د. وائل عبدالعال *
تعد المشاريع الصغيرة والمتوسطة من أهم محركات النمو الاقتصادي في الإمارات، حيث تسهم بنسبة 53% من الناتج المحلي غير النفطي. ومع ذلك، تواجه هذه المشاريع تحديات في الحصول على التمويل بسبب اعتمادها على أصول غير تقليدية مثل المعدات التقنية أو الذمم المالية بدلاً من العقارات.
لذلك، جاء القانون الاتحادي رقم 4 لسنة 2020 ليعيد تنظيم الضمانات الائتمانية عبر السماح باستخدام الأموال المنقولة كضمانات، وإنشاء سجل مركزي ذكي يسهل عملية الإقراض ويعزز الشفافية.
واستلهم القانون أفضل الممارسات الدولية مثل نظام الضمانات الأمريكي (UCC-9)، والنظام البريطاني للضمانات، مما جعله نموذجاً حديثاً للتمويل الائتماني.
أبرز مميزات القانون
1. إمكانية استخدام الأصول المنقولة مثل الذمم المالية، براءات الاختراع، العلامات التجارية، البيانات الضخمة كضمانات للحصول على القروض.
2. إنشاء سجل اتحادي مركزي لتوثيق الضمانات، مما يسهل عملية التحقق من الأصول ويحد من المخاطر الائتمانية.
3. تحسين فرص الشركات الصغيرة والمتوسطة في الحصول على التمويل من خلال توفير آلية قانونية واضحة لحماية حقوق المقرضين والمقترضين.
ووفقاً لتقرير مركز دبي لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة لعام 2022:
* 20% زيادة في عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة الحاصلة على تمويل باستخدام الأموال المنقولة كضمانات.
* 15000 ضمان منقول تم تسجيله في السجل الاتحادي بحلول عام 2023.
أبرز المستفيدين من القانون
* الشركات التقنية: استطاعت شركات التكنولوجيا الصحية في أبوظبي الحصول على تمويل عبر رهن أجهزتها الطبية.
* قطاع الطاقة النظيفة: تمكنت شركات الطاقة الشمسية الناشئة من استخدام الألواح الشمسية كضمانات للحصول على قروض، مما أدى إلى تخفيض تكلفة الائتمان بنسبة 15%.
* الشركات غير التقليدية: استخدمت إحدى شركات التعليم الرقمي حقوق منصتها التعليمية كضمان، مما ساعدها على زيادة إيراداتها بنسبة 30% خلال عام واحد.
التحديات التي تواجه القانون
على الرغم من نجاح القانون في تعزيز التمويل، إلا أن هناك تحديات رئيسية تحدّ من تأثيره الكامل:
1. عدم انتشار ثقافة استخدام الأموال المنقولة كضمانات:
* أظهرت دراسة لوزارة الاقتصاد عام 2021 أن 35% فقط من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة على دراية كافية بآليات القانون.
* 50% من الشركات لا تدرك كيفية تسجيل الضمانات أو التفاوض بشأنها مع البنوك.
2. تردد البنوك في قبول الأصول غير الملموسة كضمانات:
* وفقاً لتقرير اتحاد المصارف العربية لعام 2023، فإن 60% من البنوك الإماراتية لا تزال تفرض شروطاً إضافية لقبول الأصول المنقولة أو الأصول غير الملموسة بسبب غياب معايير واضحة لتقييم قيمتها.
3.عدم وجود إطار قانوني واضح لتنظيم وضع اليد المستعجل على الأصول غير الملموسة:
* في حين أن المادة ال 29 من القانون تنظم وضع اليد المستعجل على الأصول الملموسة، إلا أنها لم تغطِّ الأصول غير الملموسة مثل براءات الاختراع والعلامات التجارية، مما يضعف الثقة المصرفية.
مقارنة مع تجارب دولية ناجحة
كوريا الجنوبية
* تصل نسبة القروض المضمونة بأصول غير ملموسة إلى 22% مقارنة ب 12% فقط في الإمارات.
* لديها مراكز متخصصة لتقييم الأصول غير الملموسة، مما يقلل من تردد البنوك في قبولها.
الولايات المتحدة
* يعتمد النظام الأمريكي (UCC-9) على محاكم متخصصة لتسوية المنازعات المتعلقة بالقروض المضمونة، مما أدى إلى تقليل فترة تسوية النزاعات إلى 30 يوماً فقط.
التوصيات لتحسين القانون
1. إطلاق حملات توعوية مكثفة بالشراكة مع اتحاد غرف التجارة والصناعة لتعريف المشروعات الصغيرة والمتوسطة بآليات استخدام الأموال المنقولة كضمانات.
2. إنشاء مراكز متخصصة لتقييم الأصول غير الملموسة على غرار التجربة الكورية، مما يسهل اعتمادها كضمانات ائتمانية.
3. إصدار إطار قانوني لتنظيم وضع اليد المستعجل على الأصول غير الملموسة لتعزيز ثقة البنوك في هذه الضمانات.
4. توسيع نطاق المبادرات الحكومية عبر تقديم ضمانات حكومية جزئية للقروض المضمونة بالأصول غير الملموسة، مما يشجع البنوك على تمويل هذا النوع من الأصول.
5. استخدام تقنية البلوك تشين لإصدار شهادات ضمان مشفرة للأصول غير الملموسة، مما يعزز الثقة فيها كضمانات تمويلية.
اقتراح استراتيجي: إنشاء صندوق اتحادي لدعم المشاريع الصغيرة
لضمان فاعلية القانون، من الضروري إنشاء صندوق اتحادي مستقل لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة عبر:
* تقديم تمويلات مدعومة للشركات الصغيرة التي تعتمد على أصول غير ملموسة.
* توفير معايير تقييم واضحة للأصول غير الملموسة.
* تحفيز البنوك على تقديم قروض بضمان الأصول المنقولة عبر تغطية جزء من المخاطر الائتمانية.
رغم أن القانون الاتحادي رقم 4 لسنة 2020 يعد خطوة محورية نحو تعزيز الشمول المالي، إلا أن تحسينه عبر تطوير البنية التشريعية والتوسع في المبادرات الداعمة سيكون ضرورياً لرفع كفاءته.
* المستشار القانوني بالمجلس الوطني الاتحادي
0 تعليق