اتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا: خطوة نحو إنهاء عقود من الصراع - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

 


شهدت مناطق شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية على مدى السنوات الماضية نزاعًا داميًا أودى بحياة الآلاف، وأسفر عن تهجير أكثر من 7.8 مليون شخص، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في القارة الإفريقية.
وتُعد حركة "M23" إحدى أبرز ملامح هذا الصراع، إذ تتهم الكونغو جارتها رواندا بدعمها، وهو ما تنفيه كيغالي باستمرار. في المقابل، تتهم رواندا كينشاسا بإيواء جماعات معارضة مثل "قوات تحرير رواندا" (FDLR).

وفي 21 فبراير 2025، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2773 بالإجماع، مؤكدًا على سيادة الكونغو، وداعيًا لوقف الدعم العسكري لكافة الجماعات المسلحة.

 


بداية مسار التهدئة

توسطت دولة قطر في أبريل 2025 لإطلاق محادثات أولية بين الطرفين. وأسفرت تلك الوساطة عن إعلان هدنة مبدئية في 24 أبريل بين الحكومة الكونغولية وحركة M23، ما مهّد الطريق لإعداد مسودة اتفاق بدعم من الولايات المتحدة.

وفي 25 أبريل، عقدت جلسة تفاوض رسمية في واشنطن برعاية وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، وبمشاركة وزارتي خارجية الكونغو ورواندا، تقرر فيها توقيع اتفاق نهائي في غضون شهر.

 


الاتفاق النهائي

في خطوة وصفت بالتاريخية، وُقّع اتفاق سلام شامل بين الكونغو الديمقراطية ورواندا يوم 27 يونيو 2025، في مقر وزارة الخارجية الأمريكية بواشنطن.

أبرز بنود الاتفاق:

1. الاعتراف المتبادل بالسيادة واحترام الحدود.


2. وقف فوري ودائم للأعمال العدائية.


3. انسحاب تدريجي للقوات الرواندية من شرق الكونغو خلال 90 يومًا، مقابل خطوات كونغولية لحل ملف FDLR.


4. تشكيل آلية أمنية مشتركة خلال 30 يومًا، وتعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي خلال 90 يومًا.


5. حل الجماعات المسلحة غير الحكومية، مثل M23 وFDLR، عبر الدمج أو التسريح السلمي.


6. تسهيل عودة اللاجئين والنازحين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بأمان.

 

وقع الاتفاق وزيرا الخارجية:

تيريز كايكوامبا واغنر (الكونغو)

أوليفييه ندهونغيريهي (رواندا)
برعاية وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، وبمشاركة قطرية فاعلة.

 

 

تفاعل دولي وترحيب إقليمي

الأمم المتحدة: رحّب الأمين العام أنطونيو غوتيريش بالاتفاق واصفًا إياه بأنه "خطوة أساسية نحو الاستقرار".

بعثة MONUSCO الأممية في الكونغو: أشادت بتعهدات وقف القتال وتنفيذ الاتفاق.

الولايات المتحدة: اعتبر ماركو روبيو الاتفاق "لحظة فارقة بعد 30 عامًا من النزاعات"، مؤكّدًا اهتمام بلاده بالاستثمار في المعادن الحيوية.

كينيا: وصفت الاتفاق بأنه نقطة تحول في أمن منطقة البحيرات العظمى.

الاتحاد الإفريقي: اعتبر الاتفاق إنجازًا مهمًا، داعيًا لمتابعة التنفيذ وتوسيع السلام الإقليمي.

مصر: رحبت بالاتفاق، مؤكدة دعمها لتحقيق الاستقرار في منطقة البحيرات العظمى، وأبدت استعدادها للمساهمة في جهود التنفيذ ومراقبة التطبيق العملي.

 

 

تقييم وتحفظات

بطء التنفيذ: اختارت الكونغو سياسة الانسحاب التدريجي دون الدخول في مفاوضات مباشرة مع حركة M23، وهو ما أثار تحفظ بعض المراقبين.

السلام مقابل المعادن: اعتبر محللون أن الاتفاق يفتح الباب لمرحلة "السلام مقابل الموارد"، خصوصًا مع تزايد اهتمام واشنطن بمعادن الكونغو الاستراتيجية مثل الكوبالت والليثيوم.

غياب العدالة: دعت منظمات حقوقية إلى إدماج مسارات المحاسبة والعدالة ضمن مراحل التنفيذ، لضمان إنصاف ضحايا الحرب.


في النهاية يمثل الاتفاق الموقع في 27 يونيو 2025 ثمرة وساطة أمريكية – قطرية، ويحظى بدعم دولي واسع. ورغم الأمل الكبير الذي يحمله لإنهاء عقود من النزاع في شرق الكونغو، فإن تنفيذه العملي سيتوقف على مدى الالتزام السياسي، وقدرة الأطراف على تفكيك الميليشيات، وخلق واقع اقتصادي وأمني جديد يراعي العدالة والتنمية.

تحقيق السلام المستدام يتطلب أكثر من التوقيع، بل يستوجب الترجمة العملية لكل بند، بإرادة سياسية صادقة، وضمانات دولية ومجتمعية لإنهاء النزاع من جذوره.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق