تعلم أصوات الطيور - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

«ذا كونفرزيشن»

في عالم الطيور، لا تقتصر أهمية الأصوات على الجمال والغناء فحسب، بل تتجاوز ذلك لتكون وسيلة فعالة للتواصل، وبوابة لفهم أعمق للآليات العصبية والسلوكية التي تحكم الكائنات الحية. وفي هذا السياق، قدّم العالمان توموكو فوجي وماساشي تاناكا من جامعة واسيدا اليابانية دراسة، استعرضا فيها الكيفية التي يتعلم بها طائر الزيبرا ذلك الطائر الصغير والملون القادم من أستراليا ألحانه المعقدة ويُتقن تقليد أصوات أقرانه.
لطائر الزيبرا شهرة واسعة بين الباحثين؛ نظراً لما يتمتع به من قدرة فائقة على إنتاج أنماط صوتية معقدة تُستخدم في التفاعل الاجتماعي وجذب الشريك. وسعى العالمان من خلال دراستهما إلى كشف النقاب عن الآليات العصبية والمعرفية التي تتيح لهذا الطائر اكتساب تغريداته وتطويرها، مستندَين في ذلك إلى تقنيات تصوير عصبي متطورة ومنهجيات تجريبية دقيقة.
وركز الباحثان على دوافع التقليد الصوتي لدى طيور الزيبرا، وحدّدا سلسلة من المراحل التي تمر بها أثناء تعلمها التغريد. ومن النتائج المهمة التي توصلا إليها أن التفاعل الاجتماعي يلعب دوراً جوهرياً في تعزيز القدرة على التعلم، إذ تُظهر الطيور ميلاً فطرياً لمحاكاة الأصوات الصادرة عن أقرانها، مما يؤكد البُعد الاجتماعي لهذه العملية.
وعلى المستوى العصبي، سلطت الدراسة الضوء على دوائر دماغية معينة تنشط أثناء تقليد الأصوات، موضحةً التفاعل المتقن بين الإدراك السمعي والتحكم الحركي. كما كشفت عن مرونة دماغية ملحوظة لدى طائر الزيبرا، تتيح له تعديل وتشكيل مساراته العصبية استجابة للمحفزات البيئية، وهو ما يُعدّ عنصراً أساسياً في اكتساب وتطوير التغريدات المعقدة بمرور الزمن.
وتُعدّ هذه النتائج إضافة نوعية لفهمنا لتعلم الأصوات في الطيور، وتفتح المجال أمام دراسات مستقبلية حول الأصول التطورية للتقليد الصوتي والتعلم الاجتماعي. كما تحمل هذه الدراسة تطبيقات واعدة في ميادين علم الأعصاب، وسلوك الحيوان، وحتى الذكاء الاصطناعي، من خلال استلهام آليات التعلم الصوتي الطبيعي في تصميم أنظمة ذكية قادرة على التعلم والتكيف.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق