن تنتهي الأزمة ويتوفر الطحين من جديد، قبل نفاد ما لديه من معكرونة وطحين.
بينما قالت المواطنة أم عبد الرحمن: إن آخر ما كان لديهم من طحين نفد، ولم يستطع زوجها شراء الطحين بأسعاره الحالية، لذلك جمعت كل ما في خيمتها من عدس أحمر، وحمص، وبعض الفول الحب، ونقلته إلى مطحنة، وقامت بطحنه، وتصنع منه الخبز.
وأكدت أن مذاق الخبز سيئ، وله رائحة غير مُحببة، وأبناؤها يشتكون منه، لكنها لا تملك خياراً آخر، فهو الوحيد المتوفر حالياً لعائلتها في ظل الوضع الراهن.
وأشارت إلى أنها تبحث عن طحين، أو معكرونة، لتقوم بإعداد خبز أفضل لأبنائها، لكنها لم تجد، وتأمل أن تُحل الأزمة في أسرع وقت ممكن.

 

أزمة الحطب

منذ نحو شهرين يضطر غالبية سكان قطاع غزة للاعتماد على الحطب من أجل إشعال النار، لطهي الطعام وتجهيز الخبز، في ظل منع الاحتلال وصول جميع مشتقات الوقود للقطاع، لا سيما غاز الطهي.
ومع طول فترة الحرب، واستهلاك كميات كبيرة من الحطب، بات الأخير نادراً، وارتفعت أسعاره حتى وصل ثمن الكيلوغرام الواحد ما بين 5-7 شواكل، علماً أن متوسط استهلاك العائلة من الحطب اليومي يتراوح ما بين 4-6 كغم، وهذه مبالغ كبيرة، لا تقوى غالبية العائلات على توفيرها.
وقال المواطن محمد الخطيب: إنه لا توجد عائلة في غزة يمكن أن تستغني عن إشعال النار لإنجاز الكثير من الأعمال المنزلية، وهو بات مجبراً على شراء الحطب رغم ارتفاع أسعاره.
وأكد أنه يطلب من زوجته باستمرار البحث عن أكلات لا تحتاج لإشعال النار، وكانوا في السابق يتناولون المُعلبات، لكنها الآن باتت شحيحة، وغالبية أيامهم يأكلون العدس، وهو بحاجة للطهي.
وأوضح أن ارتفاع أسعار الحطب أضاف الكثير من الأعباء عليه، فلا يعرف هل يشتري متطلبات عائلته من الطعام الشحيح، أو يشتري الحطب حيث بات سعره يفوق قدرة معظم الناس.
ويقول المواطن إبراهيم رمضان: إن ابنه خاطر بحياته، وتوجه إلى مواصي رفح، رغم خطورة المنطقة، للبحث عن الخشب والحطب، فالعائلة لم تعد قادرة على شراء الحطب، موضحاً أنه وجد بقايا خيام وأعمدة خشبية مُدمرة، بسبب تكرار دخول جرافات الاحتلال للمنطقة، وتمكن من جلب كمية منها، تكفي العائلة ما بين 3-4 أيام.
وأكد أن أقل عائلة تحتاج ما بين 500-700 شيكل شهرياً من أجل شراء حطب للطهي، وكل يوم تشهد أسعار الحطب ارتفاعاً جديداً، لذلك خاطر ابنه بحياته لجلب كميات منه، موضحاً أن العديد من الشبان والفتية فقدوا حياتهم في قطاع غزة، خلال رحلات البحث عن الحطب هنا وهناك.
ووفق خبراء بيئيين، فإن حاجة الناس للحطب، وإشعال النار خلق كارثة بيئية في غزة من ناحيتين، الأولى تلويث البيئة بسبب الدخان الناجم عن إشعال النار، والثانية بسبب اقتلاع عشرات آلاف الأشجار لإشعال حطبها، سواء أشجار مثمرة أو أشجار زينة، عدا تدمير أعمدة الهواتف والكهرباء، من أجل إشعالها، وهذا أمر كارثي.

 

بسطات إصلاح العُملات

باتت مشكلة العُملات المهترئة والتالفة، والممزقة، من المشكلات التي تواجه المواطنين يومياً، خاصة العملات الورقية، والتي يرفض الباعة قبولها.
وجراء ذلك يُعاني المواطنون، ويضطرون لترك بعض الأوراق النقدية في بيوتهم، بعد عجزهم عن تصريفها.
وبسبب هذه الحالة ظهرت العديد من البسطات المُتخصصة في إصلاح وصيانة العملات الورقية، لتصبح صالحة للتداول بين عامة الناس.
المواطن عبد الله ياسين وضع بسطة صغيرة في مواصي خان يونس، وتخصص في إصلاح الأوراق النقدية، ويستخدم في ذلك عدة مواد، منها اللاصق الشفاف، وسائل "الأسيتون"، المخصص لإزالة الألوان، وغيرها من الأدوات.
ويقول: إنه يستقبل يومياً العديد من الأوراق النقدية البالية، والممزقة، ويعمل على إصلاحها قدر الإمكان، ويرمم التمزيق، ويعيد تجديدها.
وأكد أن أكثر فئتين نقديتين يُطلب إصلاحهما هما ورقة الـ20 شيكلاً، وورقة الـ50 شيكلاً القديمة، بسبب تهالك حالتهما.
وأضاف: إن التجار باتوا يرفضون التعامل بورقة الـ20 شيكلاً بشكل خاص، نتيجة اهترائها الشديد، على غرار عملة الـ10 شواكل المعدنية التي اختفت من السوق قبل نحو 5 أشهر.
وأكد ياسين أن الباعة يرفضون الكثير من الأوراق النقدية، وحال جرى ترميمها باحترافية، يمكن أن تصبح مقبولة في السوق، رافضاً الكشف عن طريقة الترميم، لكنه أكد أن لكل مشكلة طريقة خاصة في إصلاحها.
وبيّن أنه يتلقى ما بين 1-3 شواكل لإصلاح كل ورقة، حسب نوع الضرر وشكله، وحجمه، وهناك أوراق نقدية بالية وممزقة، لا يمكن إصلاحها ولا يقبل أن يجري لها صيانة.
أما المواطن أحمد غازي، فأكد أنه قام بسحب راتبه من أحد الصيارفة بعمولة 30%، واكتشف أن ورقتين نقديتين من فئتَي 20 و50 شيكلاً مهترئتين، وبعد عجزه عن تصريفهما، توجه لبسطة إصلاح عملة، وأجرى لهما صاحب البسطة صيانة بطريقة احترافية، حيث قام بمعالجة التمزيق، وأخفى بعض العيوب، ما مكنه من تصريفهما، واضطر لتصريف ورقة الـ50 شيكلاً مقابل 40 فقط.
وأكد غازي أن آخر شيء توقعه أن يصبح في غزة ورش لإصلاح العملات، فالوضع وصل إلى قمة السوء، مبيناً أنه اليوم يمكن إصلاح وصيانة بعض العُملات، لكن مستقبلاً حال بقي الوضع على حاله، ولم يتم استبدال العملات التالفة، ستنتهي الكثير من الأوراق بسبب كثرة التداول ولن يكون بالإمكان إصلاحها.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق