حديث متجدد ومستمر ولا يتوقف بين أعداد متزايدة من الناس عن قدرات الذكاء الاصطناعي المدهشة، وتهديده الكبير لمستقبل البشرية، وتحديداً في مجال العمل والإنتاج بشكل أدق. وتكثر الأمثلة المقدمة عن قدرات الذكاء الاصطناعي فتذكر هزيمة بطل العالم في الشطرنج أمام سوبر كمبيوتر من اي بي ام يعتمد على الذكاء الاصطناعي، مما يعني أن المنظومة تفكر وتقرر وتنفذ، وهذا بحد ذاته مخيف جداً. مع عدم إغفال قدرة الذكاء الاصطناعي على القيام بتحليل ميزانية مالية معقدة، وتشخيص أمراض مستعصية، والإدلاء برأي قانوني دقيق للغاية، كل ذلك في خلال ثوانٍ معدودة معتمداً على الكم المعلوماتي الهائل والإرث المعرفي الضخم المتوفر على شبكة الإنترنت وتحليله بشكل عميق والإتيان بالمفيد والمطلوب في لمح البصر. ومن طبيعة الحال أن ذلك يفوق ويتجاوز القدرات البشرية بكثير.
يقول رجل الأعمال الأمريكي الشهير إيلون ماسك إنه لا يزال يعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيكون أذكى من البشر، وسيشكّل خطراً وجودياً. وقال: «لطالما اعتقدت أن الذكاء الاصطناعي سيكون أذكى بكثير من البشر، وسيشكّل خطراً وجودياً. وهذا ما يبدو صحيحاً».
هناك قاعدة من الضروري اتباعها حينما يتم الحديث عن الذكاء الاصطناعي وهي أن الذكاء الاصطناعي لن يحكم العالم ولكنه سيغيره حتماً وللأبد.
كان هناك اعتقاد راسخ لدى عدد غير بسيط من خبراء التقنية الحديثة بأن مهارات الذكاء الاصطناعي المكتسبة لن تكون إلا عنصراً مساعداً لأداء المهمات، ولن يكون لديها القدرة الإبداعية على التصميم والابتكار، ولكن هذا الاعتقاد بدأ يخف ويتلاشى مع نجاح الذكاء الاصطناعي في تأليف معزوفة موسيقية، ولحن متكامل، ورسم لوحة فن، ورسم تشكيلي، وكتابة رواية، ونشر مقالة صحفية، وتصوير وإخراج فيلم سينمائي. وجميعها جاءت بنتائج مذهلة لقيت قبولاً من جماهير ليست بالقليلة لم تكن تعرف دور الذكاء الاصطناعي في تأليف تلك الأعمال.
والسؤال: هل هناك حدود لإبداع الذكاء الاصطناعي؟ سألت نفسي هذا السؤال، وقررت أن أقوم بتجربة مبسطة وخفيفة ومباشرة، دخلت على واحد من أشهر تطبيقات الذكاء الاصطناعي وأعطيته خلفية محددة لمواقف مختلفة، وطلبت منه أن يقدم نكتة أو طرفة أو دعابة بناءً على ذلك. ولم يتمكّن التطبيق، ولكنه عاد إليَّ شارحاً أسباب عجزه عن ذلك بحجج وأسباب متنوعة وكأنها معدة سلفاً. على ما يبدو أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تفتقد إلى روح الدعابة حتى الآن، وقد يتغير هذا الوضع مع الوقت، ولكن قد يكون تطبيقاً ثقيل الظل في أفضل الظروف. عموماً رحلة الذكاء الاصطناعي التي دخلت إليها البشرية تعد بأيام مدهشة تتحقق فيها اليوم وسائل حل لمعضلات رياضية بوتيرة أسرع من قبل، وتشخيص لمسائل معقدة بشكل غير مسبوق، وهذا بحد ذاته يستحق الاحتفاء به.
0 تعليق