25 أبريل 2025, 4:25 مساءً
سلّط أستاذ الطب والعلاج النفسي، البروفيسور أحمد بن نايف الهادي، الضوء على موضوع متزايد الأهمية في الوقت الراهن، وهو لجوء الأفراد، وخصوصاً فئة الشباب، إلى أدوات الذكاء الاصطناعي مثل “شات جي بي تي” للحصول على دعم نفسي، في ظل التطور المتسارع لهذه التقنيات.
وأشار البروفيسور الهادي في لقاء بثته قناة MBC ضمن برنامج “أسبوع MBC”، إلى أن الاهتمام بالذكاء الاصطناعي في مجال الصحة النفسية ليس جديداً، إذ تم تناوله في دراسات ومقالات سابقة تعود إلى عام 2006، بل وتنبأت به الأعمال السينمائية كما في فيلم “Her” الذي صوّر علاقة إنسانية مع مساعد افتراضي.
واليوم، لم يعد هذا السيناريو محض خيال، بل أصبح واقعاً ملموساً مع ظهور تطبيقات المحادثة التي توفر دعما يشبه الاستشارة النفسية.
وأضاف أن دراسة حديثة نُشرت في 27 مارس سلطت الضوء على هذا التوجه، وشملت نحو 210 مشاركاً، حيث كانت جميع الردود التي تلقوها خاضعة لمراجعة الباحث نفسه، ما يدل على محدودية الثقة في هذه الأدوات حتى الآن.
وأوضح أنه من المبكر الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي في الدعم النفسي، وقد يستغرق الأمر عامين إلى ثلاثة أعوام على الأقل للوصول إلى نتائج أكثر موثوقية.
لماذا يلجأ الناس إلى الذكاء الاصطناعي؟
واستعرض "الهادي" الأسباب التي تدفع الأفراد للجوء إلى أدوات الذكاء الاصطناعي للدعم النفسي، أبرزها صعوبة الوصول إلى المختصين، سواء بسبب قلة عددهم، أو طول فترات الانتظار للحصول على موعد، أو بسبب التكلفة العالية للعلاج النفسي في القطاع الخاص. كما أن الوصول إلى أدوات مثل “شات جي بي تي” سهل وسريع، ولا يتطلب سوى هاتف ذكي واتصال بالإنترنت.
وأشار إلى أن زيادة الضغوط النفسية في العصر الحديث، خاصة في المدن الكبرى، تدفع الكثيرين للبحث عن بدائل سريعة للدعم النفسي، موضحاً أن المجتمعات الخليجية، وعلى رأسها السعودية، تتميز بارتفاع نسبة الشباب وانتشار التكنولوجيا، حيث تصل نسبة الوصول إلى الإنترنت في السعودية إلى أكثر من 98%، مما يجعل هذه الأدوات متاحة بسهولة.
المخاطر والتحذيرات
ورغم مزايا الوصول السريع والمجاني، عبّر البروفيسور الهادي عن عدة مخاوف من الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في مسائل نفسية حساسة، أولها أن المستخدم قد يتأخر في طلب العلاج المهني الحقيقي، مما يفاقم حالته.
وقارن ذلك بلجوء البعض سابقاً إلى المعالجين الشعبيين وتأخيرهم في زيارة الطبيب المختص، وهو ما قد ينعكس سلباً على فاعلية العلاج.
كما نبه إلى احتمال وقوع أخطاء في المعلومات التي تقدمها هذه التطبيقات، والتي قد تؤدي إلى نتائج خطيرة، خاصة إذا استخدمت كبديل عن الرأي الطبي، مشيراً الي وقوع حادثة لشخص اقدم على الانتحار بعد استشارة "“شات جي بي تي” "!
وأضاف أن من أخطر المخاوف هو انتهاك الخصوصية، حيث صرّح بعض المستخدمين بأنهم يشاركون معلومات شخصية جداً مع “شات جي بي تي” لا يستطيعون قولها حتى لأقرب الناس أو المعالجين، محذراً من خطورة تسرب هذه المعلومات لأي سبب.
التوعية والتفريق بين الدعم الافتراضي والعلاج المهني
وفي ختام حديثه، شدد البروفيسور أحمد الهادي على أهمية التوعية العامة، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي، رغم تطوره، لا يمكن أن يكون بديلاً عن العلاج النفسي المتخصص.
وبيّن أن بعض المحتوى الذي يقدمه الذكاء الاصطناعي قد يبدو منطقياً أو حتى مشابهاً لنصائح المختصين، لكنه لا يستند بالضرورة إلى أسس علمية دقيقة، ولا يمكن الوثوق به في الحالات الجدية أو المرضية.
وأشار إلى موقف حصل مؤخراً في عيادته، عندما جاءه مريض يعاني من الأرق وقال له إن ما قرأه على “شات جي بي تي” يتطابق بنسبة 70% مع ما أوصى به الطبيب، ليجيبه الهادي بأن هذا التشابه طبيعي لأن المصادر قد تكون مشتركة، لكن دقة التوصيات تبقى موضع شك.
واختتم بالقول إن على المختصين والإعلام مسؤولية التوعية بأن أدوات الذكاء الاصطناعي قد تكون مفيدة أحياناً، لكنها ليست بديلاً للعلاج، ويجب عدم الاستهانة بخطورة الاعتماد عليها بشكل كامل في المسائل النفسية الحساسة.
0 تعليق