???? شاهد «العيد الذي شُنق فيه صدام حسين».. 19 عاما على أسرار فجر الدم من تسريبات "ويكيليكس" - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

من فجر العيد إلى فجر التاريخ.. الذكرى الـ19 لإعدام صدام حسين تفتح الجراح من جديد

في فجرٍ مُفترض أن يتشح بالنور، تصاعدت في بغداد رائحة الموت.
بينما كانت المساجد ترفع تكبيرات عيد الأضحى، وتتهيأ العائلات لصلاة العيد وذبح الأضاحي، كانت أروقة "المنطقة الخضراء" تشهد ذبحًا من نوع آخر.
الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، الرجل الذي حكم العراق بقبضة من نار وحديد، يُقاد إلى المشنقة، مكبل اليدين، محاطًا بمزيج من الحراس الأمريكيين والمسؤولين العراقيين.

لكن ما لم يُعرض على الشاشات، وما لم يُكتب في البيانات الرسمية، تكشّف لاحقًا عبر تسريبات ويكيليكس، ليكشف عن جانب خفي من واحدة من أكثر اللحظات ترويعًا في التاريخ العربي المعاصر.

 مشهد الإعدام: تفاصيل اللحظات الأخيرة

في يوم 30 ديسمبر 2006، الموافق 10 ذو الحجة 1427 هـ، نُفذ حكم الإعدام في صدام حسين بعد إدانته بجرائم ضد الإنسانية، وذلك في فجر عيد الأضحى، الأمر الذي اعتبره ملايين المسلمين حول العالم انتهاكًا صارخًا لحرمة العيد.

تم نقل صدام من معتقله إلى مكان تنفيذ الحكم بطائرة مروحية أمريكية، برفقة وفد حكومي عراقي يتقدمه مستشار الأمن القومي العراقي آنذاك، تم تفتيش الجميع من قِبل القوات الأمريكية بدقة شديدة، وصودرت الهواتف، لكن بعض الحضور خالفوا التعليمات وسجّلوا اللحظة بهواتفهم، مما أدى إلى تسريب فيديو الإعدام، الذي صدم العالم.

صورة من التليفزيون العراقي لحظة الإعدام 

 ماذا قالت تسريبات ويكيليكس؟

وفقًا للوثائق التي كشفتها ويكيليكس في وقت لاحق، فإن:

أمريكا كانت قلقة للغاية من توقيت الإعدام، خشية أن يحول صدام لحظة موته إلى نقطة ارتكاز لتمرد شعبي أو رمز مقاومة. السفارة الأمريكية في بغداد أبلغت واشنطن أن تنفيذ الإعدام في عيد الأضحى قد يُنظر إليه كعمل استفزازي طائفي، وسيفتح أبوابًا للفتنة الطائفية في المنطقة. رغم ذلك، أصرت الحكومة العراقية على التنفيذ الفوري استنادًا إلى فتوى من مرجع ديني تجيز تنفيذ الحكم قبل شروق شمس أول أيام العيد. الوثائق تحدثت عن مفاوضات سرية جرت بين بغداد وواشنطن في الأيام الأخيرة قبل الإعدام، وسط ضغوط أمريكية بعدم تحويله إلى "مشهد انتقام مذهبي"، وهو ما فشلت فيه الحكومة العراقية، وفقًا للتقدير الأمريكي السري.

 المشهد داخل غرفة الإعدام

بدا صدام حسين متماسكًا، رابط الجأش، يردد الشهادتين، لكنّ الهتافات الطائفية قطعت صلاته الأخيرة، قال له أحدهم: "إلى جهنم"، فردّ صدام: "هل هذه هي المرجلة؟" لحظات من التوتر، انزلقت بعدها الأرض من تحته، ومات الرجل الذي حيّر خصومه وحلفاءه معًا.

كان هذا المشهد، حسب الوثائق الأمريكية المسربة، أسوأ كابوس دبلوماسي ممكن، وقد أدى إلى حالة من الغضب والاحتجاجات في العالم العربي، خصوصًا أن الكثيرين رأوا أن طريقة الإعدام لم تكن قانونًا بل "انتقامًا مذهبيًا".

 موعد مع النهاية شموخ ما قبل السقوط.. لحظات صدام الأخيرة تحت حبل المشنقة

رغم أنه قضى سنوات في سجون صدام حسين، لم يستطع المستشار العراقي السابق موفق الربيعي أن يُنكر اللحظة التي وقف فيها أمامه وهو يتجه نحو حبل المشنقة، قال في تصريح لوكالة "فرانس برس" بصوت لا يخلو من التوتر:
"لم أرَ أي أثر للخوف في عينيه."

وقف صدام حسين شامخًا في لحظاته الأخيرة، يصرخ بكلماتٍ تزلزل الصمت الثقيل الذي خيّم على فجر عيد الأضحى:
"الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. عاشت فلسطين.. الموت للفرس المجوس"

06:10 صباحاً.. الساعة التي أعدمت زعيمًا تحطّم عنق صدام ولم ينكسر صوته

كان يتلو آيات من القرآن بصوت ثابتٍ، ووجهه لم يرتجف، وكأنه يواجه مصيره كمن يواجه قدرًا محتومًا لا مهرب منه.
وفي تمام الساعة 06:10 صباحًا، أسدل الستار على رجلٍ حكم العراق بقبضةٍ من حديد منذ عام 1979 وحتى لحظة سقوط بغداد بيد الجيش الأمريكي في 9 أبريل 2003.
تحطّم عنقه، لكن لم ينكسر صوته.
الربيعي، الذي حضر الإعدام بنفسه، احتفظ بالحبل الذي أنهى به صدام حياته، ليصبح شاهدًا على واحدة من أكثر اللحظات جدلًا وألمًا في تاريخ المنطقة.

 ردود الفعل: غضب عربي وصمت دولي

سوريا وصفت الإعدام بـ "المأساة" و"الجريمة التي تمزق وحدة العراق". حماس قالت: "ما حدث هو اغتيال سياسي، لا يمت للعدالة بصلة". ليبيا أعلنت الحداد ثلاثة أيام، وألغت كل مظاهر العيد. منظمات حقوقية دولية، وعلى رأسها "هيومن رايتس ووتش"، نددت بطريقة التنفيذ وتوقيته، معتبرة أنه "تشويه لعدالة لم تكتمل".

 هل كان ذلك عدالة؟ أم رسالة؟ أم تصفية؟

مع مرور السنوات، لا تزال مشاهد إعدام صدام حسين تثير انقسامًا وجدانيًا عميقًا في الذاكرة العربية.
هل نُفذ فيه الحكم باسم العدالة؟ أم كانت رسائل متعددة تُبث بصوت حبل المشنقة؟
هل اختير فجر العيد بعناية كرسالة استفزاز؟ أم كان مجرد خطأ تاريخي؟ ويكيليكس أجابت ببعض الحقائق، لكن الأسئلة لم تنتهِ.

في فجر العيد، سقط صدام حسين جسدًا، لكنه وُلِد رمزًا عند البعض، ووصمة عند آخرين.
وبينما غابت الروح، بقيت المشاهد تُعرض وتُناقش، وملفات الإعدام تُفتح في السر والعلن.
ربما طُويت صفحة الرجل، لكن فجر يوم العيد ذاك، لا يزال مفتوحًا على ذاكرة من دم ودموع وفضائح ما زالت تُسرب حتى اليوم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق