طالبنا بحل مجلس الشعب بعد صدور 192 حكمًا ببطلان الانتخابات في الدوائر
الأمن حذرنا من خطورة ما نفعله لكننا صممنا على المضي قدما للأمام
رد مبارك على فكرة البرلمان الموازي كان كلمة السر في زيادة احتقان الشارع
هذه ليست قصة حياة، بل شهادة حية على مرحلة تاريخية مهمة، عشت فصولها، انتصاراتها وانكساراتها، حلوها ومرها، اقتربت من صناع هذه الأحداث أحيانًا، وكنت ضحية لعنفوانهم في أحيان أخرى، معارك عديدة دخلتها، بعضها أودي بي إلى السجون، لم أنكسر، ولم أتراجع عن ثوابتي، وقناعاتي.
أروى هذه الشهادات بصدق وموضوعية، بعض شهودها أحياء، والبعض رحل إلى الدار الآخرة، لكن التاريخ ووقائعه لا تنسى، ولا يمكن القفز عليها، وتزوير أحداثها.
فكرة البرلمان الموازي
بدأت فكرة البرلمان «الموازي» بيني وبين النائب المعارض علاء عبد المنعم، دعونا بعض الزملاء من النواب الذين تم إسقاطهم عن عمد في انتخابات 2010، وقررنا الاجتماع في مكتب النائب علاء عبد المنعم بعمارات العبور بشارع صلاح سالم.
وقد شارك إلى جواري والنائب السابق علاء عبد المنعم كل من النواب السابقين حمدين صباحى وسعد عبود ومحمد شردي ومحمد البلتاجي وجمال زهران.
وقد اعترض النائب جمال زهران على الفكرة في البداية، وقال: لا فائدة مع هذا النظام، وأنا أرى أن هذا الإجراء لن يفيد بشيء حاولنا إقناعه كثيرًا، لكنه ظل مترددًا حتى اللحظات الأخيرة.
وبعد أن توافقنا على مهام البرلمان اجتمعنا يوم الخميس 9 ديسمبر وأقمنا وقفة شارك فيها المئات من ممثلي القوى السياسية، حاملين لافتة «باطل» اعتراضًا على الانتخابات الباطلة.

وكان معنا في هذا اليوم كل من حمدين صباحى وسامح عاشور وعلاء عبد المنعم ومحمد العمدة ومحمد شردي ومصطفى الجندي وضياء رشوان ويحي حسين وعبد العزيز الحسيني وكمال أبو عيطة وعبد العظيم المغربي وجمال فهمى ومحمد عبد القدوس وأسامة الغزالي حرب وجورج إسحاق وبهاء طاهر ويحي قلاش.
وطالبنا في هذه الوقفة بضرورة حل مجلس الشعب، خاصة بعد صدور أكثر من 192 حكمًا كلها صدرت ببطلان الانتخابات في العديد من الدوائر.
مؤسسو البرلمان الموازي
كانت الاتصالات من قبل رجال الأمن معنا لا تتوقف، محذرين من خطورة ما يجرى، إلا أننا كنا قد أخذنا العهد على أنفسنا بالمضي قدمًا إلى الأمام مهما كان.
وعقدنا لقاء يوم 13 ديسمبر 2010، واتفقنا فيه على عقد مؤتمر صحفي أمام مجلس الدولة، حيث تم اختياري متحدثًا رسميًا باسم البرلمان الموازي باتفاق الحاضرين.
وبالفعل في 14 ديسمبر 2010، مضينا إلى مبنى مجلس الدولة والذى يقع بالقرب من كوبرى قصر النيل بمحافظة الجيزة، منذ الصباح الباكر، تدفق النواب السابقين والذين تم إسقاطهم بمجلس الشعب 2010، وأعلن 118 نائبًا سابقًا قبلها بيوم واحد انطلاق فكرة البرلمان الشعبي أو «البرلمان الموازي».
كان المؤسسون قد عهدوا إلى إلقاء بيان البرلمان الموازي، بعد أن تم اختياري متحدثًا رسميًا باسم البرلمان.

ردد النواب السابقون اليمين الدستورية على سلالم مبنى مجلس الدولة ردًا على بدء انعقاد الدورة الجديدة التي شهدت تزويرًا فاضحًا للانتخابات، وبعد ترديد اليمين الدستورية ألقيت البيان الذى وقع عليه عدد كبير من المشاركين في إطلاق البرلمان «الموازي» وقلت أمام وسائل الإعلام «إن انطلاق البرلمان الشعبي جاء ليعبر بحق عن الشعب المصري، والتصدي لتجاوزات الحكومة التي تضر بمصلحة المواطنين، وأيضًا لمناقشة القوانين والقضايا العامة، وإبلاغها للرأي العام من خلال وسائل الاعلام واللقاءات الجماهيرية.
وقد ناشدنا الرئيس مبارك في هذا البيان بالتدخل وأعمال سلطاته الدستورية بحل مجلس الشعب الحالي والدعوة إلى انتخابات جديدة في إطار ضمانات حقيقية حرصًا على مصلحة البلاد وتنفيذًا لأحكام القضاء وضمانًا لعدم بطلان الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وتحدث في هذا اللقاء كل من النواب السابقين حمدين صباحي ود.إبراهيم عوارة ومحسن راضي وآخرون، وبعد هذا المؤتمر تصاعدت الحملات الصحفية والإعلامية ضد البرلمان «الموازي» ومؤسسيه، حيث كتب مجدى الدقاق رئيس تحرير مجلة أكتوبر قائلا: «إن البرلمان البديل عمل ينافى العملية الديمقراطية ويعبر فقط عن دعايات الخاسرين، لأنها دعايات لا تأتى إلا من الخاسرين، والشعب قال كلمته وانتهى الأمر».
أما د.جهاد عودة عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني فقال «إن الفكرة عبثية ولا تعبر إلا عن الأشخاص الداعية لها» وغيرهما كثيرون، بدأت فكرة البرلمان «الموازي» تحدث ردود أفعال إيجابية لدى كافة الفئات السياسية والمجتمعية، وقد عقدنا اجتماعًا بعد ذلك في مقر حزب الوفد تحت عنوان «نعم لإسقاط المجلس المزور»، حيث اقترح البعض توسيع فكرة البرلمان الشعبي، وبعد حوارات متعددة تم الموافقة على الفكرة، وأعلن أيمن نور الذى شارك في هذه الاجتماعات دعوة الأعضاء للاجتماع في مقر حزبه «الغد» في وسط ميدان طلعت حرب للاتفاق على الخطوات الإجرائية، يومها أعلنت رفض الذهاب إلى مقر حزب أيمن نور الذى أراد اختطاف الفكرة وتوظيفها لحساباته السياسية.
وبالفعل عقد اجتماعًا قاطعة الكثيرون، وبدأت جماعة الإخوان تحاول هي الأخرى السيطرة على الفكرة حتى جاء الرئيس مبارك، وقال كلمته الشهيرة ردًا على النائب رجب حميدة الذى أثار الموضوع في مجلس الشعب أثناء أداء الرئيس لخطابه تحت قبة البرلمان وقوله «خليهم يتسلوا».
ويبدو أن هذه العبارة كانت كلمة «السر» التي زادت من احتقان الشارع، وأكدت أن الرئيس لا يبالى بأزمات البلاد ولا أحكام القضاء.. وهكذا تطورات الأوضاع بشكل سريع حتى جاءت أحداث ثورة 25 يناير لتشكل صدمة لصناع القرار في مصر.
تلك كانت أحداث الفترة التاريخية منذ البداية وحتى عام 2011، وبإذن الله سيصدر قريبًا الجزء الثاني الذى يتناول منذ هذا التاريخ وحتى اليوم.
وينشر موقع «الجمهور» يوم «الجمعة» من كل أسبوع، شهادةَ الكاتب والبرلماني مصطفى بكري، عن أزمات وأحداث كان شاهدًا عليها، خلال فترات حكم الرئيس السادات والرئيس مبارك والمشير طنطاوي ومرسي والرئيس السيسي.
اقرأ أيضاً
مصطفى بكري: القائمة النسبية مهددة بسبب «مزاج البعض» والمسألة ليست إهدار أصواتمصطفى بكري: المؤامرات تهدف لإجبارنا على قبول التهجير.. ومصر صامدة بإرادة شعبها العظيم
أقوى رد على المشككين.. «مصطفى بكري»: لا أحد يستطيع تجاوز دور مصر في دعم القضية الفلسطينية
0 تعليق