«الغارديان»
في زوايا مطارات بريطانيا، وتحديداً في مواقع التدريب على مكافحة الحرائق، تخزن كميات ضخمة من مواد كيميائية شديدة الثبات في البيئة، تعرف باسم «السموم الأبدية»، هذه المواد، التي لا تتحلل بسهولة، بدأت تكشف عن حضورها الثقيل في المياه الجوفية المحيطة بالمطارات، بنسبة تفوق الحدود الصحية بأضعاف مضاعفة.
الأرقام الصادمة التي كشفتها تقارير حديثة أثارت مخاوف الخبراء، ليس فقط من تأثيرها على مصادر المياه، بل من امتدادها إلى النظم البيئية، والتربة، وربما السلسلة الغذائية، ما يجعل من القضية أزمة بيئية كامنة، لم تطرق أبوابها بعد بالشكل الكافي.
كشفت تحاليل بيئية أجريت في 17 مطاراً بريطانياً، عن وجود تركيزات عالية من المواد الكيميائية المعروفة باسم «المركبات الفلورية العضوية»، وهي مواد لا تتحلل في الطبيعة وتبقى عالقة في التربة والمياه لعقود، وتعد هذه المواد من أخطر الملوثات، ويرتبط بعضها بأمراض مزمنة مثل السرطان واضطرابات الغدد الصماء.
وتستخدم هذه المواد في عدد كبير من الصناعات اليومية، مثل أواني الطهي المقاومة للالتصاق والمعاطف المضادة للماء، إلا أن أحد أبرز استخداماتها يتم في رغاوي إطفاء الحرائق، خصوصاً في المطارات.
في مطار لندن لوتون وحده، سجلت أعلى نسبة من هذه المواد، إذ بلغت في إحدى العينات 36.084 نانوغرام في كل لتر من المياه الجوفية، ما يزيد بـ 8 آلاف مرة عن الحد المقترح من قبل الجهات الأوروبية المختصة، والذي لا يتجاوز 4.4 نانوغرام لكل لتر.
وعثر في بعض العينات على مركبات محظورة تعرف بخطورتها العالية، منها «حمض السلفونيك المشبع بالفلور» و«حمض الكربوكسيليك المشبع بالفلور»، وكلاهما مرتبط بأمراض سرطانية ومشاكل صحية خطرة، وإحدى العينات التي أُخذت من «البئر الرابع» في مطار لوتون، أظهرت وجود 24 نانوغراماً لكل لتر من الأول، و39 نانوغراماً من الثاني، في حين تجاوز مجموع المركبات المكتشفة في العينة ذاتها 500 ضعف الحد الأقصى المسموح به أوروبياً.
0 تعليق