الطفولة المبكرة.. وعي يبدأ بالمخاطرة والالتزام - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة
إدارة المخاطر في الطفولة لا تهدف إلى تقييد حرية الطفل أو إثارة الخوف داخله، بل تسعى إلى تنمية إدراكه للمخاطر وتدريبه على اتخاذ قرارات سليمة في بيئته اليومية، وقد أوضحت دراسة نرويجية حديثة (Sandseter & Sando, 2022)، أن تعريض الأطفال لتجارب «مخاطرة محسوبة» يسهم في تحسين تنظيمهم الانفعالي وتقديرهم لحدود قدراتهم. كما بينت دراسة أجريت بجامعة «فكتوريا» أن الأطفال في «مدارس الغابات» الذين ينخرطون في اللعب الطبيعي المفتوح يتطور لديهم وعي أعلى بالمخاطر، إلى جانب تحسن في مهاراتهم الاجتماعية والمرونة النفسية (Obee et al., 2020).

وتُعد ثقافة الالتزام ركيزة موازية لهذا التوجه، إذ يكتسب الطفل من خلالها الانضباط الذاتي واحترام النظام. في بيئة تطبق القواعد بعدالة واتساق، يتعلم الطفل أن الالتزام ليس مجرد طاعة، بل قيمة داخلية تدل على احترامه لذاته وللآخرين. من خلال احترام الوقت، والقيام بمهمات بسيطة، وتنمية الإحساس بالمسؤولية، تتعزز لديه مهارات سلوكية تلازمه في مراحله التعليمية.

ويلعب تكامل الأدوار التربوية دوراً محورياً في ترسيخ هذه المفاهيم؛ فبينما تُعد الأسرة النموذج الأول للسلوك، تسهم الروضة ومرحلة ما قبل التعليم الأساسي في تعزيز تلك القيم من خلال أنشطة موجهة وتفاعلات يومية. وتؤدي المعلمات دوراً فعّالاً في ترجمة هذه المفاهيم إلى ممارسات واقعية، من خلال اللعب، والقصص، والمواقف الحياتية. وقد أوصت دراسة أُجريت بجامعة «برمنغهام»، بضرورة دمج ثقافة إدارة المخاطر والالتزام ضمن المنهج التربوي في مرحلة الطفولة المبكرة، مع التأكيد على أهمية إشراك المعلمين وأولياء الأمور في دعم هذا التوجه بشكل تكاملي ومستدام (Stephenson,2022).

إن ترسيخ مفهومي إدارة المخاطر والالتزام في مرحلة الطفولة المبكرة هو استثمار تربوي طويل الأمد، ليس فقط في حماية الطفولة، بل في بناء شخصية قادرة على اتخاذ القرار، والتفاعل الواعي مع المجتمع، ومواجهة الحياة بثقة وثبات. فالطفل الذي يتعلم أن يكون مسؤولاً عن نفسه، ويعرف حدوده وحدود الآخرين، ينشأ مواطناً واعياً يسهم في بناء مجتمع أكثر أمناً وتوازناً.

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق