مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ أكثر من 18 شهرًا، تتزايد التحركات الدولية، لا سيما الأوروبية، لمحاولة كبح التصعيد والدفع نحو تسوية سياسية عادلة للقضية الفلسطينية.
في هذا السياق، تباينت تحليلات الخبراء السياسيين حول مدى فاعلية هذه التحركات وقدرتها على إحداث تغيير فعلي في المشهد الفلسطيني – الإسرائيلي المعقّد.
أبو عطيوي: الموقف الأوروبي يجب أن يُبنى عليه بتحرك عربي مشترك
المحلل السياسي الفلسطيني ومدير مركز العرب للأبحاث والدراسات، ثائر نوفل أبو عطيوي، وصف الموقف الأوروبي الأخير تجاه القضية الفلسطينية بأنه "متقدم وإيجابي"، مشيرًا إلى أن دعم بعض دول الاتحاد الأوروبي للمطالب الفلسطينية، ونداءاتها المتكررة لوقف الحرب وفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية، يعكس تضامنًا واضحًا مع معاناة الشعب الفلسطيني.
وفي تصريحات خاصة لـ "الفجر"، قال أبو عطيوي: "هذا الموقف الأوروبي يلقى التقدير من أبناء شعبنا، ويجب أن يُستثمر فلسطينيًا وعربيًا ودوليًا، من خلال تحرك مشترك تقوده جامعة الدول العربية، عبر عقد مؤتمر وزاري عربي لدعم التوجهات الأوروبية وتنسيق المواقف لإحداث ضغط حقيقي على إسرائيل".

ودعا أبو عطيوي إلى بلورة مشروع فلسطيني – عربي – أوروبي مشترك، يهدف إلى وقف العدوان ورفع الحصار وضمان الحقوق الإنسانية والسياسية للشعب الفلسطيني، مشددًا على ضرورة الخروج من الإطار الرمزي إلى خطوات عملية على الأرض، من أجل وقف الحرب وتحقيق السلام العادل وفق مبدأ حل الدولتين.
سعد خلف: التحركات الأوروبية رمزية ولا تملك أدوات ضغط فعالة
من جانبه، رأي الدكتور سعد خلف الباحث في الشؤون الأوروبية أن التحركات الأوروبية، رغم رمزيتها السياسية، لا تزال تفتقر إلى الآليات التنفيذية القادرة على إحداث تأثير ملموس.
أضاف خلف في حديثه لـ "الفجر" أن إشارات بعض الدول الأوروبية نحو الاعتراف بدولة فلسطينية تندرج ضمن محاولات إحياء المرجعيات الدولية، لكنها لا ترتقي بعد إلى مستوى الضغط الحقيقي على إسرائيل.

أوضح خلف: "الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي حول التعاطي مع الملف الفلسطيني، إضافة إلى المصالح الاقتصادية والعسكرية المشتركة مع تل أبيب، تحد من قدرة أوروبا على تبني إجراءات مثل العقوبات أو تعليق الاتفاقيات الثنائية مع إسرائيل".
وأشار إلى أن التحركات الأوروبية تعكس كذلك ضغطًا متزايدًا من الرأي العام الأوروبي، الغاضب من "العدوان السافر على المدنيين الفلسطينيين"، إلا أن هذا الغضب لم يُترجم حتى الآن إلى سياسة أوروبية موحدة وفاعلة.
روسيا: دعم دبلوماسي ودعوة لحوار متعدد الأطراف
وفي محور متصل، تطرّق الدكتور سعد خلف إلى الموقف الروسي، معتبرًا أن موسكو تحافظ منذ عقود على دعم سياسي واضح لحقوق الشعب الفلسطيني، خاصة إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية. وأشار إلى أن السياسة الخارجية الروسية تنص على التوازن في علاقاتها بالمنطقة، حيث ترتبط بعلاقات قوية مع إسرائيل دون التخلي عن دعمها للحقوق الفلسطينية.
وأكد أن الدور الروسي يتمحور حول دعم المفاوضات متعددة الأطراف والدعوة إلى كسر احتكار الولايات المتحدة للعملية السلمية، لافتًا إلى أن تصريحات المسؤولين الروس الأخيرة، وفي مقدمتهم الرئيس فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرجي لافروف، كانت أكثر انتقادًا لسياسات إسرائيل في غزة.
مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتعثر المساعي الدولية لإيقافه، تبرز التحركات الأوروبية والروسية كمؤشرات على وجود رغبة دولية متزايدة للخروج من الجمود السياسي.
ومع ذلك، يرى المراقبون أن هذه التحركات تبقى حتى اللحظة ضمن الإطار الرمزي، ما لم تُدعم بإرادة سياسية واضحة وإجراءات عملية تضغط على إسرائيل للانخراط في حل سياسي شامل يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، وينهي عقودًا من الاحتلال والمعاناة.
0 تعليق