عاجل

أهالي الباحة يستعيدون ذكرياتهم في الشبرية والعربات الخشبية في موسم الحج - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة
يحمل عدد من أهالي منطقة الباحة أرشيفًا من الذكريات عن الحج، بقيت خالدة في أذهان كل من عاشها وتعايش معها، لتُروى للأجيال من بعدهم رسالة وصورة من الماضي، لأولئك الذين لم يعيشوا تلك الحقبة، بما تحمله من إرث وماضٍ جميل يعكس حياة الآباء والأجداد.وكان أهالي المنطقة الجنوبية عمومًا، والباحة خصوصًا، ممن يجدون في مواسم الحج قديمًا فرصة للعمل في "الشبرية" والعربات الخشبية داخل الحرم، التي كانت تحتاج إلى رجال أشداء، وتُعد من أبرز الخدمات المقدمة للحاج أو المعتمر آنذاك، وتوارثها الأبناء عن الآباء حتى اندثرت، لتبقى ذكريات عالقة في مخيلة كل من خاض التجربة على مر السنين.
18fd3552-3057-4fb6-826a-10e93960d431
التقت وكالة الأنباء السعودية (واس) عددًا من أهالي الباحة ممن عاشوا تلك التجربة، ورووا ذكرياتهم مع موسم الحج، حين كانت "الشبرية" والعربات الخشبية وسيلتهم إلى خدمة ضيوف الرحمن.

يقول صالح الزهراني -في عقده السادس من العمر- :"لقد عملت في مرحلة الشباب في الشبرية مع والدي لعدة سنوات، وكنا نحمل عليها كبار السن لأداء الطواف والسعي، وما زلت أتذكر نداء (خشب خشب)، الجملة التي كان يرددها حاملوها من الرجال الأقوياء أو الشباب، وفوق رؤوسهم الطائفون؛ ليتمكنوا من المرور بين الحجاج في أثناء الطواف".

وتُصنع "الشبرية" من الخشب القوي الذي يتحمل الأوزان والأحجام المختلفة، وهي عبارة عن سرير خشبي مشدود بحبال القنّب يُحمل عليه شخص من كبار السن أو من الأشخاص ذوي الإعاقة، غير القادرين على أداء الطواف أو السعي، ليتمكنوا من إتمام نسكهم براحة وطمأنينة.

ووفق محمد علي الزهراني، فإن خدمات العربات في المسجد الحرام شهدت تطورًا كبيرًا على مرّ السنوات، إذ كانت في بداياتها عبارة عن كرسي خشبي يحمله عدد من الأشخاص للطواف والسعي بالحجاج والمعتمرين، ثم تطورت إلى عربات يدوية مصنوعة من الخشب والحديد، ومغطاة بالإسفنج الأخضر.

835de089-f6e8-4a16-9acb-4023035b7666

وتوارث كثير من أهالي الباحة تلك العربات التي كانت تحمل رخصة ولوحة رسمية من الجهات ذات العلاقة، وكان يُمكن بيعها ونقل ملكيتها، وتخضع للأنظمة والتعليمات داخل الحرم المكي، وكان الشباب يحرصون على العمل بها خلال شهر رمضان المبارك وموسم الحج، إذ كانت مصدر دخل سنوي لهم بعد الحصول على الرخصة.

ويستذكر سعد الغامدي -في عقده الثامن من العمر- رحلته الأولى للعمل في الحج قبل أكثر من 60 عامًا، قائلًا: "كانت رحلة صعبة وشاقة، بدءًا من البحث عن وسيلة نقل تقلنا إلى مكة المكرمة، ثم الحصول على فرصة عمل في الشباري أو العربات، التي كان العمل فيها مستمرًا على مدار الساعة".

وتُعد "الشبرية" وفق ما يذكره محمد ربيع الغامدي من أشكال المحفّات التي عرفها الإنسان منذ أقدم العصور، إذ حصر الباحثون نحو عشرين شكلًا منها، وتختلف المحفات باختلاف من يحملها أو ما تحمله، فهناك محفّات تحملها الحيوانات كالأفيال أو الجمال، وأخرى يحملها الإنسان.

وعرف أهل الجزيرة العربية أنواعًا متعددة من المحفّات، اختلفت أسماؤها بحسب المحمول عليها، منها "الهودج" المخصص لربّات الخدور، وتحمله الجمال في الأسفار العامة وأسفار الحج، و"المحمل" المنقول على ظهور الجمال لنقل الصرّة الموجهة للحرمين الشريفين وكسوة الكعبة، قبل إنشاء مصنع حديث لها في مكة المكرمة، ومن بين المحفّات أيضًا "الشقدف"، وهو وسيلة تحمل أعدادًا من الحجاج على ظهر الجمل الواحد بتوزيع متساوٍ على جانبيه.

وبفضل من الله ومنذ بدء العهد السعودي، شهد موسم الحج والعمرة تطورًا كبيرًا في مختلف الخدمات؛ حرصًا على راحة ضيوف الرحمن وتمكينهم من أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة، وذلك بفضل منظومة الخدمات المتكاملة التي تقدمها مختلف الجهات الحكومية، بتوجيه ودعم مباشر من القيادة الرشيدة -أيدّها الله-.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق