أطراف تنمو مجدداً - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

«يو بي آي»

يخفي السمندل، وهو كائن برمائي نادر موطنه الأصلي المكسيك، سراً بيولوجياً مذهلاً قد يغيّر مستقبل الطب البشري، إذ يتمتع بقدرة خارقة على تجديد أعضاء جسده بالكامل، فإذا فقد ساقاً، تنمو من جديد، وإذا تضرر قلبه أو رئته أو حتى جزء من دماغه، تعود الأنسجة إلى حالتها الأصلية، وكأن شيئاً لم يحدث، واللافت أن هذه القدرة لا تضعف مع التقدم في العمر، ما جعله محور اهتمام العلماء منذ سنوات طويلة.
اللغز الذي حيّر الباحثين يتمثل في السؤال: كيف «تعرف» خلايا السمندل ما الذي يجب أن تنمو عليه، هل تبني يداً أم ذراعاً كاملة، ولكن دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة نورث إيسترن الأمريكية، قرّبت العلماء من الإجابة.
أظهرت الدراسة أن جزيء حمض الريتينويك، وهو مركب طبيعي مشتق من فيتامين A، يؤدي دوراً محورياً في توجيه الخلايا أثناء عملية التجديد، ويشبه هذا الحمض في عمله نظام تحديد المواقع GPS، إذ يوجّه الخلايا إلى موقعها ويخبرها بما يجب أن تبنيه بدقة.
ولرؤية هذا الجزيء أثناء عمله، استخدم الفريق العلمي سمندلاً معدلاً وراثياً يتوهج في الظلام عند تنشيط حمض الريتينويك، وبعد بتر أحد أطرافه تحت التخدير، لاحظ الباحثون سلوك الخلايا، وعندما تم إعطاء السمندل دواءً يمنع تكسير هذا الحمض، نمت الأطراف بشكل خاطئ، إذ ظهرت ذراع علوية في مكان الذراع السفلية، أما السمندل الذي لم يعط الدواء، فنمت أطرافه بشكل طبيعي ودقيق.
تكشف هذه النتائج أن حمض الريتينويك ليس مجرد عامل مساعد، بل يعمل كمشرف هندسي على عملية إعادة البناء، إذ تحدد مستوياته العالية أو المنخفضة موقع الخلايا بالنسبة للجسم، ما يسمح ببناء النسيج المناسب في المكان المناسب.
والأمل الكبير يكمن في أن الإنسان يحمل الجينات ذاتها التي يستخدمها السمندل لتكوين أطرافه، لكنها تدخل في حالة «خمول» بعد الولادة، والتحدي الذي يواجهه الباحثون الآن، هو كيفية إعادة تنشيط هذه الجينات لاحقاً، بما يفتح الباب أمام الطب التجديدي لدى البشر.
وربما يأتي اليوم الذي يتمكن فيه الإنسان من إعادة بناء أطرافه المفقودة كما يفعل السمندل بهدوء وبساطة. وحتى يتحقق ذلك، سيبقى هذا الكائن الصغير رمزاً للأمل الطبي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق